د. عبد العظيم محمود حنفي نتيجة قناعة، أن سوق الكومبيوتر والهواتف الذكية في طريقها للتشبع وضمور معدلات النمو، أولت الدول المتطورة مثل الولايات المتحدة والصين واليابان مزيداً من الاهتمام لصناعة الألعاب الإلكترونية، وهي صناعة محتويات تهدف للتسلية والترفيه والإثارة والإبداع باعتبارها محرك نمو فعالاً ومهماً، وصناعة مستقبلية واعدة.. وتلك الدول المتطورة في مجال صناعة الألعاب الإلكترونية قفزت الآن فعلاً إلى الجيل الثاني من المنصات مثل الواقع الافتراضي والواقع المعزز وحققت طفرات هائلة في ذلك المجال. لذا تشهد السوق العالمية للألعاب الإلكترونية حالياً شراسة في المنافسة، ازدادت حدتها بعد نجاح لعبة بوكيمون جو التي سجلت رقماً قياسياً على المستوى العالمي، حيث بلغ عدد مستعمليها منذ انطلاقها أكثر من ستمئة مليون شخص. بوكيمون جو هي لعبة تجمع بين الواقع المعزز ونظام تحديد المواقع جي بي إس وتقنيات الهاتف الذكي والمحتويات الثقافية، أطلقتها الشركة اليابانية المتخصصة نينتيندو منذ عام 1995. وبدأت تلك اللعبة في الانتشار في الولايات المتحدة الأمريكية وأستراليا ونيوزيلندا، وصارت على قمة تطبيقات شركة جوجل. لعبة بوكيمون ذات ثلاث خواص جذابة، أولها أنها لعبة تطمس الحدود بين المواقع الإلكترونية والأماكن الواقعية الفعلية. ثانيا: هي لعبة تمكّن اللاعبين من العودة لعالم طفولتهم المملوء بالوحوش والعفاريت والمغامرات. وثالثا: أنها لعبة تتيح فرصة المشاركة والتشارك الفاعل للاعبين كمجموعة مغامرة تتحدى بمختلف الأشكال والخطط وحوشاً كواسر افتراضية.. ويعزو المختصون النجاح المدهش لبوكيمون إلى ظهور تقنية الواقع المعزز وليس الواقع الافتراضي فقط ؛ الواقع الافتراضي هو تقنية تعطيك إحساساً وكأنك تعيش في واقع جديد متخيل بفضل ما تخلقه تلك التقنية من صور ثلاثية الأبعاد. وتوجد حاليا محاولات لتأسيس وتسويق ودمج تقنية الواقع المعزز في صناعات عدّة ومتنوعة، من بينها مجال الأثاث المنزلي والسيارات والطائرات. ومن المتوقع أن تنمو سوق تقنية الواقع المعزز بمعدل سنوي يتراوح بين 70% و80%، وسيصل حجم السوق إلى 120 مليار دولار في عام 2020. مما يمثل دافعاً وحافزاً للصناعات في مجال الألعاب الإلكترونية للانطلاق نحو تطور سوق الألعاب الإلكترونية والذكية في المستقبل. ويتوجب على دول الاقتصادات الناشئة ومنها البلدان العربية، أن تسعى لأن يكون لها نصيب في تلك السوق، من حيث براءات الاختراع والتجديد وحقوق الملكية الفكرية في مجالات مثل الواقع المعزز ونظم تحديد المواقع والتلفونات الذكية والمحتويات الثقافية. والبلدان العربية مطالبة كذلك بتطوير وكتابة قصصها ومسلسلاتها وشخصياتها الإبداعية الخاصة وهي كثيرة ومتعددة وثرية، والمعتمدة على الخيال، على غرار هاري بوتر وبوكيمون. فمثل تلك الأعمال الإبداعية ستمكّنها من تطوير قدراتها في مجال منتجات المحتويات الثقافية ذات المصدر الواحد والاستعمالات المتعددة.
مشاركة :