كتب - إبراهيم بدوي: أكد سعادة السيد نزار الحراكي سفير سوريا لدى الدولة أن المرتكز الرئيسي في المفاوضات السورية ما بين أستانا وجنيف هو عدم وجود إرادة دولية لجميع الأطراف لبلورة حل للقضية السورية. وقال إن هناك مسارين متوازيين للمحادثات في جنيف وأستانا، معرباً عن خشيته من أننا أمام سيناريو مكرر لأستانا على غرار جنيف ٤، مضيفاً إن الولايات المتحدة وروسيا اتفقا على الإطار العام حول القضية السورية، لكن لم يتفقا بشأن الجزئيات، خاصة في الفترة الأخيرة من حكم الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما، والآن جاءت الإدراة الجديدة للرئيس دونالد ترامب، وهناك ضبابية حول مواقفه فيما يتعلق بعلاقاته مع روسيا وأولوياته في المنطقة، لذلك ليس هناك تكامل، وإنما توازٍ في مسار المباحثات بين جنيف وأستانا. جاء ذلك في ندوة بعنوان "الأزمة السورية بين جنيف وأستانا.. مسارات الحل السياسي واختلاف المرجعيات"، نظمها مركز الجزيرة للدراسات بالتعاون مع قناة الجزيرة مباشر بمسرح مركز الجزيرة للتدريب والتطوير، وتحدث فيها كل من سعادة السيد نزار الحراكي السفير السوري لدى الدولة وتيسير علوني الخبير في الشؤون السورية وبرهان قور أوغلو أكاديمي وباحث تركي ويفغيني سيدوروف محلل سياسي روسي. وطرحت الندوة عدداً من التساؤلات حول الدور الأمريكي في سوريا في ظل الإدارة الجديدة ومغزى حديث الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن المناطق الآمنة، كما ألقت الضوء على دلالات الغياب العربي عن مفاوضات أستانا وانعكاس ذلك على مسار الأزمة ومستقبل سوريا بشكل عام. رسالة للغرب وأشار السفير السوري إلى أن اجتماع أستانا هو محاولة لقطع الطريق أمام جنيف وإشعار المجتمع الدولي أن هذا الحلف الجديد بين روسيا وإيران وتركيا أقدر على الحل، خاصة أنهم أقرب إلى سوريا من أي جهة أخرى. وأوضح أن هذا الحلف الجديد أراد أن يتوج ما أسماه انتصاراً عسكرياً في حلب بانتصار سياسي في أستانا، وبالتالي هي رسالة للغرب في ظل المصالح المشتركة التى جمعت الدول الثلاث. وقال الحراكي إننا نراقب ما يحدث في أستانا ولا نقاطع، لافتاً إلى تعمد روسيا دعوة الفصائل إلى أستانا، فيما اعتبره مصدر خطر لعدم وجود خبرة سياسية في المفاوضات لدى الفصائل، إلا أنها قبلت الدعوة للحفاظ على وجودها بعد عملية التصنيفات وما يجري من نزاعات بينية بين الفصائل الأخرى. وشدد على أننا نضع أكثر من خط تحت أستانا، لأنها تمثل لنا هاجساً حقيقياً من حيث التوجهات والرؤية والتطلعات. مصلحة السوريين من جانبه، أكد برهان قور أوغلو أن الحلول السياسية التي وجدت الآن للأزمة السورية لن تكون في مصلحة الشعب السوري، لافتاً إلى أن تركيا تهتم بمصلحة الشعب السوري منذ بداية الأزمة السورية أكثر من أي دولة أخرى. وشدد على أهمية تقوية المعارضة السورية على الساحة من جهة وضرورة تقديم المساعدات الإنسانية والإغاثية للشعب السوري من جهة أخرى للتخفيف من معاناته والمأساة التى يعيشها على يد النظام السوري. العقدة الكبرى بدوره شدد تيسير علوني الخبير بالشؤون السورية على أن العقدة الكبرى في مفاوضات جنيف هي مسألة بقاء الرئيس السوري بشار الأسد من عدمه فى المرحلة المقبلة. ونوه بالجرائم ضد الإنسانية التي ترتكبها القوات الروسية الداعمة لنظام الأسد، موضحاً أن القصف الروسي بشكل خاص يستهدف بالدرجة الأولى دائماً المستشفيات ثم المخابز والمناطق التعليمية. سارة ويتسن المديرة التنفيذية لمنظمة هيومن رايتس ووتش: الوضع في سوريا تحول إلى حرب بالوكالة أكدت سارة ليا ويتسن المديرة التنفيذية لمنظمة هيومن رايتس ووتش - قسم الشرق الأوسط وشمال إفريقيا أن كوادر المنظمة تواجه ظروفاً صعبة خلال عملها في مناطق الصراعات في الدول العربية، مرجعة ذلك إلى القمع الذي تمارسه السلطات في تلك الدول. جاء ذلك خلال محاضرة عن واقع المنطقة العربية في الفترة ما بعد الربيع العربي تحت عنوان "النزاعات العسكرية في الشرق الأوسط.. تحول الخريطة وتغير التحالفات"، نظمها معهد الدوحة للدراسات العليا. واستعرضت ويتسن خلال المحاضرة عمل المنظمة في 3 مناطق نزاع عربية؛ هي سوريا والعراق واليمن، معتبرة أن الوضع في سوريا تحوّل من "مطالب شعبية بإصلاحات سياسية" إلى "حرب أهلية ذات صبغة طائفية". وقالت إن تلك الصبغة الطائفية تأججت بسبب الدول الداعمة لكلا طرفي النزاع سواء النظام السوري أو قوات المعارضة، واعتبرت أنها تحولت إلى "حرب بالوكالة". وحول الدور الذي لعبته "هيومن رايتس ووتش" في المنطقة؛ قالت إن المنظمة كانت "الأولى والوحيدة التي نشرت أدلة لا تثبت استخدام السلاح الكيماوي في مدينة الغوطة فحسب، بل نشرت أدلة تؤكد مسؤولية الحكومة السورية عن تلك الهجمات التي ذهب ضحيتها المئات من المدنيين"، والتي اعتبرتها سبباً في إجبار الحكومة السورية على التوقيع على اتفاقية حظر الأسلحة الكيماوية، إلا أنها تستمر في استعمال قنابل الكلور المحرمة دولياً. وأضافت إن المنظمة ساهمت في أرشفة الانتهاكات الواقعة من قبل كافة أطراف النزاع بحيادية تامة، بصرف النظر عن خلفية أي جهة تمارس الانتهاكات، مؤكدة أن الحل في سوريا سيكون ضبابياً لا سيما بعد إبعاد خيار إسقاط الأسد من على طاولة المفاوضات. وفيما يتعلق بالحرب العراقية، اعتبرت ويتسن أن الاجتياح الأمريكي للعراق عام 2003 أزاح ديكتاتوراً وجلب الدمار للعراق، مستشهدة بأرقام الضحايا التي وصلت لأكثر من مليون قتيل خلال سنوات الحرب، وحجم الدمار الحاصل في البلاد، مضيفة إن الحرب ساهمت في إرساء "نظام طائفي بقيادة نوري المالكي" وما نتج عنه من تشدد واستقطاب بين الشيعة والسنة في العراق. وعُرض خلال المحاضرة، فيديو من إنتاج "هيومن رايتس ووتش" يرصد شهادات عراقيين متضررين من انتهاكات المليشيات الشيعية للمناطق السنية، والتي تمثل بعضها في إحراق متعمد وتدمير للبيوت لمناطق ذات أغلبية سنيّة.
مشاركة :