روحاني يبحث عن فرص سياسية لإنقاذ الميليشيات الحوثية من الانهيار العسكري

  • 2/23/2017
  • 00:00
  • 2
  • 0
  • 0
news-picture

تصدرت «الحرب في اليمن» المحادثات التي أجراها الرئيس الإيراني حسن روحاني، مع السلطان قابوس بن سعيد سلطان عمان، وأمير دولة الكويت الشيخ صباح الأحمد الصباح خلال زيارته أخيراً للدولتين، إلى جانب البحث عن فرص لتهدئة التوتر الحاصل، بسبب التدخلات الإيرانية في العديد من دول المنطقة وبخاصة اليمن وسورية والعراق. وطالب روحاني بالبحث عن حل لـ «الوضع غير المناسب للشعب اليمني المظلوم»، وأكد في تصريحات له ضرورة وقف إطلاق النار وإيصال المساعدات الإنسانية وإطلاق حوار سياسي (يمني– يمني) لتسوية الأزمة في البلاد. وتقدم إيران دعماً كبيراً لميليشيات الحوثي المتمردة، من خلال تزويدها بالمال والسلاح والخبراء العسكريين، فضلاً عن الدعم السياسي والإعلامي لانقلاب الميليشيات وحليفها الرئيس السابق علي عبدالله صالح، على السلطات الشرعية في اليمن والمعترف بها دولياً، الأمر الذي أشعل فتيل الحرب في البلاد، ودفع دول التحالف العربي بقيادة المملكة العربية السعودية للتدخل المباشر دعماً للشرعية التي يمثلها الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي. وعلى مدى عامين من الحرب الدائرة في اليمن، تكشفت الكثير من الحقائق المتصلة بالدعم الإيراني للميليشيات الحوثية، بأنواع مختلفة من الأسلحة الحديثة والمتطورة، التي كانت تهربها إيران بحراً إلى السواحل الغربية لليمن على البحر الأحمر، بما فيها صواريخ باليستية وحرارية وطائرات مسيرة من دون طيار، قبل أن تتمكن قوات التحالف والقوات الدولية في البحرين الأحمر والعربي من ضبط عدد من شحنات الأسلحة الإيرانية المتجهة للحوثيين. وقالت مصادر حكومية يمنية لـ «الحياة» أن ميليشيات الحوثي تستعين بخبراء إيرانيين في إدارة العمليات العسكرية، وبخاصة تلك التي تدور على حدود المملكة العربية السعودية، إضافة إلى تدريب المسلحين الحوثيين على المواجهات المسلحة في معسكرات التدريب، والتعامل مع الصواريخ الباليستية بعد أن تكشف فشل عناصر الميليشيات في تنفيذ الهجمات الصاروخية بدقة وفاعلية»، وتقول المصادر إن العديد من الصواريخ التي كان يتم إطلاقها من قبل مسلحي الميليشيات كانت تتساقط قبل أن تتجاوز الحدود اليمنية باتجاه الأراضي السعودية. وهو ما أكده أيضاً محافظ صعدة هادي طرشان الوايلي، وقال إن تواجد عناصر من الحرس الثوري الإيراني و «حزب الله» اللبناني تضاعف مؤخراً في المحافظة، وأوضح في تصريحات صحافية أن هذا التواجد يأتي على شكل خبراء عسكريين يديرون المعارك على الأرض، إضافة إلى عناصر أخرى متخصصة في صناعة المتفجرات والصواريخ الباليستية والحرارية التي استُخدمت مؤخراً ضد قوات الجيش الوطني والمقاومة، وضد أهداف داخل المملكة العربية السعودية، مشيراً إلى أنه تم القبض على عدد من هذه العناصر أخيراً في محافظات صعدة، الجوف، حجة وعدن. وكشفت المعارضة الإيرانية خلال مؤتمر صحافي عقد الأيام الماضية أن النظام الإيراني أنشأ شبكة تضم أكثر من 14 معسكراً داخل إيران، تقوم بمهمة تدريب عناصر وخلايا «إرهابية» خاصة بالمقاتلين الأجانب ومن ضمنها معسكرات خاصة بالمقاتلين الحوثيين، مشيرة إلى أن الحرس الثوري الإيراني وجناحه فيلق القدس هما اللذان يشرفان على تلك المعسكرات. كما سبق واعترفت إيران في شهر آب (أغسطس) الماضي بإنشاء جيش طائفي تحت مسمى «جيش التحرير الشيعي» يقاتل في سورية والعراق واليمن، وقال الجنرال محمد علي فلكي القيادي في الحرس الثوري وأحد قادة القوات الإيرانية في سورية في حوار أجرته معه وكالة «مشرق» المقربة من الحرس الثوري إن بلاده «شكلت جيش التحرير الشيعي بقيادة قائد فيلق القدس قاسم سليماني، والذي يقاتل على ثلاث جبهات في العـراق وسورية واليمن»، وأضاف فلكي أن «قوات هذا الجيش ليست من الإيرانيين فحسب، بل من كل منطقة تشهد قتالاً يتم تنظيم وتجهيز هذا الجيش من شعب تلك المنطقة». إيران - التي أعلنت عقب اجتياح الميليشيات الحوثية للعاصمة اليمنية في أيلول (سبتمبر) 2014 أن «صنعاء أصبحت العاصمة العربية الرابعة في طريقها للالتحاق بالثورة الإيرانية» – لعبت دوراً كبيراً وفاعلاً في الحرب اليمنية، ولم تخفِ أطماعها من وراء هذا الدور المشبوه الذي ساهم بفاعلية في إطالة زمن الحرب في اليمن، حيث قال رئيس هيئة الأركان الإيراني محمد باقري، أواخر شهر تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي في تصريح نشره عدد من وسائل الإعلام «قد يكون لإيران إنشاء قواعد مستقبلية في اليمن وسورية». بيد أن الدور الإيراني الكبير في الحرب اليمنية، لم يتمكن من تحقيق أهم أهدافه والمتمثل في بسط الميليشيات الحوثية سيطرتها الكاملة على مختلف الأراضي اليمنية والإنفراد بالحكم بعد انقلابها المدعوم من جانب الرئيس اليمني السابق علي صالح على نظام الحكم وسلطاته الشرعية، بفعل «تدخل قوات التحالف العربي بقيادة المملكة العربية السعودية، الذي أفشل المخطط الإيراني في اليمن والمنطقة عموماً» وفق المصادر الحكومية اليمنية. وقالت مصادر عسكرية يمنية إن «التطورات الأخيرة على مسرح المواجهات المسلحة، بين قوات الجيش اليمني والمقاومة الشعبية من جهة، وميليشيات الحوثي والقوات الموالية لصالح من جهة أخرى، والتي رجحت فيها كفة الجيش اليمني الذي تمكن بدعم قوات التحالف من السيطرة على أجزاء واسعة من السواحل الغربية لليمن، وفي مقدمها مناطق باب المندب وذوباب ومدينة وميناء المخا وميناء ميدي الواقعة إلى الشمال الغربي من السواحل اليمنية، أثارت مخاوف إيران من سقوط مشروعها في اليمن». وأكدت المصادر التي تحدثت إلى «الحياة» أن «التقدم الكبير الذي يحرزه الجيش اليمني في مختلف الجبهات، وفي المقدمة منها الجبهة الغربية على سواحل البحر الأحمر، من شأنه تضييق الخناق على الميليشيات الانقلابية المدعومة من إيران، والتي تكبدت خسائر فادحة في الأرواح والعتاد العسكري، وفقدت العديد من المناطق التي كانت تسيطر عليها، ما يؤكد قرب سقوط المشروع الانقلابي في اليمن، بخاصة عند تمكن الجيش اليمني من السيطرة الكاملة على سواحل البحر الأحمر وقطع الإمدادات الإيرانية للميليشيات الحوثية بالسلاح والمال في شكل نهائي، والذي يتم تهريبه إليها عبر سواحل البحر الأحمر وموانئ ميدي والمخا والحديدة الواقعة عليه. وتعتقد مصادر سياسية يمنية أن «الخسائر الكبيرة التي تكبدتها ميليشيات الحوثي مؤخراً، رفعت مؤشر المخاوف الإيرانية التي باتت تخشى سقوط المشروع الانقلابي وانهيار الميليشيات في شكل كامل، أمام قوات الجيش اليمني والمقاومة الشعبية المدعومة من دول التحالف العربي»، الأمر الذي جعل الملف اليمني يتصدر اهتمامات المحادثات التي أجراها الرئيس الإيراني حسن روحاني، مع السلطان قابوس والشيخ صباح الأحمد الصباح، في كل من عمان والكويت، إلى جانب تهدئة التوتر الحاصل في العلاقات الخليجية الإيرانية، وتخفيف الضغط والتهديدات الأميركية لإيران التي تعد في نظر واشنطن دولة إرهابية. وقالت المصادر السياسية اليمنية التي تحدثت إلى «الحياة» أن الرئيس الإيراني ومن خلال تصريحاته الأخيرة، سيسعى بكل قوة للحيلولة دون انهيار الميليشيات الحوثية، من خلال تهدئة التوتر الحاصل مع دول الخليج وفي مقدمها المملكة العربية السعودية، والبحث عن فرص جديدة للحوار، بما يفضي إلى تسوية سياسية تحفظ للميليشيات الحوثية مكاناً مقبولاً في الخريطة السياسية الجديدة لليمن والتي ستتشكل عقب توقف الحرب، سواء من خلال الحوار السياسي، أو بالحسم العسكري، في حال فشلت الجهود الداعمة للخيارات السلمية، بدلاً من الخروج نهائياً من المشهد السياسي». ورجحت المصادر ذاتها اعتماد روحاني بدرجة رئيسية على «جهود سلطنة عمان، للعب دور فاعل في إيقاف الحرب الدائرة في اليمن، وإعادة الأطراف السياسية اليمنية إلى طاولة الحوار والمسار السياسي السلمي، إلى جانب الجهود الدولية التي تبذلها الأمم المتحدة ومبعوثها الخاص إلى اليمن إسماعيل ولد الشيخ أحمد»، ولم تستبعد المصادر «حدوث تحول نوعي في الدور الإيراني، لمصلحة التهدئة في اليمن، من خلال الضغط على الحوثيين لوقف القتال، والتعاطي الجاد مع الحوار والمسارات السياسية، باعتبار ذلك يمثل الخيار الأنسب والمتاح في ظل التطورات العسكرية الراهنة التي تصب في مصلحة السلطات الشرعية». وهو ما رجحته أيضاً صحيفة «فايننشال تايمز» البريطانية الخميس الماضي، وقالت نقلاً عن مدير مركز دراسات الخليج في جامعة إكستر مارك فاليري الذي قال إن «إيران بدأت تشعر بأن المد بدأ يتحول»، وأشارت الصحيفة إلى أن محللاً سياسياً إيرانياً قريباً من الحكومة الإيرانية أكد «إن الخطوة الرئيسية الأولى لخفض التوترات مع السعودية وأسهل حل وسط هي اليمن بدلاً من سورية»، ويرى المحلل السياسي الإيراني ان بلاده «على استعداد للتوصل إلى تسوية من طريق خفض مساعدتها للحوثيين».

مشاركة :