حمل الفنان الصيني المعارض آي واي واي، الذي أنجز للتو وثائقياً عن أزمة الهجرة، على طريقة تعامل العالم، خصوصاً الولايات المتحدة في عهد دونالد ترامب، مع المهاجرين الفارين من بلدانهم هربا من الموت والبؤس. وقال آي واي واي: «ما نسميه أزمة المهاجرين هي في الحقيقة أزمة إنسانية، يمكن أياً منا أن يصبح لاجئاً، أنت وأنا». وآي واي واي فنان صيني ذو شهرة عالمية، معروف بمواقفه المعارضة لسياسة الحزب الشيوعي الحاكم في الصين، وكلفه ذلك السجن في العام 2011 ومضايقات كثيرة، منه حجز جواز سفره، إلى أن تمكن في العام 2015 من ترك بلده متجهاً إلى ألمانيا، حيث يقيم حالياً، وحيث أجريت معه المقابلة في مشغله في برلين. وهو جاب مع فريقه 22 بلداً على مدى 12 شهراً، من بنغلادش وكينيا إلى قطاع غزة والحدود الأميركية المكسيكية مروراً بمخيمات اللجوء المكتظة في اليونان، لتصوير فيلمه «هيومان فلو» (تدفق بشري) الذي يوثق أزمة المهاجرين في العالم، والمرتقب خروجه إلى صالات العرض في الصيف المقبل. وقال: «أعتقد أن الأشخاص الذين قيض لهم أن يعيشوا بسلام يجب أن يكونوا أكثر تفهماً لهذه المشكلة». وأضاف: «أظن أن السلام حالة موقتة، لا يمكن أحداً أن يضمن أنه سيعيش دائماً بسلام، إذا نظرنا إلى العالم اليوم، نرى أن الحرب يمكن أن تقع في أي وقت». ويُعرب آي واي واي عن صدمته من توجهات الرئيس الأميركي دونالد ترامب، مثل محاولة منع مواطني سبعة بلدان ذات غالبية مسلمة من دخول الولايات المتحدة، وسعيه إلى بناء جدار عند الحدود مع المكسيك. ويرى أن السياسة الأميركية «محزنة جداً ومزعجة، وتتراجع على صعد عدة»، متهماً ترامب بترهيب جماعات من المهاجرين بوصفهم «إرهابيين أو تجار مخدرات». زار الفنان الصيني الحدود الأميركية المكسيكية مرتين خلال التصوير، واجتاز عمداً المكان الذي ينوي ترامب بناء جدار فيه لمنع التسلل عبر الحدود. ويقول: «تحدثت مع عدد من المهاجرين، تحدثت مع الناس عند الجانب المكسيكي من الحدود، لأفهم من هم، وما السبب الذي يدفعهم إلى العبور إلى الجانب الآخر». وأدرك آي واي واي في جولاته هناك أن «الطرفين يحتاجان إلى بعضهما البعض، وليس صحيحاً أن المكسيكيين فقط هم من يحتاجون إلى الولايات المتحدة». ويشير الفنان الصيني إلى أن اهتمامه بقضية المهاجرين متأثر بما جرى معه ومع والده. ويروي: «حين كنت صغيراً، نفت السلطات والدي» الشاعر آي كينغ، بعدما حل عليه سخط نظام ماو تسي تونغ، مؤسس الصين الشيوعية وصاحب «الثورة الثقافية» التي أودت بالحياة الفنية والثقافية في الصين وجعلت البلاد على حافة الحرب الأهلية. وحكم على والده بالإقامة في «ما يشبه المخيم العسكري في منطقة بعيدة جداً». ويقول: «من أجل ذلك أهتم كثيراً بالأشخاص المجبرين على الذهاب، بملء إرادتهم أو قسراً، إلى أماكن جديدة يعيشون فيها». وسبق أن أقام في الآونة الأخيرة عدداً من المعارض والأنشطة الفنية بين برلين وفلورنسا وأمستردام والجزر اليونانية، لدعم المهاجرين ولفت الأنظار إلى معاناتهم. ويوجه آي واي واي انتقاداً لاذعاً لكل من يعارض دخول المهاجرين إلى بلده بداعي أن «القارب امتلأ»، ويقول: «القارب لم يمتلئ، بل قلوبكم هي التي امتلأت».
مشاركة :