أرجأ المبعوث الدولي ستيفان دي ميستورا افتتاح مفاوضات السلام في جنيف بضع ساعات وأجرى وفريقه لقاءات ثنائية بين وفد الحكومة السورية ووفد «الهيئة التفاوضية العليا» المعارضة وممثلي مجموعتي موسكو والقاهرة. وأعلن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين عشية بدء جولة جديدة من المفاوضات أن هدف روسيا في سورية هو «استقرار السلطات الشرعية» وتوجيه «ضربة حاسمة» للإرهاب. وقال بوتين خلال لقاء مع ضباط الأسطول الروسي العائد من سورية: «لا نحدد لأنفسنا هدف التدخل في الشؤون الداخلية لسورية»، حيث تخوض موسكو حملة عسكرية منذ خريف عام 2015 لدعم نظام الرئيس بشار الأسد. وأضاف حليف نظام دمشق أن لدى روسيا «مهمة الحفاظ على استقرار السلطات الشرعية في البلاد وتوجيه ضربة حاسمة للإرهاب الدولي». وأوقعت الحرب في سورية أكثر من 310 آلاف قتيل وشردت الملايين داخل البلاد وخارجها. وتابع بوتين وفق لقطات بثها التلفزيون الروسي: «كلما تم الإسراع في التوصل إلى حل سياسي ازدادت فرص المجتمع الدولي لإنهاء طاعون الإرهاب على الأراضي السورية». وأسفر التدخل العسكري الروسي في سورية عن تغير المعادلة الميدانية لمصلحة الجيش النظامي السوري الذي كان يواجه صعوبات مع الفصائل المعارضة. وفي كانون الثاني (يناير) الماضي، قررت روسيا سحب حاملة طائراتها من المياه السورية، بعد أن أعلنت في كانون الأول (ديسمبر) أنها «ستخفض» وجودها العسكري في سورية. وأشاد بوتين بالأسطول الذي يضم خصوصاً حاملة الطائرات الوحيدة في الخدمة، أميرال كوزنتسوف، مؤكداً أنه ساهم «في توجيه ضربة كبيرة للجماعات الإرهابية» وفي «تهيئة الظروف لمواصلة مفاوضات السلام بين الحكومة السورية والمعارضة المسلحة». واعتبر أن البحارة الروس ساهموا من خلال مهمتهم في سورية «بشكل مباشر في ضمان أمن روسيا». وتقول أجهزة الأمن الروسية إن «نحو أربعة آلاف مواطن روسي وخمسة آلاف مواطن من جمهوريات الاتحاد السوفياتي السابق» يقاتلون في صفوف المتطرفين في سورية ما يشكل «خطراً كبيراً» بالنسبة إلى روسيا وفقاً لبوتين. وكان مقرراً أن تعقد جلسة عامة من مفاوضات جنيف التي سيتوجه دي ميستورا إلى المشاركين في المفاوضات بكلمة ترحيبية، في الساعة الثالثة بعد الظهر، لكنه تم تأجيل الاجتماع إلى حين الوصول إلى صيغة لافتتاح المفاوضات. وقالت مصادر في الوفود المشاركة، بحسب موقع «روسيا اليوم»، إن «الغموض لا يزال يكتنف صيغة الحوار بعد الافتتاح الرسمي للمفاوضات، ولم تعلن الأمم المتحدة إلى ساعة مـتأخرة عن خطط لعقد مفاوضات مباشرة بين الحكومة والمعارضة». وأعلن المتحدث باسم وفد الهيئة العليا للمفاوضات السورية المعارضة سالم المسلط، أن الهيئة تطالب بعقد مفاوضات مباشرة مع وفد الحكومة السورية. ويضم الوفد المعارض 22 شخصاً، يمثل نصفهم فصائل المعارضة المسلحة. ويترأس الوفد عضو الائتلاف الوطني نصر الحريري، فيما تم تعيين محمد صبرا كبيراً للمفاوضين. أما بشار الجعفري، رئيس وفد الحكومة، فامتنع عن أي تصريحات صحافية بعد وصوله إلى جنيف بعد ظهر الخميس، ولم يتحدث عن إمكانية إجراء حوار مباشر. ويضم وفد الحكومة 11 عضواً، وكان دي ميستورا قد أعلن أن المفاوضات، وفق مقتضيات القرار رقم 2254، ستركز على مسائل تشكيل حكومة غير طائفية تتمتع بالثقة، وجدول إعداد مسودة الدستور الجديد، وإجراء انتخابات نزيهة وفق الدستور الجديد تحت إشراف الأمم المتحدة. وأكد أن «الشعب السوري هو الوحيد الذي يحق له إقرار المسائل المتعلقة بدستوره الجديد». وأضاف: «لا أتوقع تحقيق اختراق، مباشرة، في سياق هذه الجولة من المفاوضات، بل أتوقع إجراء مزيد من الجولات، ستتناول بشكل مفصل بقدر أكبر المسائل الضرورية للتسوية السياسية في سورية». ووصل مفاوضون سوريون بشكل منفصل للقاء دي ميستورا في جنيف الخميس. ووصل الجعفري وكذلك الحريري رئيس الوفد المفاوض للمعارضة كل على حدة إلى مقر الأمم المتحدة في جنيف لاستئناف المفاوضات التي جمدت منذ نيسان (أبريل) 2016. وحضر يحيى قضماني القيادي بالمعارضة بصحبة الحريري.
مشاركة :