خواطر في العقل والنقل

  • 2/24/2017
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

عبداللطيف الزبيدي هذه من أمّهات القضايا الفكرية. هل سعى أهل النظر إلى التنقيب عن جذور عدم أهلية العقل العربيّ للبحث العلميّ؟ معضلة ظلت على مرّ القرون لا تلقى من يعكف على دراستها، في حين أنها أمّ العقبات الحضاريّة. لكي نفهم الواقع، يجب أن نفهم بنيان ماضيه. ذلك هو سبب مآزق الحاضر. الفخ الذي نصبته المخططات الخارجية للعرب، بوساطة بعبعي التطرف والعنف. السمة الغالبة على طريقة تفكير العقل العربيّ هي النقل لا العقل. خذ النقل كآلية مجردة، إنه بالضبط: إنّا وجدنا آباءنا على أمّة وإنّا على آثارهم مقتدون. هذا يحول دون البحث العلميّ. الحدث الكبير بعد الجاهليّة، هو مجيء الإسلام، والحدث التلاقحيّ بعد مجيء الإسلام هو نقل الفلسفة اليونانية إلى العربية، فظهر علم الكلام، أي الفلسفة من قاعدة إسلامية. لم يتجدّد العقل العربيّ ويكتشف فضل العقل على النقل. كل الذين حاولوا تحرير العقل العربيّ اتهموا بالزندقة والكفر، فظل النقل هو السائد، وأضيف نقل أخطاء اليونانيّين في الفلسفة والعلوم. لقد أغلق النقل كل أبواب البحث العلميّ، فلم نر أي تقدم يذكر على طريق إرساء نظام أو أنظمة سياسية لتسيير شؤون الحياة العامة، واحترام حريات الفرد والمجتمع. وقد أدّى ذلك عبر القرون إلى هزائم كبرى وأشكال شتى من الانهيارات إلى آخر ما نرى. وكانت النتيجة التي أسفر عنها النقل والتمسك بالتقاليد، بدعوى أنها الأصالة، هي التذرّع بالاجتهادات الخاطئة في تأويل ابتسارات منتقاة، لتطبيق مشاهد جاهلية، على الحياة التي يفترض فيها أن تكون متخلقة بأخلاق القرآن. لم نر نخبة من العقلاء المفكرين، يجتمعون ويقررون إرساء نظام سياسيّ على أساس العدل والمساواة واحترام العقل والعلاقات الإنسانيّة والانفتاح. في المقابل أدى سوء فهم التعاليم إلى تأليه النظام السياسيّ، وهو ما فسروا به الاستخلاف في الأرض. صارت السلطة هي إرادة الله. تبخرّت مسؤولية الفرد، والمشاركة في القرار، وانحصر العلم في علوم النقل. ألغيت حقوق المرأة حتى في التعليم، بينما كان العلم فريضة عليها. غدت الفنون من المحرّمات. صارت المصائب المصيرية تفسّر بأن وراءها حكمة إلهية. كيف يكون حبّ الوطن من الإيمان، إذا أنت تركت الغزاة يغزون ويحتلون ويقتلون ويدمّرون؟ كيف تدّعي الإسلام وأنت ترى أن العدل الإلهي قضى بذلك؟ ألهذا الدور السلبيّ المتنصل من المسؤولية استخلفك الله في الأرض؟ لزوم ما يلزم: النتيجة الاختيارية: لن يتغير شيء إذا لم يغير القوم عقلية النقل إلى العقل. abuzzabaed@gmail.com

مشاركة :