كما كان توقيفه في 7 ابريل 2014 حدَثاً تَداخل فيه السياسي بالقضائي، فإن إطلاق سراح رجل الأعمال اللبناني بهيج ابو حمزة المسؤول المالي السابق للزعيم الدرزي النائب وليد جنبلاط وزوج الاعلامية منى أبو حمزة حملتْ بدورها أبعاداً أطلّت على السياسة من بوابة «اللحظة» التي حصلت فيها بعد أشهر قليلة من بدء عهد الرئيس اللبناني ميشال عون واستشعار «بك المختارة» (جنبلاط) بأن مرحلة توجيه «الرسائل» المتعددة الاتجاه اليه تتوالى، بعدما بدأتْ من خلال ملامح محاولة «تقزيم» قدرة تأثيره في المشهد اللبناني عبر قانون الانتخاب الذي يُعمل على استيلاده.ورغم أن الإفراج عن ابو حمزة أول من أمس بكفالة، مع منْعه من السفر لضرورات التحقيق في الدعاوى التي لا تزال عالقة بحقّه أمام القضاء والتي رفع جنبلاط غالبيتها ضدّه (كان بلغ مجموعها 17) بجرم الاحتيال واختلاس أموال وإساءة أمانة، وُضعت في سياقٍ «تقني» هو انتهاء فترة التوقيف الاحتياطي في آخر قضية مرفوعة بحقّه، فإن البيان الذي أصدره النائب جنبلاط بعد إطلاق مَن كان لأعوام طويلة بمثابة «الأمين» على أملاكه وعقاراته وأمواله، عكس تعاطي الزعيم الدرزي مع هذا التطور من زاوية سياسية هو الذي أكد ان محاكمة أبوحمزة «مستمرة حالياً بإحدى عشرة دعوى»، معلناً «اننا نتطلع دائماً لأن يحافظ القضاء على استقلاليته بعيداً عن أي تدخلات سياسية من هنا وهناك، وأن يستكمل النظر في القضايا المرفوعة ضد المُدعى عليه إحقاقاً للحق وصوناً للعدالة».وفي موازاة حرص عائلة ابو حمزة «وحملة دعمه» التي نشطت طوال فترة توقيفه على التركيز على «توقيفه الاحتياطي أي على ذمة التحقيق وبلا أحكام فيما أقصى عقوبة في الأمور المنسوبة إليه في حال ثبوتها هي ثلاث سنوات»، فقد تعمّد النائب جنبلاط التذكير «بأن منع بهيج أبو حمزة من السفر خارج الأراضي اللبنانية يدل على ثبوت الأدلة بحقه وذلك في انتظار البت بالدعاوى التي لا تزال بمرحلة المحاكمة» ، وبأن أبو حمزة «كانت تمّت إدانته في ملف آخر بجرم إساءة الأمانة بحكم صادر عن القاضي المنفرد الجزائي في بيروت الذي حكم عليه بالحبس لمدة سنتين وبإلزامه بأن يدفع مبلغ (ثلاثة ملايين وأربعمئة وخمسون ألف دولار أميركي) لنادي الصفاء (والملف في مرحلة الاستئناف)»، ومشيراً الى «ستة قرارات ظنية صدرت بجرائم إساءة الأمانة والاختلاس والاحتيال، وتمّ الادعاء عليه في ثماني دعاوى من النيابة العامة المالية بجناية الإفلاس الاحتيالي(...)».على ان بيان جنبلاط، لم يمنع أبو حمزة بعيد خروجه وعودته الى منزله من اعتبار انه خرج من فترة السجن التي أمضى وقتاً طويلاً منها في المستشفى بسبب مشاكل في القلب شكّلت في مراحل عدة خطراً على حياته، «ناصع الجبين مظلوماً، ولم يترك مجالاً لأحد كي يعيّر أولاده بأن أباكم حرامي».وكانت «المفارقة الأبرز» ان زوجته الإعلامية منى ابو حمزة التي لم تلتقِ به إلا لدقائق قليلة بعد تخليته لانشغالها بتقديم اولى حلقاتها المباشرة من برنامجها «حديث البلد» على شاشة «ام تي في» (ليل الخميس)، استضافته عبر البرنامج حيث كان له «اول الكلام» بالصوت والصورة، ولكن من دون ان تقوى الزوجة، التي حملتْ قضية شريك حياتها على مدى 3 أعوام ورفعت الصوت دفاعاً عنه، على مُحاوَرته تارِكةً المهمة لـ «الضيف الدائم» معها ميشال ابو سليمان.وقد اكد ابو حمزة «انّ اليوم الأول من السجن، أي قبل ثلاث سنوات، حمل اللحظات الأصعب، مؤكداً أنّ القرار كان الصمود، ومعلناً «تعلّمتُ أنه لا بدّ أن تظهر الحقيقة للقضاء اللبناني»، ومشدداً على شوقه لزوجته وتقديره الدور الذي أدّته في الوقوف إلى جانب عائلتها. وعما سيفعله في اليوم التالي، قال: «أنتظر عودة أولادي من السفر، لأمضي وقتاً معهم، أشمّ رائحتهم وأقبّلهم».أما منى أبو حمزة فاكتفت بشكر أبو سليمان على «إنقاذه الموقف»، مؤكدة أنّها تعلّمت من زوجها الصبر والحكمة وطول البال، «أنت الذي لم تتكلّم يوماً بالسوء لمَن كانوا أقرب الناس إليك وظلموك».
مشاركة :