كشفت الشابات السعوديَّات عن براعة فائقة في تقديم الخدمات الفندقيَّة، على الرغم من أنَّ غالبيتهنَّ طالبات جامعيَّات، وخريجات تخصُّصات بعيدة -كلَّ البُعدِ- عن مجال العمل الفندقي. وحسبما أشار عدد من مديري الفنادق العالميَّة التي افتتحت سلسلة من فنادقها بالمنطقة، فإن السعوديَّات حققن نجاحًا باهرًا في كافَّة مجالات الضيافة الفندقيَّة، حيث أثبتن جديَّة والتزامًا وحرفيَّةً في العمل تفوق نظرائهنَّ من الشباب، رغم حداثة عهدنَّ بهذا القطاع.. وأصبحن لا يرضين بغير هذا العمل بديلاً حتَّى أنَّ إحدى خريجات إدارة الأعمال أكَّدت بأنها ترفض أيَّ وظيفة إداريَّة مهما كانت مغرية، مقابل وظيفتها الفندقيَّة الحاليَّة.عدسة «المدينة» رصدت خلال جولةٍ على بعض أشهر فنادق جدة، ديناميكيَّة الموظفات وجديتهنَّ في العمل بين أروقة الأقسام المختلفة.بدايةً، قالت بدور طلال حجازي «مديرة الموارد البشريَّة في فندق أصيلة»: تغيَّرت الصورة النمطيَّة القديمة للتوسُّع في فتح آفاق وظيفيَّة أمام السيدات، ودليل ذلك أنَّ عائلتي هي أول وأكبر داعم لي في الوصول إلى ما أنا عليه الآن من إنجاز وظيفي، لم تكن تناله السيدة السعوديَّة في السابق، إلاَّ في أضيق الحدود، وبشق الأنفس، وكذلك لدينا نماذج رائعة ومشرِّفة من أولياء أمور الموظفات في الفندق، فالجميع يفخر أهلهنَّ بهنَّ وبوظائفهنَّ في مجال السياحة والفندقة؛ ممَّا أعطى للشابات دفعةً معنويَّةً قويَّةً، دفعتهنَّ للعمل بأريحيَّة، وبالتالي تحقيق الإبداع في العمل.وأكَّدت حجازي على أنَّ فندق أصيلة يستقطب الشابات والشباب السعوديين من مختلف الأعمار، ومن مختلف التخصُّصات، ويركِّز في اختياره لموظَّفيه على القدرات والمهارات والخبرات أكثر من إيمانه بالشهادات والدرجات العلميَّة.التقت «المدينة» بمجموعة من الموظَّفات في الفندق من مختلف الأقسام، وكان اللافت في الفندق أنَّ طاقم العمل في المطبخ يتكوَّن من 30%من السعوديَّات، و70 %من السعوديين المتدرِّبين والمتدرِّبات على يدِ أمهر الطبَّاخين العالميين من جنسيَّات مختلفة.بداية تقول السيدة آمال سلامة (53 عامًا): كنتُ أعملُ في مجال الطبخ المنزلي منذ حوالى 27 سنة، وعملتُ بعد ذلك في عدَّة شركات للأغذية، وتدرجتُ إلى أنَّ تمَّ استقطابي للعمل في فندق أصيلة، وأنا الآن أشعر بقيمتي أكثر من أي وقتٍ مضى، بعد أن أُتيحت لي دورات تطويريَّة، فضلاً عن بيئة عمل ممتازة.شيف الحلوياتوقالت «طالبة الانتساب في جامعة الملك عبدالعزيز» نرجس عجب نور 21 سنة: وظيفتي في الفندق هي شيف حلويات، وفخورة جدًّا بكون أرباب العمل في بلدي بدأوا يؤمنون بقدرات الشابات السعوديَّات، ويتيحون الفرص لهنَّ لإثبات مهاراتهنَّ، فقد كنتُ أعملُ سابقًا في مطعم إيطالي، وانتقلتُ للعمل في فندق أصيلة بتوصية من مديري؛ بناءً على هوايتي، وبعد اجتيازي اختبار القبول تمَّ قبولي بعيدًا عن طلب أيِّ شهادة تخصُّصيَّة، ودرج الفندق منذ البداية -ولازال- على دعم قدراتنا بإضافة المزيد على خبراتنا من خلال الدورات المستمرة والتي تُعتبر دراسة بحدِّ ذاتها.بوابة المستقبلووافقتها الرأي الشيف بدور راشد 25 سنة، وهي خريجة دبلوم سياحة وفندقة، حيث أكَّدت على أنَّ الفندق أضاف إليها الكثير، واعتبرته بوابة ضخمة للعبور إلى المستقبل.لا للوظيفة الإداريةأمَّا الشيف أسماء خالد نهاري «خريجة إدارة الأعمال من جامعة الملك عبدالعزيز» فتقول: لا أطمحُ أبدًا في التخلِّي عن وظيفة الطهي من أجل وظيفة إداريَّة، فالاستمتاع في العمل هو سر الإبداع، وأنا أجد متعتي في المطبخ الفندقي منذ 3 سنوات.تنسيق الحجوزاتمن ناحية أخرى عبَّرت «طالبتا الانتساب» غدير أحمد، وليلى محمد عن خالص امتنانهما للفندق لما قدمه لهما من خدمة هيأتهما لرسم مستقبلهما، وذلك بتوظيفهما في استقبال المطعم، وتنسيق الحجوزات عبر الهاتف.وتضيف خلود السيد «خريجة إدارة الأعمال»، والتى تعمل في مجال خدمة الغرف: نقوم في القسم باستقبال طلبات العملاء في الغُرف، ونوجه العاملين لتلبيتها وتنفيذها على وجه السرعة والدقة.جواهر حسن «خريجة شريعة إسلاميَّة»، ومشرفة قاعة الاحتفالات بالفندق قالت: لم يمنعني تخصُّصي من خوض مجال أحببته، وبيئة عمل واعية مثقفة، تؤمن بالقدرات، وتقدر الإبداعات وتنميها، حيث يبدأ عملي من حجز القاعة، مرورًا بالتنسيقات والتجهيزات -حسب المناسبة-.حمدان: الخبرات واللغات والإجادة والتميز عماد الوظائف الفندقيةوبيَّنت مشرفة أقسام السيدات بفندق انتركونتيننتال جدَّة «ابتسام حمدان» أنَّه توجد في الفندق موظفات سعوديات مؤهلات في مختلف الأقسام، فهناك قسم التدريب حيث تشرف فيه الموظفة على تدريب الشابات للعمل، وقسم المحاسبة، والذي يقع ضمن مهامه تسديد الفواتير للشركات، وقسم علاقات الضيوف الذي يُعنى بالعملاء وعضوياتهم من بداية النزول وحتى الخروج من الفندق، وكذلك قسم الحجوزات وتنسيق الحفلات، و«الكول سنتر» لتحويل المكالمات داخليًّا وخارجيًّا.وتؤكد حمدان على أنَّ الفندق يضم نخبة من الشابات المبدعات بما يملكن من خبرات ولغات بعيدًا عن المؤهلات، فهناك مستويات مختلفة ما بين المتوسطة والثانويَّة والجامعيَّة، وعماد الوظيفة هو الإجادة والتميُّز.الرفاعي: خصصنا الكثير من الشواغر للفتيات ونطمح للتوسع مستقبلاً بطرح المزيد من الوظائف النسائيةمن جانبه أشاد «مساعد المدير العام ومدير الموارد البشريَّة والعلاقات العامَّة بفندق انتركونتيننتال» محمد الرفاعي بإنجاز الموظفات في الفندق من مختلف الأقسام، حيث قال: لو لم نكن نؤمن بقدرات الشابات السعوديَّات على الإبداع في مجال الخدمة الفندقيَّة لما خصصنا لهنَّ شواغر في الوظائف، فالشابات الآن أصبحن يسجلن نجاحات وجدية والتزامًا في العمل توزاي، وقد تفوق الشباب، ونطمح مستقبلاً في التوسُّع بطرح وظائف لهنَّ في مختلف الأقسام، وإتاحة الفرصة أمام السعوديات لإثبات جدارتهنَّ.
مشاركة :