تركز في فضائنا البصري صور ثقافية للمشاهير، من مثل نظارة طه حسين، وعصا توفيق الحكيم، وشماغ حمد الجاسر (حيث يضع طرفي الشماغ خلف أذنيه في حركة تلازمه في كل ظهور له) وطاقية الجواهري، وهي صور حسية تناقلتها الصحافة، ثم التلفاز وترسخت عندنا بوصفها صوراً استقبلتها العيون واختزنتها الذواكر، حتى ارتبطت أسماء أصحابها بهيئات صورهم وتميزت بها، وكلما تذكرت أحداً من هؤلاء فستتذكر الصيغة التي ثبتت مع صورته عندك، وهذا نمط اتصل بزمن الوسائل الحديثة من جرائد تظهر صور هؤلاء، أو تلفزيون يختصر الشخصية بصورة مترسخة، وفي القديم كانوا يستخدمون الكلمة الواصفة لتعطي الشخصية صيغتها المتصورة فجاء الجاحظ لتحل الصفة بديلاً عن اسمه حتى لتنسى الذاكرة اسمه وتتذكر كلمة (الجاحظ) دون أن تعي أنه وصف لجحوظ عينيه، ومثله الفرزدق، وهي وصف لوجهه الذي يبدو وكأنه رغيف خبز لكثرة نتوءاته، والكلمة في أصلها فارسية تعربت خصيصاً للفرزدق الذي مر اسمه على التاريخ عبر هذه الصفة دون أن يعرف أحد اسمه الحق، أو يلحظ أن هذه الكلمة هي توصيف ساخر لحال وجهه ولو كان أي منهما في عصر الثقافة البصرية لبقي على اسمه الأصل ولصارت صورته تغني عن إطلاق وصف عليه يلتصق به حتى ليكون اسماً له.
مشاركة :