بعد إعلانها تحرير مطار الموصل، وتطهيره من مسلحي «داعش» بشكل كامل، تقدمت قوات الشرطة الاتحادية وقوات الرد السريع التابعة له باتجاه حي الطيران، أول أحياء جنوب الموصل، وتمكنت من اقتحامه، بينما دخلت قوات جهاز مكافحة الإرهاب بعد تحرير معسكر الغزلاني إلى حي المأمون، أول أحياء جنوب غربي المدينة. وقال قائد الشرطة الاتحادية، الفريق رائد شاكر جودت، لـ«الشرق الأوسط»: «اقتحمت قطعات الشرطة الاتحادية حي الطيران، وتمكنت من التوغل فيه، وقتلت 50 إرهابيًا، ودمرت 25 عبوة ناسفة، وعثرت على 145 مقذوفًا، خلال عمليات تحرير الحي»، كاشفا أن الشرطة الاتحادية تبعد نحو كيلومتر واحد عن حي الدواسة، في مركز مدينة الموصل، حيث المباني الحكومية. وأضاف قائد الشرطة الاتحادية: «قوات فرقة مغاوير النخبة قتلت الإرهابي عبد الرحمن عطية، المكنى بأبي موفق العسكري، أحد القيادات الميدانية لـ(داعش) في حي الطيران»، مشيرًا إلى أن قوات الشرطة الاتحادية وضعت الحواجز والمصدات، وتواصل تطهير حي الطيران من مسلحي «داعش». وتابع: «إرهابيو (داعش) يستخدمون القناصة والعجلات المفخخة لإعاقة تقدمنا، لكن قناصة الاتحادية وطيران الجيش والطائرات المسيرة تواصل معالجة دفاعات العدو... والتقدم مستمر». وفي السياق ذاته، قال قائد عمليات «قادمون يا نينوى»، الفريق الركن عبد الأمير رشيد يارالله، في بيان، إن «قوات جهاز مكافحة الإرهاب اقتحمت حي المأمون، وتواصل التقدم فيه». في غضون ذلك، دعا رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي الذين تورطوا مع «داعش» إلى إلقاء السلاح، وتسليم أنفسهم للقوات العراقية، وأصدر أمس توجيهات جديدة إلى القوات الأمنية العراقية في معركة تحرير الجانب الأيمن من الموصل، وطالب بـ«بذل أقصى جهد لإنقاذ المدنيين، وحمايتهم وتوفير ممرات آمنة لخروجهم، واستقبالهم ونقلهم إلى المخيمات الآمنة»، مشددًا على الحرص الشديد على عدم وقوع خسائر في صفوف المقاتلين، وداعيًا إلى الحفاظ على المنشآت الحكومية وغير الحكومية، والممتلكات العامة والخاصة. وأكد العبادي على مركزية إصدار المواقف العسكرية والتصريحات والتأني فيها، والحذر من إعطاء العدو فرصة للاستفادة من هذه المعلومات. وشملت توجيهات العبادي للقوات العراقية التي تحارب «داعش» في الموصل «الحرص على التنسيق الدقيق والتام بين مختلف التشكيلات، برًا وجوًا، والاستفادة القصوى من المعلومات الاستخبارية عن تحركات العدو داخل المدينة. وتعميق حالة الانكسار والهزيمة التي لحقت بعصابات (داعش)، وهروب قياداته عبر زيادة الضربات النوعية والمركزة لمقرات العدو، ومعامل التفخيخ وطرق الإمداد». ودعا العبادي أهالي الموصل إلى مساندة القوات الأمنية لتحريرهم من «داعش»، من خلال التصدي لمسلحيه، ومنعه من إلحاق الخسائر بالمدنيين، وتدمير المنشئات الخدمية. وأضاف: «هذه آخر فرصة للعناصر التي تورطت مع (داعش) لإلقاء السلاح، وتسليم أنفسهم لينالوا محاكمات عادلة، ومن دون ذلك فإنهم سيواجهون الموت الحتمي على يد مقاتلينا». وتعتبر الموصل، المدينة الثانية في العراق، آخر أبرز معاقل تنظيم داعش في هذا البلد. وتحاول القوات الموالية للحكومة استعادتها بالكامل، من خلال عملية عسكرية واسعة بدأتها في 17 أكتوبر (تشرين الأول) 2016، مدعومة بطيران التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة. وبعد نحو شهر على استعادة الجانب الشرقي من الموصل، في 24 يناير (كانون الثاني)، يشارك الآلاف من قوات الرد السريع، وهي قوات النخبة التي تحارب الإرهاب، ومن الشرطة الاتحادية، منذ الأحد الماضي، في عملية استعادة الجانب الغربي من المدينة. وإضافة إلى طيران التحالف، ينتشر مستشارون عسكريون أميركيون على خط الجبهة، ولكن في مواقع خلفية. ويبدو أن المعركة في غرب الموصل ستكون صعبة، فالضفة الغربية من الموصل تتألف من شوارع ضيقة جدًا، والمتطرفون فيها ليست أمامهم خيارات كثيرة باستثناء القتال حتى الموت، واستخدام المدنيين دروعًا بشرية. وكان مسؤول أميركي في الاستخبارات قد قال إنه «لم يبق سوى ألفي متطرف» في القسم الغربي من المدينة، وإنهم محاصرون بالكامل من جميع الجهات. وستشكل خسارة الموصل بالكامل نكسة لـ«داعش» وبالتالي لن يعود مسيطرًا سوى على منطقة في محيط مدينة الحويجة العراقية، على بعد 180 كيلومترًا جنوب شرقي الموصل، وعلى مدينة تلعفر غربًا، وعلى بلدات صغيرة غرب العراق.
مشاركة :