وجهت ربيكا قرنق أرملة زعيم ومؤسس حزب الحركة الشعبية الحاكم في جنوب الراحل جون قرنق انتقادات شديدة اللهجة إلى رئيس جنوب السودان سلفا كير ميارديت، لعدم تنفيذه اتفاق السلام الذي عدته بأنه قد انهار بسبب سياسة الحكومة، وطالبته بالتنحي عن الحكم، ورفضت في الوقت نفسه فرض وصاية دولية على بلادها، في وقت وصل فيه سلفا كير إلى أديس أبابا، أول من أمس، لإجراء محادثات مع رئيس الوزراء الإثيوبي هايلي مريام ديسالين تتعلق بالترتيبات الأمنية ومشكلات الحدود، ويتوقع أن يتم توقيع عدد من الاتفاقيات بين البلدين. وقالت ربيكا قرنق التي شغلت من قبل منصب وزيرة النقل والطرق والجسور خلال مخاطبتها لجمع من أبناء جنوب السودان في الولايات المتحدة التي تقوم بزيارة لها هذه الأيام إن اتفاق السلام قد انهار بسبب رفض قادة بلادها تنفيذ الاتفاقية، وعدم استعدادهم الاستماع إلى الآخرين، مضيفة أن الرئيس سلفا كير قام بتعيين تعبان دينق في منصب النائب الأول بعد ثلاثة أيام من مغادرة الدكتور رياك مشار، الذي كان يشغل المنصب حتى يوليو (تموز) 2016، وعدَّت دعم الدبلوماسيين الغربيين استبدال مشار وتعيين تعبان دينق بالخاطئ، و«قد قاد البلاد إلى الحرب مجددًا». وقالت ربيكا في تصريحات صحافية: «لقد تغير تعبان دينق بعد تعيينه، حيث أصبح يقول إن على مشار الانتظار حتى موعد الانتخابات العام المقبل». وتابعت: «كيف يمكن تحقيق السلام بعد انهيار اتفاق الترتيبات الأمنية ومغادرة الشخص الذي وقع على الاتفاقية، وهو رياك مشار؟ ليس هناك اتفاق سلام يجري تنفيذه في جنوب السودان لأن كير ينفذ تحفظاته التي أعلنها عندما وقع على الاتفاق في جوبا عام 2015». ورفضت ربيكا مقترح الوصاية الدولية على بلادها، الذي ظل يردده الأمين العام السابق لحزب الحركة الشعبية الحاكم في جنوب السودان باقان أموم المقيم في منفاه الاختياري في الولايات المتحدة، غير أنها أكدت تمسكها بضرورة تنحي الرئيس سلفا كير ميارديت عن الحكم حتى يتحقق الأمن ويختار شعب بلادها البديل الأفضل، وناشدت دول الجوار والاتحاد الأفريقي الضغط على كير وإجباره على التنحي عن السلطة، على غرار ما حدث في غامبيا مع الرئيس السابق يحيى جامع. إلى ذلك، وصل رئيس جمهورية جنوب السودان سلفا كير ميارديت، الذي تعاني بلاده من مجاعة إلى العاصمة الإثيوبية أديس أبابا أول من أمس في زيارة تستغرق ثلاثة أيام لإجراء محادثات بشأن تنفيذ اتفاقيات التعاون الأمني والحدودي، الذي وقَّعَه البلدان في أكتوبر (تشرين الأول) 2016، ومن ضمنها وقف استضافة جماعات التمرد على أراضي الدولتين، ويُنتَظَر أن يوقع الجانبان عددًا من الاتفاقيات في هذه الزيارة تشمل الموضوعات الأمنية وتطوير مذكرات التفاهم التي وُقِّعت في العام الماضي. وكشف السكرتير الصحافي في القصر الرئاسي أتيني ويك أتيني في تصريحات صحافية أن حدود بلاده المشتركة مع دولة إثيوبيا لم تعد آمنة، ولذلك تتم هذه الزيارة بدعوة من رئيس الوزراء الإثيوبي هايلي مريام ديسالين، مشيرًا إلى أن هناك موضوعات يحتاج البلدان إلى التباحث حولها. وكانت إثيوبيا قد رفضت، في أكتوبر العام الماضي، لنائب رئيس جنوب السودان السابق زعيم المعارضة المسلحة رياك مشار من دخول أراضيها والعبور إلى معقل قواته في أعالي النيل، وكانت جوبا تشكو باستمرار من أديس أبابا بأنها سمحت للمتمردين من الانطلاق من الأراضي الإثيوبية، ولذلك رفضت مشاركة الجنود الإثيوبيين في قوات الحماية الإقليمية وقوامها 4 آلاف جندي، التي قررت الأمم المتحدة نشرها في جوبا وعدد من المدن، غير أن الرئيس سلفا كير ميارديت عاد ووافق على مشاركة القوات الإثيوبية عقب زيارة رئيس الوزراء هايلي مريام ديسالين إلى جوبا. من جانب آخر، جدد رئيس جنوب السودان سلفا كير ميارديت أمام أعضاء البرلمان اتهامه لإدارة الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما بالسعي إلى تغيير نظام الحكم في جوبا، وتُعدّ هي المرة الأولى التي يتهم فيها كير بصورة علنية إدارة الرئيس السابق أوباما، وقال: «نملك الأدلة على ذلك، ولم يكن سرًا، إذ كان لدينا شعور قويّ بأن إدارة الرئيس أوباما كانت لديها أجندة تسعى من خلالها إلى تغيير النظام في جنوب السودان»، لكنه توقع أن تأخذ إدارة الرئيس دونالد ترمب منحى آخر مختلفًا عن سابقه في التعامل مع جوبا. وكانت 3 من وكالات الأمم المتحدة قد أكدت في تقارير منفصلة عن أن 5.5 مليون شخص، وهم يمثلون نصف سكان جنوب السودان البالغ عددهم 11 مليون نسمة يواجهون خطر الجوع المهدد للحياة هذا العام في بعض من أجزاء البلاد، وناشدت وصول المساعدات الإنسانية بأسرع مما يمكن للمتضررين. إلى ذلك، قال وزير شؤون الرئاسة الأسبق في جنوب السودان الدكتور لوكا بيونق إن جنوب السودان يشهد للمرة الثانية خطر المجاعة خلال عقدين من الزمان، وكلها من صنع الإنسان، وأضاف في موقع التواصل الاجتماعي (فيسبوك) أن أكثر من 60 ألف مواطن لقوا حتفهم بسبب الجوع في منطقة بحر الغزال عام 1998 قبل انفصال الجنوب عن السودان، مشيرًا إلى أن تلك الفترة كانت الحرب الأهلية في ذروتها بين حكومة الخرطوم ومتمردي الحركة الشعبية لتحرير السودان. وأوضح أن الحصول على الغذاء هو أحد حقوق الإنسان الأساسية والمجاعة تعد جريمة مثل الجرائم ضد الإنسانية، وقال: «الدولة التي تعجز عن حماية مواطنيها من المجاعة تصبح مسؤولة عن الخسائر في الأرواح».
مشاركة :