فيينا تفتتح موسمها الراقص بالحفل السنوي في دار الأوبرا

  • 2/25/2017
  • 00:00
  • 6
  • 0
  • 0
news-picture

احتفلت العاصمة النمساوية فيينا حتى ساعات متأخرة من صباح الأمس «الجمعة» بحفلها السنوي الراقص الذي تقيمه سنويا بدار الأوبرا، الخميس الأخير من فبراير (شباط) قبل بدء موسم الصوم عند الكاثوليك. حضر الحفل حسب التقاليد المعمول بها رئيس البلاد وأعضاء الحكومة كافة. وتجنب الرئيس النمساوي الجديد ألكسندر فان دير بلن، الذي حضر الحفل للمرة الأولى مع عدد من أعضاء الحكومة، الدخول «المبهرج» عبر المدخل الرئيسي والبساط الأحمر، كما انسحبوا مباشرة بعد الافتتاح الرسمي الذي يبدأ عادة بالنشيد الوطني، ثم فواصل مبدعة من الرقص كالباليه والبولكا، ويختتم برقصة فالس جماعية تشارك فيها سنويا مجموعة مختارة من شباب المجتمع الثري. حضر الحفل 5 آلاف ضيف دفعوا أسعار بطاقات تراوحت ما بين 290 يورو وقوفا و20.500 يورو لمقصورات، فيما تضاعف سعر مقصورات المواقع الأكثر تميزا حيث دأبت أسر ووجوه معروفة على حجزها مباشرة بعد نهاية حفل العام الأسبق والدفع بسخاء لدعم ميزانية أوبرا فيينا التي تعتبر من أرقى دور الأوبرا عالميا. قادت الأوركسترا، وللمرة الأولى في تاريخ هذا الحفل، وهذه دورته الـ61 بعد الحرب العالمية الثانية، مايسترو امرأة هي المايسترو الإيطالية الشابة سيبرانز سكابيسي، التي أبدعت في تقديم مقطوعتين رئيسيتين، الأولى من أوبرا كارمن، والثانية من أوبرا أرض الابتسامات، وكان التينور العالمي الشاب جوناز كاوفمان قد صحبها غناء. وشارك في رقصة الفالس 144 شابا وشابة من أكثر الأسر ثراء. ارتدت الفتيات فساتين سهرة طويلة بيضاء اللون مع تيجان من تصميم المصمم الألماني العالمي، كارل لاغرفيلد. ضم كل تاج 394 قطعة كريستال، فيما ارتدى الشباب بدلات سوداء وقمصانا بيضاء ومع انتهاء رقصتهم ارتفعت أصواتهم وأصوات المنظمين بدعوة الحضور لرقص الفالس. من جانب آخر، صاحبت الحفل بل سبقته مظاهرة نظمتها مجموعة شبابية من الحزب الشيوعي النمساوي مناوئة، ليس لفكرة الأوبرا والحفلات التقليدية الراقصة، وإنما لما وصفوه بالتوزيع غير العادل للثروة في مجتمع متخم؛ حيث لا يجد فقراء ما يأكلون، كما على طلاب جامعيين أن يعملوا حتى يتثنى لهم تغطية نفقاتهم الجامعية، رافعين شعار «التهموا الثراء». حسب مصادر، يعود تاريخ الحفلات الراقصة للمزارعين ممن كانوا يبتهجون بنجاحات موسم الحصاد، ورويدا درج نبلاء على الاحتفال متنكرين بأقنعة لا تكشف شخصياتهم ثم دخلت تلك الحفلات للقصر الإمبراطوري في عام 1877 بعد أن سمح الإمبراطور فرانز جوزيف بذلك. ومما تذكر المصادر أن مؤتمر فيينا 1814 – 1815 (الذي رسم حدودا أوروبية جديدة عقب الحروب النابليونية التي استمرت لأكثر من 25 عاما وهدف لتسوية كثير من القضايا التي نشأت بتفكك الإمبراطورية الرومانية) قد ارتبط بهذا النوع من الحفلات. سنويا تحتفل فيينا بأكثر من 400 حفل راقص، تنظمها معظم الفئات المهنية بأفخر القاعات، وأن يظل حفل الأوبرا هو الحفل الرسمي الأضخم والأفخم الذي تحضره الحكومة وضيوفها من مختلف بقاع العالم، ومنهم ملوك ورؤساء دول وحكومات وفنانون عالميون وشخصيات اقتصادية وعلمية بارزة، ويعتبر أهم حدث نمساوي في السنة ويفوق غيره من حيث التقيد الصارم بالتقاليد، لا سيما في برنامجه الافتتاحي وفي خطوات الرقص، وبخاصة رقصة الفالس. تسبق الحفل استعدادات تحول دار الأوبرا لأكبر قاعة رقص مغلقة تضم كل ما يحتاجه المحتفلون، بما في ذلك أطباء طوارئ ومصممو شعر ومكياج، في حال احتاجت إحداهن لتدخل سريع، بما في ذلك توفير «إسكافي» أو «صرماطي» في حال انخلع كعب حذاء. يتم تزيين القاعة بأجمل أنواع الورود والزهور، وصل عددها هذا العام لـ10 آلاف وردة، سمح للضيوف الاحتفاظ بها بعد انتهاء الحفل. يعتبر نمط الملبس والمظهر عموما من أهم الضوابط حيث تلتزم النساء التزاما متوارثا بفساتين السهرة الطويلة والفخمة دون تكرار؛ إذ من العيب أن تعيد سيدة فستان العام السابق أو الإكسسوار أو تصميم الشعر، وتتفوق من تحافظ على التقاليد مع لمسة عصرية ونكهة خاصة بالغة الأناقة، فيما يلتزم الرجال بالبدلات السوداء والقمصان البيضاء والـ«الببيون أو الفيونكات» وليس ربطات عنق، كما يتزين الرسميون بأشرطة من علم البلاد وبالأوسمة والنياشين، والجميع بساعات الجيب وليس ساعات يد، فيما استعانت مجموعات شبابية بوضع «الجوال» في الجيب كساعة! إلى ذلك، على المنظمين تقديم هدية لكل سيدة (تتبرع بها شركات ومؤسسات ضخمة)، ومن أكثر التقاليد غرابة أن يستمر الحفل الذي يبدأ نحو الساعة العاشرة مساء الخميس حتى الساعات الأولى من صباح الجمعة؛ حيث يتفرق المحتفلون لتناول إفطارهم من «الأكشاك» الشعبية حول المنطقة التي تبيع وقوفا ساندوتشات النقانق النمساوية التقليدية البسيطة مع الخردل والخيار المخلل، ومنهم من يرتب مسبقا الجمعة كعطلة، ومن يسارع لتغيير ملابسه والتوجه لمكان عمله مباشرة. من جانب آخر، يتم سريعا وفي كفاءة عالية تنظيف القاعة وإعادة المسرح لاستضافة 7 آلاف طفل يصلون من مدارس مختلفة من أقاليم النمسا لحضور عرض أوبرالي نهاري خاص يناسب أعمارهم التي تتراوح ما بين 7 سنوات إلى 12 سنة، وهكذا ينشأون على حب الفنون وتقديرها.

مشاركة :