عندما تفقد المناصب ” الأكاديمية” قيمتها وهيبتها!

  • 2/25/2017
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

عوضاً عن معيار الكفاءة، وشروطه في غاية الوضوح والموضوعية، إذ أنها لا ترتبط بشخص المقيم وأهواؤه ، أو أهوائه الشخصية ، فهي تحمل بذور مقومات تقيمها سلباً أو إيجاباً في ذاتها منفصلةً عن شخص صاحبها. فالمنجز العلمي والعملي يكفي وحده للحكم على من يراد تقيمه ، ولكن عوضاً عن هذا معيار يتم إعتماد معياراً آخر هو : الثقة !. وهذا معيارُ ضبابي ، وهلامي ، يفتقر إلى الوضوح والموضوعية. فما هذه الثقة ؟ وما هي معايرها ؟ وما هي شروطها ؟ ربما تثق في شخص لأنك تعجب بصفة أخلاقية فيه.. كأن يكون أميناً، أو صادقاً ، أو ملتزماً ، وما إلى ذلك. ورما تثق في شخص آخر لخصيصية في شخصه، كأن يكون خفيف الدم والظل، مرح ، أو ان يكون مجاملاً لأقصى الحدود، و هو ما يسمى في الواقع مداهناً. أو ربما تثق في شخص أو تعطي شخصاً ما ثقتك، لأنه ينافقك، ويوافقك الرأي في كل الأحوال، ولأنه يسمعك ما تريد أن تسمع عن عظيم إيجابيات تفكيرك ورجاحة عقلك، او لأنه يسمعك ما تريد ان تسمع عن نفسك وقراراتك موافقك ، وأفكارك. ولكن هل هذا هو المعيار الصحيح الذي يجب أن يعتمد عند تقيم أستاذ جامعي بغرض تحديد المهام التي يراد إسنادها اليه ؟. وبما أن الإنسان بطبعه يعاني من الضعف ، ولا يميل إلى سماع ما يكره عن نفسه وقدراته، والطعن في حكمته وعدالته، فإن من يحظى بالثقة في غالب الأحيان هو ذلك الشخص الذي لا ينتقد القرار الخاطئ، أو الذي يبدي رأياً سلبياً حول قرار ما. والنتيجة الطبيعية لذلك هي تراكم الأخطاء، والقرارات التي لا يسندها منطق، تفتقر إلى الموضوعية والدراسة. والحل هو إعادة الاعتبار والعمل بمعيار الكفاءة والخبرة عند إسناد المهام الإدارية الأكاديمية داخل الجامعة. إذ أن غياب معيار الكفاءة والعطاء العلمي، واعتماد مبدأ الثقة وهي من مداخل النفاق والرياء المداهنة، قد أفقد المناصب الجامعية قيمتها وهيبتها العلمية، والتي تستمدها من ضلوع شاغلها في العلم والعطاء العلمي. الكارثة المزدوجة وإن إقحام الشباب الباحثين وهم يدرجون أولى خطواتهم في سلك التدريس الجامعي، وقبل أن يراكموا خبراتهم الضرورية في البحث والعلم والتدريس ، ليتدرجوا بشكل طبيعي في المراقي الأكاديمية، إنما يعني قتل مواهبهم في المقام الأول، واهدار أموال لا تعد ولا تحصى في سبيل إعدادهم ، ثم إن هذا الإقحام المبكر يتسبب في إرباك المسار الإداري للجامعة لقلة خبرتهم الإدارية، ونعدامها التام في كثير من الأحيان، أو فى الغالب منها. إلا أن الكارثة تتفاقم وتصير مزدوجة ، حين يتم إختيار من لم يتأهل بشكل جيد ليمثل الجامعة. إذ تستعين كثير من المؤسسات في القطاعين الحكومي والأهلي بالجامعة حين تحتاج إلى مشورة أهل العلم والمعرفة، سواءً إن كان للتحدث في ندوه أو للمشاركة بأي شكل من الأشكال و على أي مستوى من المستويات ، وبالطبع فأن الدعوة تصل إلى الإدراة العليا للجامعة لترشيح من يمثلها في التخصص المعني. وبما أن المعيار المعتمد كما قلنا هو مبدأ الثقة الهلامي ، للكفاءة والقدرة والعطاء، فإن الإختيار سيتم وفقاً لهذا المبدأ. ولعل القارئ يذكر أننا كنا ناقشنا من قبل مبدأ “شخصنة” السلطة الإدارية في هذه المساحه. ووفقاً لهذا المبدأ الذى أصبح هو المنهج السائد في معظم مؤسساتنا في القطاعين معاً، فإن الإختيار فى الأغلب يقع على من هو أقرب إلى شخص المسئول، وليس إلى من هو الأحق والأكفأ. وتكمن المشكلة في أن هذا الذي يتم إختياره لا يمثل شخصه ولكنه يمثل الجامعة، وبالتالي يصبح هو العنوان عليها وعليه فإن الضعف الذى سيظهره في المحفل الذي يشارك فيه لن يحسب خصماً على شخصه وعلى مستواه العلمي، ولكنه سينسحب على الكيان الجامعي كله ، خصماً على سمعتها العلمية، وطعناً في مصداقيتها الأكاديمية، لأن المشاركون من غير الجامعة ولا شك سيظنون أن الجامعة بعثت لهم الأكفاء والأكثر علماً وخبرةً ومعرفةً فيفاجؤن بالمستوى الذي يظهره ممثلها، وحينها لا يستطيع أحد أن يلومهم إذا ما قالوا: إذا كان هذا أعلم من فى الجامعة فما بالك بالآخرين ؟!.

مشاركة :