مسيحيو العريش يأملون بعودة سريعة إلى ديارهم

  • 2/26/2017
  • 00:00
  • 2
  • 0
  • 0
news-picture

استنفرت الحكومة المصرية أمس للتعامل مع أزمة نزوح الأسر المسيحية من مدينة العريش في شمال سيناء، عقب الاعتداءات المتكررة من مسلحي تنظيم «داعش» الإرهابي التي تستهدفهم، حيث وصلت في الأيام الأخيرة الى حد اقتحام منازل يمتلكها مسيحيون لقتلهم. وعبر نازحون عن الأمل بالعودة سريعاً إلى ديارهم، وفضلوا الإقامة في دور حكومية تابعة لوزارة الشباب على السكن في شقق، خشية تثبيت أوضاعهم الجديدة، فيما وعدتهم وزيرة في الحكومة بالعودة الى ديارهم في أقرب وقت بعد «مراجعة أمنية دقيقة للأوضاع في المدينة» لضمان سلامتهم. وقتل مسلحون يُعتقد أنهم تابعون لـ «داعش» 7 مسيحيين في الأسابيع الثلاثة الأخيرة، ووضع التنظيم المسيحيين على قائمة أهدافه في تسجيل أخير توعدهم فيه بالقتل. ووجه الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي حكومته بضرورة تسهيل إقامة النازحين من مسيحيي العريش، وقالت رئاسة الجمهورية في بيان أن الرئيس السيسي اجتمع أمس مع رئيس الوزراء، ومحافظ البنك المركزي، ووزراء الدفاع، الخارجية، الداخلية، العدل، والمال، إضافة إلى رئيسي الاستخبارات العامة وهيئة الرقابة الإدارية. وصرح الناطق باِسم رئاسة الجمهورية السفير علاء يوسف بأن «الاجتماع ناقش التطورات المتعلقة باستهداف المواطنين الأبرياء في منطقة شمال سيناء من قبل التنظيمات الإرهابية، ما أدى إلى انتقال عدد من أسر المواطنين الأقباط إلى محافظة الإسماعيلية، حيث تم استقبالهم وإسكانهم «لحين الانتهاء من التعامل مع العناصر الإرهابية». وأضاف: «وجه الرئيس بأهمية التصدي لكل محاولات زعزعة الأمن والاستقرار في مصر، ووأد كل مخططات هذه التنظيمات لترويع أبناء الوطن الآمنين وتهديد ممتلكاتهم»، مطالباً الحكومة باتخاذ كل الإجراءات اللازمة، لتسهيل إقامة المواطنين في المناطق التي انتقلوا إليها، وتذليل أي عقبات قد تواجههم. وأجرى رئيس الحكومة شريف إسماعيل اتصالاً هاتفياً ببابا الأقباط تواضروس الثاني، أكد له اهتمام الدولة وعلى رأسها الرئيس السيسي بأوضاع المسيحيين في شمال سيناء. وشدد اسماعيل على أن مصر «عازمة على مواصلة جهودها للقضاء على قوى الشر والتطرف». وقال مسؤول عن ملف الحرب على الإرهاب في سيناء إن القيادة السياسية وجهت بضرورة توفير الظروف المواتية لإعادة المسيحيين إلى ديارهم سريعاً، كي لا يتمكن التنظيم الإرهابي من الظهور كما لو أنه يحقق أهدافه في شمال سيناء خلافاً للواقع. وأضاف أن «الإرهابيين أرادوا إحداث صخب إعلامي ضخم من خلال التركيز على هدف رخو، إذ يظل المدنيون هدفاً سهلاً بالنسبة للمسلحين، فكل الاعتداءات تمت إما عبر قتل مدني في سوق أو في متجره، أو اقتحام ملثم أو اثنين على الأكثر منزلاً لقتل أحد سكانه، مع علمهم بأن الهجمات ستحدث صخباً إعلامياً محلياً ودولياً». وأوضح المسؤول عن ملف الحرب على الإرهاب أن المسيحيين يتركزون في ثلاثة أحياء في العريش، كبرى مدن شمال سيناء، والأجهزة الأمنية عاكفة الآن على مراجعة خططها لتأمين المدينة، ووضع هذا المستجد في الاعتبار وإيلائه أولوية، وبحث الطريقة المثلى لتأمين المسيحيين، تمهيداً للإسراع في إعادتهم (لمساكنهم)، مع الأخذ في الاعتبار أن الأسر المسيحية تعيش في مناطق متفرقة من المدينة، وليس في «كانتونات». وشدد على أن السلطات «لن تسمح بإخلاء شمال سيناء من المسيحيين». وتراكمت أمام الكنيسة الإنجيلية في مدينة الإسماعيلية حقائب عشرات الأسر التي واصلت النزوح من العريش، فيما امتلأت ساحتها بوجوه تترقب مصيرها، وسط مساعي متطوعين لتهدئتهم، من خلال تقديم مشروبات ساخنة ووجبات سريعة للنازحين، وحصر أسمائهم، وإبلاغ مطرانية الإسماعيلية بها، لتولي مسألة التنسيق مع السلطات المحلية في المحافظة، لتسكينهم في دور تابعة لوزارة الشباب. وروت السيدة نبيلة فوزي لـ «الحياة» تفاصيل هجوم مسلحين على منزلها وقتل زوجها ونجلها، وقالت: «مساء الأربعاء طرق شخص باب شقتنا (في منطقة الشؤون) بقوة، ولما فتح ابني الباب، فوجئ بشخصين ملثمين يُمسك كل منهما بمسدس، ويتدلى من كتفه سلاح آلي، ودفعا نجلي ناحية صالة الشقة، ثم أطلق واحد منهما رصاصة صوب رأسه، فقُتل في الحال، ولما سمعت صوت الرصاصة خرجت من غرفتي مُسرعة لأجد ابني غارقاً في دمائه أمام باب الغرفة». وأضافت: «جذبني واحد منهما إلى خارج الشقة، بعد أن سألني عن مكان الصيغة (المجوهرات)، فأخبرته أني لا أمتلك أي ذهب، ودفعني إلى خارج الشقة، وتوسلت إليهم ألا يقتلوا زوجي المُسن، الذي لم يكن يسمع ما يدور بسبب تقدم العمر به، حتى أنه لم يتمكن من النهوض من سريره، لكنهما دخلا عليه الغرفة، وقتلاه بالرصاص، ثم سكبا كيروسين على جثمان ابني وفي مناطق متفرقة من الشقة، وأشعلا فيها النار، وخرجا من الشقة وجرداني من دبلة وقراط ذهبيين كنت ارتديهما»، وأضافت نبيلة: «ابنتي (عبير) رافقتني وزوجها وأبناؤها في الرحلة إلى الإسماعيلية، وهي منهارة وفي حالة صعبة للغاية». ويتم إسكان الأسر النازحة في ثلاث دور في الإسماعيلية تابعة لوزارة الشباب أشبه بالفنادق الصغيرة، حيث يتم توفير غرفة لكل أسرة. وقالت نبيلة جرجس، وهي واحدة من النازحين: «رغم أن سكن شقق منفصلة يمثل راحة، لكننا نرى أن الإقامة في تلك الدور الحكومية أفضل، ففيه تأكيد أن تلك الأوضاع موقتة، وأن هجرتنا لن تكون دائمة». وقالت السيدة ميري اسكندر، وهي إحدى المتطوعات لمساعدة الأسر المسيحية النازحة، إن عدد الأسر زاد بشكل لافت مساء الجمعة ويوم السبت، لافتة إلى أن 75 أسرة وصلت الإسماعيلية في نهاية يوم الجمعة، وصباح أمس وصلت 20 أسرة أخرى، وسط معلومات عن نزوح 50 أسرة أخرى في الطريق من العريش، وتوقعت أن يصل عدد النازحين اليوم إلى نحو ألف مسيحي، في ظل معلومات عن اقتحام مسلحين منازل مسيحيين في العريش كانوا غادروها قبل الدهم بساعات، ما يثير الذعر في نفوس بقية الأسر، التي تحزم حقائبها للرحيل. وأرسلت كنائس في القاهرة وتجار ومتطوعون مواد غذائية إلى الكنيسة الإنجيلية وكنيسة الأنبا انطونيوس في الإسماعيلية، لتوزيعها على الأسر النازحة، فيما قالت مطرانية الأقباط الأرثوذكس إنها فتحت حساباً بنكياً لجمع المساعدات للأسر النازحة من العريش، لافتة إلى أنها تنسق مع الدولة، لإسكان وتلبية احتياجات تلك الأسر. وزارت وزيرة التضامن غادة والي الأسر النازحة، والتقت محافظ الإسماعيلية ومسؤولي المحافظة للاطلاع على خطة إسكان المسيحيين، كما اجتمعت مع عدد من الأسر لسماع مطالبهم، وكان أبرزها ضمان العودة السريعة لديارهم في العريش، رغم ما يحمله الأمر من أخطار. وقالت والي إن مجلس الوزراء شكل غرفة عمليات بالتنسيق مع الكنائس المصرية لمتابعة الموقف، لافتة إلى أن الأولوية الآن تتمثل في «تسهيل إعاشتهم»، ووعدت بعودتهم إلى ديارهم في أقرب وقت. وأوضحت أن الحكومة ستصرف إعانات مالية للأسر المسيحية، وستعوض أي شخص فقد ممتلكاته نتيجة الاعتداءات الأخيرة، مضيفة أن القيادة السياسية تتابع الموقف لحظة بلحظة، وتتم «مراجعة أمنية دقيقة للأوضاع في مدينة العريش تمهيداً لإعادة الأسر المسيحية في غضون أيام... وجودهم في الإسماعيلية أو أي محافظة أخرى موقت والهدف منه إبعادهم عن المنطقة، لحين اتخاذ التدابير الأمنية اللازمة لحمايتهم». ودان الأزهر بشدة «الاعتداءات الإرهابية ضد الإخوة المسيحيين» في العريش، مؤكداً أنها «جريمة في حق المصريين جميعاً». وأكد الأزهر في بيان أن «هذه الأعمال الإرهابية لا تقوم بها إلا فئة باغية»، مطالباً بـ «الضرب بيد من حديد على كل من تسول له نفسه العبث بمصر». ميدانياً، قُتلت طفلة (10 سنوات) إثر سقوط قذيفة، لم يتسن التأكد من مصدرها، على بناية تُقيم فيها أسرتها متاخمة للطريق الدائري المار خارج مدينة العريش. وأصابت قذيفة أخرى بناية ثانية، لكن لم توقع فيها خسائر بشرية، لخلوها من السكان. وفي غضون ذلك هاجم مسلحون مجهولون متجرين في وسط مدينة العريش وحطموا كاميرات المراقبة المثبتة عند مدخلهما، كما اعتلوا بناية وحطموا الكاميرات المثبتة أعلاها. ويسعى المسلحون إلى إحباط خطط الأجهزة الأمنية لنشر كاميرات المراقبة في مختلف شوارع العريش لرصد أي تحرك للمسلحين، إذ تكرر الهجوم على المحلات التجارية لتحطيم كاميرات المراقبة فيها، بعد أن اشترطت السلطات المحلية على أصحابها تركيب تلك الكاميرات أمام متاجرهم. وأطلق المسلحون النار في الهواء، وجاهروا بتحذير أصحاب المتاجر من الاستمرار في تثبيت تلك الكاميرت، كما جُرح جنديان في إطلاق نار استهدف مكمنين أمنيين في رفح والشيخ زويد.

مشاركة :