من موسم لآخر، لم تزدنا المنافسة الدرامية الرمضانية في الخليج سوى الخذلان، فهذه الأعمال لا تتسم بعدم الواقعية فقط, بل تختلف عنا كثيراً نحن أهلها ومتابعيها، والمجتمع الخليجي يشاهد هذه الأعمال غريباً في طرح قضايا لا تشبهه. كل شيء في الدراما الخليجية يُكتب بشكل عشوائي، وغالبية تلك الأعمال يقف خلفها صُناع يهتمون بكونها منتجا تجاريا أكثر من كونها وسيلة تجمع بين التجسيد الواقعي والطرح الهادف والقرب من الأرض التي يقف عليها الناس. تأتي الأعمال الخليجية الكوميدية أولاً لأنها دائماً الأكثر تداولاً على مواقع التواصل، لنكتشف أن معظمها يعاني من أخطاء فادحة سواءً بالنصوص أو الاعتماد الكلي على المواقف المرتجلة، "تلحقها" الأعمال الدرامية الشبابية التي يتشارك بطولتها النجوم الشباب، حيث يعاني معظمها من ضعف في الأداء، وسط رؤى إخراجية متخبطة ومتعددة الألوان، وعشوائية كبيرة في التسلسل مع اعتماد طرق إخراجية مبتكرة دائماً ما تكون في أماكن غير صحيحة. أما فيما يخص أعمال البطولة المنفردة والتي تحمل أسماء نجوم كبار، فهنا تتشابه نقاط الضعف ليس فقط فيما يخص طريقة كتابة هذه الأعمال وشُح كُتاب السيناريو الذين يُعد غالبيتهم هواة، بل أيضاً في نظرة أهل الفن لها، فالنجم اليوم ليس كالأمس، لا يتمتع بحس فني عميق بل يهتم أكثر بالشكليات، بينما يهتم المنتج بإيجاد أفضل السبل لصرف أقل وربح أكثر، في حين يهدف المخرج إلى إنهاء المهمة دون تكبد عناء مراقبة أدق تفاصيلها طالما أن الغاية هي أخذ مستحقات مجزية في آخر المطاف. في الماضي كان فريق العمل داخل العمل الدرامي الواحد يحمل بعضه البعض، حيث يحرص القوي على إخفاء نقاط ضعف غيره، فكنا نرى على سبيل المثال عملا دراميا أبطاله متفاوتين من ناحية الأداء لكن يقف خلف كاميراته فنيين على أعلى درجة من الاحترافية، والعكس صحيح، بينما ينشغل من يقفون خلف الكاميرا اليوم بملاقاة المشاهير والعمل معهم أكثر من فرض ضوابط تضمن احترافية أكبر على النجوم أو على بعضهم البعض، حتى أصبح الكل يعمل ليقضي وقتاً ممتعاً ويحصل على أجره في النهاية، لم يعد هناك من يعمل ليخطف أنفاس المشاهدين بما يقدمه دون الاعتماد على جمال الصورة.! في كل الأحوال ما يجعلنا غير متفائلين بأعمال الموسم الدرامي المرتقب لرمضان هذا العام، هو ما نراه على مواقع التواصل من نفس الأخطاء، بين فيديوهات ليس لها معنى لكواليس هذه الأعمال وتصريحات مسبقة مليئة بالثقة والتحدي تثبت أن صناع هذه الأعمال منشغلين بالتسويق وترقب الأرباح أكثر من الانشغال بخصوصية هذه الأعمال ودقة النتائج. للأسف تراجُع الدراما الخليجية يتحمل مسؤوليتها الإعلام الذي حاول أن يكون داعماً لتقديم أعمال متميزة قبل أن يخذل سنة بعد سنة، قبل أن تأتي التكريمات في المهرجان العربية التي صدرت لنا أشباه المنتجين والممثلين دون أدنى مسؤولية. حتى تستقيم الصناعة الدرامية الفنية وتأخذ شكلها الصحيح.. لا بد من محاسبة وتقييم العمل الفني وتهميش من يستحق التهميش إعلامياً.
مشاركة :