في مدينة كامدن الصغــيرة فـــي ولاية نيوجيرسي الأميـــركية، إحـــدى أفقــــر مدن الولايات المتـــحدة وأكثـــرها عـنفـــاً، يسعى تـــاجر مخـــدرات سابق تـــحول إلى الفن والمـــقاولة إلى ضخ الحياة في مدينته. ويقول انطوني ديلارد: «لم يكن متوقعاً أن أجد نفسي في هذه الناحية من الإحصاءات، أن أكون حياً طليقاً أربي أطفالي»، وذلك خلال وجوده في مكتب «مايد إن كامدن»، العلامة التجارية المخصصة للألبسة والتي أنشأها العام الماضي مع شريكته أي جي ريغز. ويعترف بأنه يريد «إعادة شعور الفخر إلى الناس هنا». وعند ولادته قبل 40 سنة، كانت كامدن المجاورة لفيلادلفيا منطقة مزدهرة مع أحواضها لبناء السفن، وشركة الإنتاج الموسيقي «آر سي أي» التي كانت تتخذ من المدينة مقراً لها، ومصنعها لحساء «كامبل». ويتذكر كارل والكو، الناشط النقابي الذي ترعرع في المدينة أنه «في الخمسينات والستينات من القرن العشرين، كنا نأتي إلى هنا للتبضع أو التنزه، كنا نجد كل شيء». وتربى أنطوني على يد جدته في حي كانت تقطنه أكثرية من البولنديين. ويقول: «كنا فقراء، لكن كان لدينا ما نأكله وكنا نرتدي ملابس نظيفة». وعندما بلغ سن المراهقة وباتت جدته «عاجزة عن شراء أحذية جديدة» له، سقط أنطوني في فخ المال السريع وبدأ يتاجر بالمخدرات. «كان عمري 15 سنة، وفي جيبي ألف دولار»، يتذكر أنطوني. وترك المدرسة وبعدها قبضت عليه الشرطة وأودع السجن لعشر سنوات. وعند إطلاق سراحه في 2009، وجد أنطوني مدينته مهدمة. اليوم، جزء كبير من المنازل غير مأهولة، ونوافذها محطمة، والكثير منها مهددة بالانهيار. كما أن صفوفاً كاملة من المنازل تحولت إلى أكوام من الخشب والطوب. وفي هذه الشوارع التي تحولت فيها المخدرات إلى «إجمالي الناتج الوطني» كما يصفها أنطوني، تنتظر مجموعات صغيرة من الرجال الزبون وترمق الغرباء بنظرات عدائية. يمكن هنا رؤية شابات شاحبات الوجوه بالكاد يقدرن على الوقوف على ركبهن. ماذا حصل لكامدن؟ في البداية، شهدت المدينة تدهوراً صناعياً، إذ أقفلت أحواض بناء السفن ومصنع «كامبل»، واستبدل بها مصنع للأسمنت ومحطة للتكرير لا يوظفان الكثير من الناس، لكنهما يلوثان البيئة كثيراً. كذلك وقعت المدينة ضحية إدارة كارثية، إذ إن ثلاثة رؤساء بلديات أودعوا السجن بتهمة الفساد. وجرى ضخ عشرات ملايين الدولارات من المساعدات العامة في عدد قليل من المشاريع (مستشفى كوبر، تجديد بعض الأحياء، حوض الأسماك) من دون أن يؤدي ذلك إلى تخفيف مستويات البطالة أو انعدام الأمن. ويقول المحامي جاستن لافري: «يكفي إيجاد 800 وظيفة برواتب عادلة لإنعاش الاقتصاد المحلي». وفي الانتظار، يعيش 42 في المئة من السكان، ويشكل السود والمتحدرون من أصول أميركية لاتينية 95 في المئة منهم، تحت خط الفقر. كما أن المدينة تشهد نسبة مرتفعة من أعمال العنف. ومن بين ضحايا هذه الأعمال الأخ الأكبر لأنطوني الذي «خدم في الجيش الأميركي في العراق، لكنه قضى برصاصة لدى عودته إلى هنا» وفق أنطوني. وفي 2012 وحدها، قتل 67 شخصاً في كامدن من أصل 77 ألف نسمة، وهو معدل جرائم قتل يفوق ذلك الذي تشهده نيويورك بعشر مرات. وقرر تاجر المخدرات السابق تغيير حياته والتحول إلى قدوة. وانكب على تنفيذ رسوم على الجدران الخارجية للمنازل المهجورة. وأحد هذه الأعمال الفنية التي نفذها أهداها إلى روح شقيقه الراحل، فيما تحمل أعمال أخرى ذات ألوان زاهية رسائل سلام: «فلنحب أطفالنا»، «الإيمان يزحزح الجبال»، «أوقفوا القتل». منوعات
مشاركة :