المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني، فجر السبت، التوصل إلى وقف لإطلاق النار، بالعاصمة طرابلس، تشرف عليه الأجهزة المعنية التابعة لها، وأعيان من مدينتي ترهونة وغريان. وتكوّن الاتفاق من 5 بنود رئيسة ويبدأ بوقف إطلاق النار من الساعة الحادية عشرة والنصف ليلاً بتوقيت الجمعة، وحدد المقار التي يجب أن ينسحب منها مقاتلو الطرفين وتمركز قوة من وزارتي الدفاع والداخلية بحكومة الوفاق في خط التماس للفصل بين الأطراف المتنازعة، وفقا لبيان صادر عن المجلس. وقد شهدت العاصمة الليبية طرابلس في الأيام الأخيرة، اشتباكات متقطعة، بدأت مساء الخميس، بين قوات الأمن المركزي فرع أبوسليم، التابع لوزارة الداخلية في حكومة الوفاق (المعترف بها دوليا)، وكتيبة البركي، التابع لوزارة دفاع حكومة الإنقاذ (غير معترف بها دوليا). وأضاف البيان الصادر، أنه تم تشكيل لجنة أمنية لمتابعة تنفيذ الاتفاق وكذلك لجنة من وزارة الصحة لمتابعة علاج الجرحى والمصابين وأخرى لتقييم الأضرار التي لحقت بالمباني وإصلاحها وتعويض الأهالي والمتضررين. وأكد المجلس أنه سيستمر في عمله لإنهاء كافة مظاهر التسلح غير المشروعة وخروجها من العاصمة وفقاً للترتيبات الأمنية والقرارات السابقة بالخصوص. وتعهد المجلس الرئاسي بملاحقة المخالفين لذلك والقبض عليهم لمحاكمتهم أمام القضاء. وذكّر المجلس “المجتمع الدولي بمسؤولياته تجاه أمن وسلامة المواطنين الليبيين وندعوه إلى أن يحقق وعوده بدعم الاستقرار في ليبيا وأن يلتزم بالمساعدة في معالجة المعضلات الأمنية وملاحقة من يستخدمون العنف ويهددون أرواح المواطنين المدنين معرقلين بذلك كل توجه لإقرار السلم وإرساء الأمن”. ويؤكّد مراقبون أن تثبيت وقف إطلاق النار يبقى مهمة معقدة للمجلس الرئاسي الليبي، خاصة مع فوضى انتشار السلاح وتضارب المصالح لدى قادة عدد من الميليشيات المسيطرة على العاصمة طرابلس. وعن سبب الاشتباكات، ذكرت الصفحة الرسمية لقوات الأمن المركزي-أبوسليم، على “فيسبوك” أن “الاشتباكات تدور مع مجموعة مسلحة تتمركز في مقر الشرطة العسكرية سابقاً، تدّعي تبعيتها لكتيبة الشهيد البركي، وذلك على خلفية قيامهم بخطف أربعة أعضاء تابعين لفرع الأمن المركزي أبوسليم”. ورحّب مارتن كوبلر الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة في ليبيا باتفاق وقف إطلاق النار. وفيما أعلن عن شجبه اندلاع أعمال العنف في منطقة أبوسليم والتي أسفرت عن العديد من الخسائر، فإنه أثنى في بيان على الجهود التي بذلها المجلس الرئاسي والقيادات المجتمعية بهدف التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار ومنع المزيد من التصعيد، داعيا إلى ضرورة أن «يتم تنفيذ بنود الاتفاق ومحاسبة المسؤولين عن أعمال العنف». وقال الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة “أتقدم بخالص المواساة لجميع المتضررين من جراء أعمال العنف، وبالأخص أسر الضحايا والمصابين”، لافتًا إلى أن “هذا الحادث يدل مرة أخرى على الحاجة إلى الإسراع في إيجاد حل سياسي وبناء جيش ليبي موحد يعمل تحت سلطة مدنية توفر الأمن لجميع الليبيين”.تثبيت وقف إطلاق النار يبقى مهمة معقدة للمجلس الرئاسي الليبي، خاصة مع فوضى انتشار السلاح وتضارب المصالح لدى قادة عدد من الميليشيات المسيطرة على العاصمة طرابلس ودعا كوبلر إلى الإسراع في تفعيل قوات الشرطة والأمن لحماية الليبيين من الجريمة والفلتان الأمني، معربًا في الوقت نفسه عن دعمه الكامل للمجلس الرئاسي باعتباره السلطة التنفيذية الشرعية الوحيدة في ليبيا، مطالبًا ببذل المزيد من الجهود نحو تنفيذ الاتفاق السياسي الليبي بناء على ما جاء في قرارات مجلس الأمن الخاصة بليبيا. وشدد على أن الأمم المتحدة والمجتمع الدولي ملتزمان بمساعدة الشعب الليبي على إيجاد حلول لخلافاته ودعم جميع المساعي الليبية الهادفة إلى ضمان الوحدة والاستقرار والسلام. وبدأت الحياة الطبيعية تعود تدريجيًا إلى حي أبوسليم، بعد ساعات من الإعلان عن وقف اشتباكات مستمرة منذ يومين. وقال مصدر مسؤول بلجنة الأزمة التي شكلتها حكومة الوفاق إن “الأمور الآن أصبحت هادئة وبدأت الحركة تعود تدريجيًا”. وأضاف أن “المجلس الرئاسي سيشكل لجنة لحصر الأضرار المادية الناتجة عن الاشتباكات والتي لحقت بعدد كبير من المنازل والعمل على تعويض أصحابها”. وأشار إلى أن الاشتباكات أسفرت عن مقتل 4 وجرح أكثر من 30 آخرين، دون ذكر انتماء هؤلاء الضحايا. ووفق تقارير إخبارية فإن “حي أبوسليم (أحد أكبر الأحياء بطرابلس)، شهد صباح السبت انتشار وحدات أمنية تابعة لحكومة الوفاق. واستلمت الوحدات الأمنية بعض المقرات التي كان يتمركز بها المسلحون، ولم يسجل أيّ خرق لوقف إطلاق النار. ووصف مراقبون هذه الاشتباكات التي تأتي بعد نحو أربعة أيام من محاولة اغتيال رئيس حكومة الوفاق الوطني فايز السراج ، بأنها الأعنف من نوعها في طرابلس منذ سنوات. وحذر هؤلاء من تداعياتها على مناخات الحوار التي بدأت تتجمّع على وقع الحراك السياسي والدبلوماسي لتونس ومصر والجزائر لإيجاد تسوية سياسية للمأزق الليبي تقوم على قاعدة الحوار والتوافق. وكثفت الدول الثلاث من تحركاتها واتصالاتها بالفرقاء الليبيين لحثهم على الجلوس إلى طاولة الحوار، حيث اجتمع الرئيس التونسي الباجي قائد السبسي، الخميس، مع عبدالرحمن السويحلي رئيس المجلس الأعلى للدولة بليبيا، الذي بدأ الخميس زيارة رسمية إلى تونس بدعوة من رئيس مجلس نواب الشعب (البرلمان)، محمد الناصر. وقالت دائرة الإعلام والتواصل التابعة للرئاسة التونسية في بيان لها، إن الرئيس السبسي أكد خلال هذا الاجتماع الذي تم فيه التطرق إلى آخر المستجدات والتطورات على الساحة الليبية، ونتائج الاجتماع الوزاري الثلاثي الذي عُقد في تونس، على أن “استقرار ليبيا من استقرار تونس والمنطقة بأكملها”. ومنذ سقوط نظام معمر القذافي في العام 2011، تتنافس سلطتان على حكم ليبيا. وتتخذ حكومة الوفاق الوطني التي تدعمها الأمم المتحدة طرابلس مقرا لها، في حين تسيطر السلطات المنافسة على أجزاء كبيرة من شرق ليبيا بدعم من البرلمان المنتخب ومقره طبرق.
مشاركة :