"معاداة السامية" سلاح إسرائيلي من أجل البقاء بقلم: محمد الحمامصي

  • 2/27/2017
  • 00:00
  • 2
  • 0
  • 0
news-picture

الباحثة هبة جمال الدين تكشف أن إسرائيل تبنت برامج جديدة في سبيل مواجهة أعدائها تأتي على رأسها سياسات ردع وضربات استباقية لتحقيق المصالح اليهودية.العرب محمد الحمامصي [نُشر في 2017/02/27، العدد: 10556، ص(6)]كتاب يكشف أبرز الظواهر التي تعدها إسرائيل تهديدا لمستقبلها تناقش دراسة “الاستراتيجية الإسرائيلية من أجل البقاء.. مجابهة ظاهرة معاداة السامية الجديدة” للباحثة هبة جمال الدين، والصادرة عن معهد البحوث والدراسات العربية، رؤية الخبراء الإسرائيليين للاستراتيجيات والآليات التي تضمن بقاء إسرائيل، من خلال تناول أبرز الظواهر التي يعدونها تهديدا لمستقبل إسرائيل ولبقائها على الأرض. تقول الباحثة المتخصصة في الشؤون الإسرائيلية، إن الخبراء الإسرائيليين استحدثوا منذ عام 2000 مفهوما جديدا يعكس المخاطر المحيطة بالكيان الإسرائيلي ألا وهو مفهوم “معاداة السامية الجديدة”، وقاموا برصد مظاهر العداء ووضعوا سياسات مضادة للتصدي لها من أجل بقاء إسرائيل واستشراف مستقبل أفضل لها. وتجيب الدراسة عن عدة تساؤلات تتعلق بماهية مفهـوم معاداة السامية الجـديدة، والفـارق بينه وبين المفهوم التقليدي لـ”معاداة السامية”، وماهيـة السياسات التي وضعت لرسـم الاستراتيجية لمجابهة هذه الظـاهرة، وما ينتج عنها من مخاطر تهدد بقاء إسرائيل، وما تم تبنيـه بالفعــل مـن سياسـات تترجم هذه الاستراتيجية. وتؤكد الباحثة أن هذه القضية شديدة الخطورة والحساسية حيث لم تعد الادعاءات الصهيونية مجرد محاولات، وإنما أصبحت واقعا يهدد مستقبل القضية الفلسطينية، خاصة أن مفهوم “معاداة السامية الجديدة” ظهر مصاحبا لاندلاع الانتفاضة الثانية عام 2000 ليجهضها من الأساس. ويحمل هذا المفهوم قدرا عاليا من الخطورة نظرا إلى مرادفته لعداء “الدولة الإسرائيلية”، مما يصبغ أي نقد يوجه لساستها بالعداء للجنس السامي، ويترتب على ذلك مثلا توقيع عقوبات قانونية تطبيقا لبعض القوانين الصادرة بهذا الشأن، وعلى رأسها قانون “تعقب معاداة السامية” في الولايات المتحدة الأميركية. وتقول الباحثة إن إسرائيل تبنت مجموعة من البرامج في سبيل مواجهة أعدائها، تأتي على رأسها سياسات ردع وضربات استباقية في العديد من المجالات وذلك في سبيل تحقيق المصالح اليهودية. وتتم صياغة هذه السياسات ومراجعتها في مراكز الدراسات على غرار معهد السياسة والاستراتيجية، وأيضا خلال مؤتمر هرتسيليا، الذي يعقد كل سنة، لتقييم الأوضاع في المنطقة والعالم وتأثيراتها على الأمن القومي الإسرائيلي. ونجحت إسرائيل في تجنيد مواردها ومؤسساتها الرسمية وغير الرسمية. واستطاعت التواصل مع يهود الشتات ومنظماتهم النشطة ذات التأثير في الدول الموجودة بها لخدمة حملة “معاداة السامية الجديدة”. وتحت عنوان “استراتيجية المجابهة” أي مجابهة إسرائيل لهذه الظاهرة، تبحث الدراسة في توجهات الشعب اليهودي التي تتمثل في دعم الهوية وتطوير المنظومة التعليمية والبحثية وتشجيع الهجرة اليهودية إلى إسرائيل. وتتناول علاقة إسرائيل مع العالم الخارجي، من خلال تعبئة الرأي العام الأميركي لكسب تأييده والتواصل مع اليهود في روسيا، وتوظيف الدبلوماسية العامة للدفاع عن إسرائيل، وتحسين صورتها أمام الرأي العام العالمي وبناء تحالفات مع الكيانات والمنظمات الدولية.هبة جمال الدين: مفهوم معاداة السامية الجديدة أمر بالغ الخطورة لمرادفته للعداء السياسي لإسرائيل وتوضح الباحثة أن قنوات التصدي والمواجهة التي تبنتها استراتيجية المجابهة تقترب من آليات حروب الجيل الرابع القائمة على مفهوم الحروب غير المتماثلة، التي تقوم على محاربة تنظيمات منتشرة حول العالم وهذه التنظيمات محترفة، وتملك إمكانات ممتازة، ولها خلايا خفية تنشط لضرب مصالح الدول الأخرى الحيوية كالمرافق الاقتصادية وخطوط المواصلات لمحاولة إضعافها أمام الرأي العام الداخلي، لإرغامها على الانسحاب من التدخل في مناطق النفوذ وتستخدم فيها وسائل الإعلام الجديد والتقليدي، ومنظمات المجتمع المدني والمعارضة، والعمليات الاستخباراتية وهذا يشابه المخطط القديم للزعماء الصهاينة وكذلك بنود الاستراتيجية الحديثة التي وضعها معهد الساسة والاستراتيجية لمواجهة ظاهرة “معاداة السامية الجديدة”. وتلفت الباحثة إلى أنه ليس من قبيل المصادفة أن تتحدث الاستراتيجية في محورها الثالث عن قنوات التصدي والمواجهة التي تشتمل على ثلاث حروب جديدة على إسرائيل خوضها لضمان أمنها القومي، وهذه الحروب هي وسائل حروب الجيل الرابع التي تدخل من ضمنها الضربات الاستباقية والأعمال المخابراتية والأفعال التخريبية وتطويع مؤسسات المجتمع المدني لخدمة أهداف إسرائيل، إضافة إلى الحرب الإعلامية التي تود التوصية بوضعها ضمن منظومة جيش الدفاع الإسرائيلي. ومن ثم نرى أن تلك الاستراتيجية بالغة الخطورة، حيث تعتبر بمثابة رؤية لكيفية دخول إسرائيل ساحة حروب الجيل الرابع، ولكن الغريب هو حديث مؤسسي الدولة الإسرائيلية عن تلك الأدوات السالف الإشارة إليها منذ المئات من الأعوام. وتخلص الباحثة إلى أن ظهور مفهوم “معاداة السامية الجديدة” أمر بالغ الخطورة لمرادفته للعداء السياسي للدولة الإسرائيلية الاستيطانية. ومن ثم فأي انتقاد سيوجه لها سيفسر على أنه مظهر من مظاهر معاداة السامية الجديدة، مما يمثل تصريحا بأن تفعل ما تشاء وترتكب ما تريده من أفعال وجرائم في حق أعدائها “العرب عامة والفلسطينيين خاصة ومجتمع الأغيار ككل”، فكل من يعادي السامية سيقع تحت طائلة قانون “تعقب معاداة السامية عالميا”. ونجح يهود الشتات في الولايات المتحدة في استصداره من قبل الإدارة الأميركية مما يشكل خطورة على من ينتقد تلك الدولة، والأخطر هو الاستراتيجية التي تم وضـعها للتصـدي لهذه الظاهرة، خاصة أننا نشهد ترجمة الكثير منها الآن. فقد نجحت إسرائيل في تطبيق العديد من بنود تلك الاستراتيجية على أرض الواقع في مختلف المجالات، مما يجسد خطورة الوضع، مع اهتمام صانع القرار بإسرائيل بشن حرب فعلية ضد أي مخاطر واقعة أو ممكنة أو حتى متوقعـة، مما يفرض ضرورة أخذ الأمر على قدر من الجدية، بل والاستعداد له والتأهب لما يمكن أن يحدث في ضوء تلك الاستراتيجية واستقراء السياسات والقرارات المتخذة في هذا الشأن. كاتب مصري

مشاركة :