وتـرجّـل فارس الإدارة : إبراهيم المنيف

  • 4/21/2014
  • 00:00
  • 13
  • 0
  • 0
news-picture

فقدت الإدارة أحد روادها وأعلامها البارزين حين غيب الموت عملاقا آخر، كان له الدور الأبرز في سبر أغوار القيادة الإدارية وكان معلمها وصانع نهجها على مستوى الوطن العربي. لقد فجعت وغيري من القياديين والإداريين بوفاة الدكتور إبراهيم المنيف الذي غادر عالمنا إلى غير رجعة بعد أن ترك رصيدا إداريا ضخما، ومخلفا وراءه مسيرة عملية عطرة امتدت نصف قرن كرسها في خدمة التنمية الإدارية. وعز في الناس من عزت بلادهم لما أشادوا لها أو شيدوا فيها. الدكتور المنيف من جيل الرواد ورجل من رجالات الإدارة الأوائل، وأحد القيادات المبتكرة والمحفزة والمحركة لكثير من الإجراءات التنفيذية الحكومية، رجل صريح واضح وشفاف لا يعرف التدليس ولا يفهم مصطلح المراوغة، حين تجلس إليه ويبدأ في الحديث لا تريد منه أن يتوقف لما لديه من الحماسة الإدارية والمعرفية التي لا سماء لها، تصغي إليه كل حواسك وتمنى تسجيلها. عرفته ــ رحمه الله ــ عن قرب وكان لي معه لقاءات كثيرة من خلالها وجدت فيه المفكر والباحث والأكاديمي والقيادي والإداري ووجدت فيه ذلك الرجل الذي لا يكل ولا يمل من القراءة ورغبته الجامحة في نقل المعارف للآخرين بشغفٍ غريب ونهمٍ عجيب. الدكتور إبراهيم المنيف ــ رحمه الله ــ كان لديه شعور شديد بالانتماء لوطنه وأرضه وله دور بارز في خدمة الوطن في مختلف المناصب والمهام التي أوكلت إليه في بدايات عصر التنمية سواء في معهد الإدارة العامة أو عند توليه إدارة صندوق التنمية العقارية في بداياته ورئاسته لشركة كهرباء الوسطى وريادته في حقل الإدارة والتدريب طوال نصف قرن، فضلا عن غزارة إنتاجه الاكاديمي والبحثي التي صدرت في 20 كتابا كتب فيها عن الإدارة والحوكمة والقيادة والتنمية وإدارة الأعمال، كان آخر كتابه (النفط.. الطفرة.. الثروة ــ خمسون عاما في الإدارة التنفيذية) والذي قدم فيه عرضا رائعا ووافيا لما كانت عليه الإدارة في الوطن العربي خلال القرن العشرين والحالة الإدارية في المملكة قبل الطفرة النفطية وما بعدها، بالإضافة إلى عدد كبير من الأبحاث والمقالات الإدارية المنشورة. لاحظت عليه في السنة الأخيرة وكأنه يودع هذه الدنيا وكان لديه كنز ثمين من المعارف والنظريات والكتب والأفكار بعضها وجدت النور والبعض لاتزال بجعبته لم يجد متسعا من الوقت لإخراجها وكأنه يبحث عن من يتبناها أو يأخذها منه بدون مقابل رغبة منه في استمرار نشر مفاهيم الإدارة لأوسع مدى، فالسنين التي قضاها لم تنل من همته ونشاطه وطموحه في خدمة وطنه وأمته. العزاء لأسرتك وأبنائك والعزاء لنا محبيك ولكل هواة الإدارة والقيادة والطامحين للتنمية ولمن يمارسها تدريسا أو تطبيقا فلابد أنه قد عرج أو تعرض لنفحات كلماته أو اقتبس من نظرياته أو اقتنى كتبه. نعم فقدناك ورغم عِظم الرزء الذي منينا به لفقدانك يظل عزاؤنا فيك ما أبقيت وما أنجزت وما أنتجت. وما يخفف من وطأة نبأ موتك وألم فراقك أن إنتاجك بيننا سيبقى نبراسا يضيء طريق الإداريين وإرثا كبيرا للأجيال القادمة. رحمك الله رحمة واسعة وجعلك من السالمين في قبرك وفي عليين في جنات النعيم.. ما مات من خلدت صحائف مجده ولسعيه الوطن العزيز مصدق.

مشاركة :