الترفيه ليس تزجية للوقت! - يوسف المحيميد

  • 2/28/2017
  • 00:00
  • 37
  • 0
  • 0
news-picture

يوسف المحيميد لقد تغير كل شيء! تغير المجتمع السعودي تمامًا، وهذه سنة الحياة، فلا بقاء لشيء على حاله، الطبيعة تتغير، والمكان يتغير، والإنسان بدوره يتغير، ومن يريد معرفة هذا التغيير، يكتب كلمة «الترفيه» ويبحث عن أي «هاشتاق» في تويتر مثلاً، سواء مع هيئة الترفيه أو حتى ضدها، سيجد كثيرًا من المواطنين والمواطنات، الشباب والشابات، يكتبون برؤية مختلفة ومتجاوزة وشجاعة، لم يعد هذا الجيل يأبه لأحد، فهو يسير وراء أحلامه، يسير بثقة نحو ما يُريد، لا ما يُرَاد له، يضع رؤيته وقناعاته على المحك، ويبحث عن كينونته بإصرار وعزيمة، متسلحًا بالعلم والمعرفة والثقافة بشكل عام. لم تعد تنطلي على هؤلاء الألاعيب القديمة، ولم يعد يقنعهم أن الترفيه لا يجوز، والضحك يميت القلب، والسعادة والمرح أمر مكروه، وأن علينا ألا نعيش، بل ننتظر الموت. هذا الجيل يحمل رؤيته على كتفه ويمضي، لا ينتظر أحدًا، ولا ينظر إلى تعليمات أحد ووصاياه، حتى ممن هم في مثل سنهم من المتنطعين، لا يقدمون ولا يؤخرون في إرادة هذا الجيل الذي سيخلده التاريخ مثلما خلد أجيالاً ظهرت في أمم أخرى، ففي الغرب يمكن أن نجد تركة جيل «البيت» في كثير من المتاحف العالمية، لأنهم أوجدوا آدابهم وفنونهم التي تمثل رؤيتهم تجاه الإنسان والحياة، ولا يعني ذلك أن شبابنا هم كهؤلاء، لا ليسوا كذلك، وإنما سيغيرون مجتمعهم، وسيتركون بصمتهم الخاصة جدًا، في مجتمع يهمِّش الفنون والآداب، وربما ينكرها ويرفضها في بعض الحالات والأزمان السابقة. من يظن أن الترفيه هو الحفلات الغنائية فحسب فهو مخالف للواقع، ومن يعتقد أن السينما تسلية فقط فهو لم يدرك التجارب الإنسانية، ومن يرى في المسرح رقصًا وتهريجًا فهو لم يطلع على الثقافات والحضارات المتنوعة، فالترفيه ليس تزجية للوقت، بل هو تعليم ومعرفة وثقافة، هو ما يؤنسن الإنسان، ويهذِّب خُلقه، ويرفع معدل وعيه، فلا يمكن لأمة التقدم في مجالات العلوم والمعارف بشكل عام، ما لم تحترم الآداب والثقافات وتكرس الفنون في شتى مجالات الحياة، وهذا ما تنبه له هذا الجيل الشاب في المملكة، مدعومًا برؤية 2030، ومحظوظًا بها، وقد جاءت في وقت مناسب لطموح هؤلاء، وسعيهم نحو الثقافة الجادة. على هؤلاء الذين يقاتلون ضد هيئة الترفيه أن يكفوا عن ذلك، فمن لا تعجبه فعالياتهم المختلفة فليقاطعها، ولكن ليس من حق أحد الوصاية على غيره، وعلى ذائقته ورغبته واهتمامه، وماذا يفعل، وما لا يفعل، هذه المرحلة انتهت تمامًا، ونحن نسير نحو مرحلة الإبداع والتجديد.

مشاركة :