لا خير فينا إن لم نتعلم من الغزو

  • 3/1/2017
  • 00:00
  • 31
  • 0
  • 0
news-picture

مثلما هي فرحة لمن شاء القدر أن يولد يومي 25 و26 فبراير عام 1991، هناك على الجانب الآخر غصة وشهادة لمن أعطى وقدم روحه فداء للكويت.. المناسبة تطل علينا بوجهي الرحمة والشهادة، والشعوب الحية تحرص على تخليد هذه الأيام، كونها ترتبط بمناسبتين عزيزتين على قلوبنا هما الاستقلال والتحرير.. بعيدا عن عبارات التمجيد، نقول وفي جملة مختصرة، إن الانتماء للوطن ليس بالشعارات، بل بالتضحية والوفاء عندما يستدعي الوطن أبناءه.. وهل هناك أروع وأجمل من أن تبذل الروح والجسد في سبيل كرامة الوطن وعزته؟ كان لي شرف المشاركة مع «مجموعة 25 فبراير»، وهي التي ضمت كل أطياف المجتمع الكويتي وعددا من الوافدين الذين ساهموا معنا ووقفوا إلى جانبنا أيام الاحتلال العراقي الوحشي على بلادنا.. من محاسن الصدف أنه تم إنجاز أول فيلم سينمائي توثيقي عرض في سينما الحمراء بإشراف الديوان الأميري، وفيه تسجيل رائع لسيرة البطلة الشهيدة وفاء العامر، قمت بأداء دور فيه، نظراً لكوني ضمن المجموعة ولمعرفتي بها ومشاركتي لها في عدد من أعمال المقاومة التي سطرتها.. قصة «وفاء»، ولها من اسمها نصيب والمجموعة التي حملت اسم «25 فبراير»، هي تجسيد حي لعلاقة أهل الكويت في ما بينهم، وتلك الروابط المصيرية التي جعلتهم في خندق واحد تجاه العدو إلى جانب أخوة لنا من لبنانيين وفلسطينيين وعراقيين وبدون.. تلك صورة أعتز بها وأشعر أنها صورة واقعية اليوم نستذكرها لما لها من معان وقيم كادت تغيب عن سمائنا بفعل تيارات وأشخاص أدخلونا في متاهات التعصب والمذهب والتمصلح، حتى كدنا نتوه عن السكة التي توصلنا إلى الإصلاح والإنجاز والتنمية التي باتت عناوين فارغة من مضمونها. «وفاء»، بل هذا الرمز الذي يجمعنا اليوم، أعاد إليّ شريطاً من المواقف الجريئة التي قمت بها، كيف لي أن أنسى «عملية الهيلتون» عندما دخلت الشهيدة الفندق وادعت أنها موظفة من قبل الحكومة العراقية، وتجولت بالفندق، وأجرت بروفات مع زملائها بالخلية سامر وأشرف العاملين بالفندق، وتم إدخال أربع علب مفخخة لجناح علي حسن المجيد ليتم زرع اثنتين منها بجناحه والثالثة على مدخل الطوارئ، والرابعة على مخرج الطوارئ، وتم إرسال سيارة مفخخة لدى مخرج الطوارئ قمت بتوصيلها مع زميلة عراقية، وأسفرت العملية عن 4 قتلى و70 جريحاً.. وغيرها من العمليات إلى أن كان استشهادها بتاريخ 5 فبراير 1991 بعد تعذيبها ورمي جثتها أمام منزل أهلها.. أكثر من ربع قرن مضى، وهو زمن ليس بالقصير، ولكن المناسبة تستوجب القراءة والتفكير بإمعان وبصيرة، هل استفدنا من تجربة الغزو والاحتلال؟ هل تعلمنا الدرس جيداً؟ هل قدمنا الصورة والمسلك والرؤية التي نصلح فيها حالنا وأحوالنا؟ أسئلة مشروعة نعيد طرحها اليوم لعل في استعادتها شيئاً من الإفادة والرحمة بحق هذا الوطن وأبنائه وشهدائه، بل ومستقبله، فهو ما يؤرقنا ويدفعنا إلى القول: لا خير فينا إن لم نتعلم من الغزو والاحتلال، ولا أمل فينا إن لم تكن لدينا إرادة التغيير وإعطاء جرعات من الأمل لهذا الشعب والأجيال القادمة. د. إبراهيم محمد دشتي

مشاركة :