علماء الإسلام والمسيحية يدعون إلى التصدي للتعصب الديني و«الإسلاموفوبيا»

  • 3/1/2017
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

القاهرة: «الخليج» حذر كبار علماء الإسلام، ورجال الدين المسيحي، والسياسيون، من خطورة التهاون مع جماعات التطرف والتعصب الديني، التي تنامت في عالمنا العربي، وأكدوا أنها تستهدف زرع ثقافة التعصب والكراهية في نفوس العرب على اختلاف عقائدهم، بهدف تفتيت وحدتهم وشغلهم بحروب طائفية، وخلافات مذهبية تعصف بما تبقى لهم من وحدة وقدرة على العمل العربي المشترك لصالح شعوبهم. جاء ذلك خلال افتتاح المؤتمر الدولي للتعايش المشترك، الذي تستضيفه القاهرة، وينظمه الأزهر بالتعاون مع مجلس حكماء المسلمين، تحت عنوان «الحرية والمواطنة.. التنوع والتكامل»، ويشارك فيه ممثلون لأكثر من خمسين دولة في العالم من بينها دولة الإمارات العربية المتحدة. وترأس وفد الدولة فى الاجتماع الشيخة لبنى بنت خالد القاسمي وزيرة دولة للتسامح ومشاركة كل من علي النعيمي الأمين العام لمجلس حكماء المسلمين وحمدان المزروعي رئيس مجلس إدارة هيئة الهلال الأحمر، ومحمد مطر الكعبي رئيس الهيئة العامة للشؤون الإسلامية والأوقاف وجمعة مبارك الجنيبي سفير الدولة لدى مصر.أكد أحمد الطيب، شيخ الأزهر، رئيس مجلس حكماء المسلمين، أن العالم العربي في أمسّ الحاجة إلى هذا المؤتمر، الذي يعقد في ظروف استثنائية وفترة قاسية تمر بها المنطقة، بل العالم كله الآن، بعد أن اندلعت نيران الحروب في منطقتنا العربية والإسلامية، دون سبب معقول أو مُبرِّر منطقي واحد يتقبله إنسان القرن الواحد والعشرين.وأكد شيخ الأزهر، في الجلسة الافتتاحية للمؤتمر، أنه من المحزن والمؤلم، تصوير الدين في هذا المشهد البائس، وكأنه وقود هذه الحروب، وزين لعقول الناس وأذهانهم أن الإسلام هو أداة التدمير، التي انقضت بها جدران مركز التجارة العالمي، وفجر به مسرح الباتاكلان ومحطات المترو في باريس، وسحقت بتعاليمه أجساد الأبرياء في مدينة نيس، وغيرها من مدن الغرب والشرق، مؤكداً أن ما نأسى له من هذه الصور الكارثية المرعبة، التي تزداد اتساعاً وقتامة، مع تنامي التطرّف وتقلص الحيز الصحيح في فهم حقيقة الأديان الإلهية، ومغزى رسالات الأنبياء التي تصطدم اصطداماً مدوياً، بكل التفسيرات المغشوشة لتوجهات الأديان.وأوضح الطيب أن هذه الشرذمة الشاردة عن نهج الدين كانت إلى عهد قريب محدودة الأثر والخطر، وكانت قليلة العدد والعتاد، عاجزة عن تشويه صورة المسلمين، إلا أنها الآن، أوشكت على أن تجيش العالَم كله ضد هذا الدين الحنيف، محذراً من ظاهرة «الإسلاموفوبيا» في الغرب، التي انعكست آثارها البالغة السوء على المواطنين المسلمين في هذه الأقطار، مؤكداً أن هناك من يغذيها ويرضعها كل يوم لبان الكراهية للإسلام والمسلمين، مشيراً إلى أن الإرهاب «صناعة عالمية» أُحكمت حلقاتها، في تواطؤ مع كثير من المعنيين بحقوق الإنسان، ورعاة السلام العالمي والعيش المشترك والحريَّة والمُسَاواة وغير ذلك مما جاء في المواثيق الدولية. وعبر شيخ الأزهر عن رفضه للمحاكمة الدولية للإسلام، وربطه وحده بالتطرف والإرهاب، مؤكداً اشتراك الكل في عريضة اتهام واحدة، وقضية واحدة هي قضية العنف والإرهاب الديني، وقال: بينما يمر التطرف المسيحي واليهودي برداً وسلاماً على الغرب دون أن تدنس الصورة لهذين الدينين الإلهيين، إذا بشقيقهما الثالث يحبس وحده في قفص الاتهام، وتجري إدانته وتشويه صورته حتى هذه اللحظة.وأكد الطيب أن تبرئة الأديان من الإرهاب لم تعد تكفي أمام التحديات المتوحشة، وأن خطوة أخرى يجب علينا أن نبادر بها، وهي النزول بمبادئ الأديان وأخلاقياته إلى هذا الواقع المضطرب، وهذه الخطوة تتطلَّب تجهيزات ضرورية، وأولها إزالة ما بين رؤساء الأديان وعلمائه من توترات وتوجسات.وشدد البابا تواضروس الثاني، بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية، على أن المنطقة العربية كلها تعاني الفكر المتطرف والمتشدد، الذي يشكل أخطر تحديات العيش المشترك، معتبراً أن هناك أنواعاً مختلفة من الإرهاب منها: الإرهاب الديني والبدني، الإرهاب الفكري المتمثل في فرض الفكر والهجوم على ممارسات الآخرين، وهناك الإرهاب المعنوي الذي يمثل حالة التطرف الفكرية وحرمان المختلفين في العقيدة من حقوقهم الأساسية.وطالب البابا بضرورة تعزيز ثقافة احترام الآخر، مقترحاً عدة حلول لتحقيق العيش المشترك والقضاء على العنف والفكر المتطرف، منها تقديم القيم الدينية في صورة مستنيرة، وإرساء خطاب بنائي عصري مستنير، مؤكداً أن رجال الدين عليهم مسؤولية كبيرة في إرساء هذا الخطاب، مؤكداً أن التنوع بين الإنسانية لا يعني الاختلاف بين الهوية الوطنية والمنهج الحضاري العصري، فالتنوع ينشئ الحوار، ويكون في دائرة من التعاون والتكامل والاستجابة لأسس وثقافة الحوار. وحذر أحمد أبو الغيط، الأمين العام لجامعة الدول العربية، من التهاون مع جماعات التطرف والضلال التي تشكل خطراً بالغاً على العيش المشترك، مؤكداً أن العالم العربي يعيش حقبة تاريخية خطرة تتمدد فيها جماعات التطرف والانغلاق، وتعرض مفهوم المواطنة إلى التراجع والتآكل، وطالب بمواجهة جادة وحاسمة لما سماها «جماعات اليأس والظلام وعمالقة فقه الكره».وقال الشيخ عبد اللطيف دريان، مفتي الجمهورية اللبنانية: إن العيش المشترك والمواطنة يرتبطان في أي مجتمع بالحفاظ على ثوابت أساسية هي كيان الدولة، والهوية، وحكم القانون، مضيفاً أن هذه الثوابت باتت تتصدع في العالم العربي، وانعكس ذلك سلباً على العيش المشترك والمواطنة.وطالب مفتي لبنان بالبعد بالدين عن صراع السياسة، ووقوف قيادات العالم العربي ضد تصدع الدول في المنطقة العربية وانهيارها، ووقوف علماء الإسلام ورجال الدين المسيحي ضد موجات التطرف والإرهاب، مؤكداً أن تعاليم الإسلام تؤسس لدولة المواطنة، وتربي الأجيال على المواطنة والسلام والعيش الواحد.وأكد المشير عبد الرحمن سوار الذهب، الرئيس السوداني الأسبق، عضو مجلس حكماء المسلمين، أن الإسلام دين يرسي دعائم العيش المشترك ويدعو إلى السلام وفق منهج ومبادئ ونصوص القرآن الكريم، التي تؤكد ضرورة التواصل السلمي مع غير المسلمين، مشدداً على أن مطلوبات درء مخاطر التفكك والانقسام في العالم العربي والإسلامي تتمثل في بناء المنظومة الاجتماعية للأمة العربية والإسلامية، وتعضيد أواصر الإخاء والتصالح بين المجتمعات العربية والإسلامية لمواجهة التحديات الماثلة.

مشاركة :