لا شيء يضاهي في التاريخ بالنسبة للكويت حدث التحرير من الغزو الغاشم الذي تحول إلى ذكرى وعيد وطني تجسدت فيه وحدة القيادة والشعب وكان هذا التعاضد في أسمى معانيه، والوسط الفني الكويتي سطر موقفا بطوليا لا ينسى إبان الغزو عبر الفنانين الذين بقوا داخل البلاد أو حملوا لواء قضيتهم في الخارج، وسجلت الأغنية والدراما موقفاً كبيراً في تلك الأيام العصيبة.. حتى جاء نبأ التحرير الذي لا يزال صداه يسكن وجدان من عاش في تلك الفترة.عبدالحسين عبدالرضالم يغادر الكويت وتلقى أكثر من نصيحة بسرعة مغادرة البلاد، كون وجهه كفنان مألوف من قوات العدوان، وفي حال أسره قد يتعرض للضرر أو التصفية، أو إرغامه على التصريح ضد وطنه، يقول أبو عدنان في حوار متلفز بعد الغزو: "عرضوا عليّ الخروج من الكويت بعض الإخوة، وللأمانة كنت أفكر في الخروج ولكن يوم أجي أتخذ الخطوة أحس رجولي ماتطاوعني أحس إني بأترك شي عزيز بأترك أم مريضة ولا شعورياً كنت أتراجع"، ويضيف: "أولادي نصحوني بالخروج وإن العين عليا وأنا معروف وكنت أقول لهم اللي يجي من الله حياه الله واللي بيصير على الكويت ماحنا أحسن منها وحنا عود في عرض حزمة".مبيناً أنه كان يتنقل خارج المنزل ويسكن مع مجموعة في شقة بـ"سلوى" وعدة مرات كان يأتي أشخاص للسؤال عنه في بيته، فتخبرهم عائلته بأنه يتواجد في لندن من قبل أيام الغزو للعلاج. وفي إحدى المرات تعرف عليه ضابط من العدوان في نقطة تفتيش، وسأله: "حجّي إنت حسين عبدالرضا الفنان"؟ فأجابه: "نعم..أنا"، ثم سأله عن سر تغير هيئته ويقصد ظهور الشيب واللحية الطويلة فأخبره بأنه ذلك "من زود الوناسة".. وضحك.. ثم كرر عليه بأنه اعتزل الفن من سنوات ويعاني من المرض فطمأنه الضابط بأنه ليس من قطاع المخابرات، وكان يريد تبادل الحديث معه عن الفن.وذكر بأنه عندما تلقى نبأ التحرير خرج بعد الفجر من الشقة التي كان يختبئ بها فرأى المدرعات في الشوارع بلا جنود، ورأى الناس يركضون ويضمون بعضهم ويباركون وكانت فرحته لا توصف. سعاد عبداللهكانت في مصر بصحبة زوجها المخرج فيصل الضاحي وقدمت مجموعة من العروض المسرحية والفنية التي تحمل رسالة عنوانها الكبير عودة الكويت، وشاركت في عرض أوبريت "الليالي المحمدية" الذي كتبه الشاعر عبدالرحمن الأبنودي ولحنه الدكتور جمال سلامة، وجسدت فيه سعاد معاناة الكويتيين بصحبة الفنان عبدالله الرويشد الذي كان يغني "اللهم لا اعتراض" والمسرح يضج ببكاء الحضور، وشاركت في مجموعة من البرامج الإذاعية، وقدمت مسرحية "سوف نبقى واقفين". عبدالإمام عبداللهتلقى خبر تحرير الكويت وهو في الأسر حيث قضى 26 يوماً في سجون النظام، يقول عبدالإمام: "الفرحة كانت لا تسعنا كنا 300 شخص محبوسين في مساحة ضيقة نحضن بعض ونبارك لبعضنا، ومن شدة الفرح بعودة الديرة نسينا أننا لا نزال أسرى"، وأضاف: "بعد إطلاق سراحنا أخذونا في باصات إلى منطقة (العبدلي) وهناك كان الجيش السعودي والكويتي يوم شفناهم تأكدنا أن الكويت تحررت".مبيناً أن الأخبار كانت تصلهم في السجن عبر راديو صغير يخبئه سجين ويبث الأخبار إلى باقي المجموعة، وأخبرهم يومها بأن ولي العهد الشيخ سعد العبدالله الصباح رجع إلى الكويت، وقال: "بعد 26 يوما من المعاناة الله لا يعيدها أخذونا في باصات الصليب الأحمر إلى الحدود ومنها عدنا إلى الديرة والأرض لا تسعنا من الفرحة". عبدالله الرويشدتلقى خبر التحرير وهو في مصر، وبين أنه عاش أياما عصيبة منذ اللحظات الأولى للغزو، وذكر الرويشد بمرارة في أكثر من ظهور إعلامي بأنه تلقى نبأ الغزو عندما كان بصدد إحياء حفلة في لندن، وأبلغه بالخبر الفنان نبيل شعيل الذي اتصل به فجراً وهو نائم وصعقه بالفجيعة فغادر فوراً إلى القاهرة، الرويشد ذكر بأن معاناته جزء من معاناة كل الكويتيين حيث والده ووالدته وإخوته كانوا في الكويت، وتعرض شقيقه للأسر، فيما هو تفرغ لتسجيل الأغاني الوطنية التي تستنهض الهمم وترفع المعنويات في عز الألم الذي عاناه أبناء شعبه، وأدى الرويشد مجموعة من الأعمال الخالدة في تلك المرحلة منها: "اللهم لا اعتراض".
مشاركة :