تونس تتجه بخطوات حثيثة نحو تحسين الأوضاع بالسجونتواجه الأطراف الرسمية في تونس الوضع الصعب الذي تعيشه السجون في كامل جهات البلاد بعزيمة ثابتة هدفها المرور إلى واقع أفضل. وتسعى الحكومة إلى إقرار إجراءات جديدة تمكنها من تجاوز حالة الاكتظاظ في المنشآت السجنية بما يمكنها من تحسين الظروف داخلها وتفادي النقاط السوداء.العرب [نُشر في 2017/03/01، العدد: 10558، ص(4)]بذل الجهد لتحقيق الأفضل تونس - تعمل تونس من أجل تطوير المنظومة السجنية وتحسين الأوضاع في سجون البلاد على كل المستويات. وأعلن قيس السلطاني، الناطق الرسمي باسم إدارة السجون والإصلاح، الثلاثاء، عن تراجع عدد السجناء من 25 ألفا نهاية العام الماضي إلى حوالي 21.400 سجين خلال الفترة الأخيرة. وتتجه الحكومة التونسية نحو إقرار مجموعة من الإجراءات التي تساعدها على تجاوز حالة الاكتظاظ التي تعانيها المؤسسات السجنية بكامل البلاد. وكان الباجي قائد السبسي، رئيس الجمهورية، قد أعلن أنه سيطالب مجلس الأمن القومي بعدم تتبع مستهلكي القنب الهندي من الشباب، مستقبلا، إلى حين إيجاد حل جذري وإلغاء القانون. وأشار السبسي إلى أنه ضد الحكم بالسجن على الشباب من مستهلكي هذه المادة المخدرة، معتبرا أن “الشاب عندما يدخل السجن بسبب استهلاك سيجارة من مخدر القنب الهندي، سيخرج منه مجرما”. ودعا يوسف الشاهد، رئيس الحكومة، إلى إلغاء سجن مستهلكي المخدرات في البلاد، في وقت تتجه السلطات إلى إلغاء القانون القديم المثير للجدل والمتعلق بمكافحة المخدرات وتعويضه بقانون جديد تتم مناقشته حاليا في البرلمان. وطالب الشاهد، خلال افتتاحه لمركز علاج الإدمان على المخدرات بجبل الوسط من ولاية زغوان، بالتعجيل في تغيير القانون 52 المتعلق بمكافحة المخدرات وتعويضه بالقانون الجديد، داعيا إلى إلغاء عقوبة السجن ضد مستهلكي المخدرات مقابل تشديدها على مروجيها.قيس السلطاني: تراجع عدد السجناء من 25 ألفا نهاية العام الماضي إلى حوالي 21.400 حاليا ويشكل اكتظاظ السجون في تونس إحدى أكبر المشكلات التي تعانيها هذه المنشآت، حيث تصدر الجهات الحكومية وغير الحكومية سواء محليا أو دوليا باستمرار تقارير وتحذيرات في هذا الشأن. ووصف غازي الجريبي، وزير العدل التونسي، خلال جلسة استماع له من طرف اللجنة الخاصة للأمن والدفاع بمجلس نواب الشعب، بداية يناير الماضي، الوضع بالسجون التونسية بـ”الكارثي”. وأكد أن كل السجون التونسية قد تجاوزت طاقة استيعابها القصوى، مشيرا إلى أن 50 بالمئة من المودعين بالسجن موقوفون والبقية محكوم عليهم. وأكد المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان، وهو منظمة حقوقية أوروبية مقرها جنيف، في تقرير أصدره بداية أكتوبر الماضي، بأن السجون في تونس تعاني من اكتظاظ شديد في عدد السجناء، بالتزامن مع غياب الفصل بين المتهمين والموقوفين والمحكومين. ووصف المرصد أوضاع السجون في تونس بأنها “كارثية جدا”. وأشار المرصد الحقوقي إلى أن مجموع السجناء يفوق الطاقة الاستيعابية للسجون التي تستوعب في الظروف الطبيعية 16 ألف سرير. وذكر التقرير أن النسبة الأكبر (60 بالمئة) من عدد المساجين يصنفون كموقوفين على ذمة القضاء في انتظار محاكمتهم، فيما بلغت نسبة من صدرت في حقهم أحكام نهائية بالسجن 40 بالمئة فقط من عدد المساجين. وأشار المرصد الأورومتوسطي إلى أن نسبة الاكتظاظ داخل السجون بلغت 150 بالمئة وتصل أحيانا في البعض منها إلى نسبة 200 بالمئة، غير أن أطرافا غير حكومية تونسية تقول إن نسبة الاكتظاظ تتراوح بين 200 و300 بالمئة. وأوضح المرصد بأن حالة الاكتظاظ داخل السجون أوصلت تونس إلى المركز الرابع عربيا بنسبة 212 سجينا لكل 100 ألف مواطن وهي نسبة مرتفعة، وفق ما أعلن عنه المركز الدولي لأبحاث السياسات الجنائية 2016. وطالب المرصد الأورومتوسطي السلطات التونسية بضرورة العمل على الحد من الاكتظاظ داخل السجون، من خلال تفعيل العقوبات البديلة للسجن والعمل. وأكد المرصد أيضا على ضرورة التقليل من إصدار بطاقات الإيداع. وتتسبب حالة الاكتظاظ بالسجون التونسية في تردي الأوضاع داخل هذه المنشآت، حيث تسعى الحكومة إلى تحسين ظروف الاحتجاز. وسجلت حالات التعذيب داخل السجون ومراكز الإيقاف في تونس، السنة الماضية، تراجعا مقارنة بسنة 2015. وقالت المنظمة التونسية لمناهضة التعذيب إنها سجلت 153 حالة تعذيب داخل السجون ومراكز الإيقاف في الفترة الممتدة بين يناير ونوفمبر 2016، مقارنة مع 250 حالة في الفترة نفسها من 2015. وكانت منظمة العفو الدولية أوصت السلطات التونسية، بوضع حد لإفلات الموظفين الذين يمارسون التعذيب وغيره من ضروب المعاملة السيئة من العقاب، عن طريق إجراء تحقيقات مستقلة، ومحاكمة ومعاقبة كل من تتوفر أدلة على مسؤوليته عن تلك الانتهاكات. وأكد مهدي بن غربية، وزير العلاقة مع الهيئات الدستورية والمجتمع المدني وحقوق الإنسان، في معرض رده على تقرير منظمة العفو الدولية بخصوص حالات التعذيب في تونس، أن حقوق الإنسان هي منظومة حكم في البلاد، مبرزا التزام حكومة الوحدة الوطنية بكسب المعركة ضد الإرهاب والتطرف وبإرادة ثابتة لتعزيز حقوق الإنسان. وتسعى الإدارة العامة للسجون والإصلاح، ومن ورائها وزارة العدل، إلى “مراجعة قانون السجون وإيجاد حلول لمشاكل نظام الإعاشة داخل السجون على ‘القفة’ (سلة أكل المسجون التي يجلبها له أقاربه)”، وذلك في سياق جهودها لتحسين الأوضاع في السجون. وصرح القاضي كمال الدين بن حسن، المكلف بمأمورية بديوان وزير العدل، في 15 فبراير الماضي، أنه “إذا ما تم تبني مقترح التخلي عن القفة، فإنه لن يكون بصفة فجئية، بل تدريجيا”. وأكد على ضرورة التفكير في تخصيص فضاءات للأكل داخل السجون، تكون منفصلة عن أماكن النوم، بالإضافة إلى “وجوب العمل على عدم بعثرة محتوى القفة، دون الإخلال بمتطلبات الأمن والسلامة”. وقالت تغريد جبر، المدير الإقليمي للمنظمة الدولية للإصلاح الجنائي ورئيسة مكتب الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، إن موضوع القفة في تونس بحاجة إلى تنظيم وتقنين، “بهدف تخفيف العبء على الأسر وعلى إدارة السجن التي تقوم بتفتيش عدد هام من القفاف يتجاوز المليون قفة سنويا”، مشيرة إلى أن عملية التفتيش تسبب ضياع وقت الأمني.
مشاركة :