يوم للفرحة | د. عبد العزيز حسين الصويغ

  • 4/22/2014
  • 00:00
  • 6
  • 0
  • 0
news-picture

"آدي الربيع عاد من تاني والبدر هلّت أنواره وفين حبيبي اللي رماني من جنة الحب لناره" بهذه الكلمات الجميلة للشاعر مأمون الشناوي كان الموسيقار فريد الأطرش يستهل فصل الربيع من كل عام؛ لنستمع منه إلى أغنيته المشهورة عن الربيع التي غنّاها عام 1949، ومازالت مستمرة نسمعها ونطرب لها حتى الآن.. وسيستمر ترديدها مع كل ربيع بكلماتها الجميلة ومعانيها التي تجلب معها الفرحة والأمل والتفاؤل. *** وأمس الاثنين 21 إبريل.. هو يوم الاحتفال بالربيع في مصر، أو "شَمُّ النِّسِيْمِ" كما يُطلق عليه المصريون. ولا يهتم المصريون كثيرًا أن يكون أصل هذا الاحتفال قبطيًّا -كما يقول البعض- حيث يُطلق عليه في القبطية (شُوْم إنِّسِم)، أو فرعوني كما يؤكد الموروث الثقافي الذي يقول بأنه كان من أعياد قدماء المصريين في عهود الفراعنة قبل 5000 سنة تقريبًا. كل ما يهم المصريين هو الاستمتاع بالمناسبة، وانتهازها لإدخال الفرح إلي حياتهم. فإظهار الفرحة والعيش مع اللحظة للخروج قليلاً من الروتين اليومي، واجتماع الأسر في الحدائق والمتنزهات هو أمر يتحقق في النهاية للأسرة المصرية، فتستعيد لُحمتها، ويتلاقى أطراف الأسرة جميعًا في مثل هذه المناسبات لتناسي خلافاتهم، فتزيل ما قد يكون في النفوس من مظاهر اختلاف جُبل عليها الإنسان بطبعه. *** وأتألم عندما أسمع أحدهم يسأل عن حكم الفرح، وكأنه يستكثر على نفسه وأسرته أن يعيش مع الفرحة ولو لحظة. ويخبرني أحد الأصدقاء أنه ذات عيد، شاهد في التلفاز أحد الوعاظ يقول: "إن الابتسام في العيد لا بأس به من الناحية الشرعية‎". وحكاية الصديق سمعتها من صديق آخر -لا أذكر اسمه الآن- حكى لي أن أحد المعروفين بتجهمهم الدائم، وعبوسهم المستمر حتى في أكثر المواقف مدعاة للضحك والابتسام أفتى لأبنائه الصغار، عندما وجدهم وجلين من الضحك والابتسام في حضرته، أنه لا بأس من رسم البسمة في العيد دون المُبالغة في الفرحة، وخروج الأمر من البسمة البسيطة إلى الضحك.. أمّا القهقهة فهي.. ممنوعة.. رغم أن حكاياتنا القديمة يكثر فيها ترديد "وأخذ يضحك ويقهقه حتى استلقى على قفاه"! *** ولقد تناولت هذه الظاهرة.. أي "النكد الأزلي" التي يتمتع بها قطاع لا بأس به من الشعب السعودي، في أكثر من مقال، وقرنت ذلك بارتباطنا بالإبل والبعارين التي تُمثل براطيمها كم النكد المتجمّع في المجتمع قاطبة.. حتى أننا آثرنا أن نأخذ عن البعير حتى أمراضنا، إذ يُرجع بعض الأطباء تفشي وباء "كورونا" إلى الإبل.. وتعلقنا بالبعارين!! وتخرج الأمور عن نطاقها عندما لا يكتفي البعض بحظر الابتسام على نفسه، فيسعى إلى تعميم "النكد" على كافة عباد الله، فلا يترك هؤلاء -ذكورًا وإناثًا- حتى مناسبة الأفراح إلاّ وخرج ناعقًا منهم ليحيلها إلي مناسبة كئيبة حتى "صار الفرح طارئًا، والجمود والخمول والشحوب والحزن هي الأصل"! *** وينسى أمثال هؤلاء أن البسمة هي "بسبور" إلى قلوب الناس. فأول ما يجعل الناس مقبلين، أو مدبرين عن "شخص ما" هو إطلالته التي يحكمون فيها على شخصيته، فإن كان بشوشًا يستقبل الناس هاشًّا باشًّا أقبلوا عليه، وإن كان عابسًا قمطريرًا هربوا منه كما يهربون من المجذوم، وأخلوا له الطريق اتقاءً لما يظنونه به من كآبة قد تسبب لهم "العكننة" لبقية اليوم! وتناسي أمثال هؤلاء أيضًا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان مثالاً للبهجة والفرح.. يقول جرير -رضي الله عنه- كما في الصحيحين: "ما حَجَبني رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم- منذُ أسلمتُ، ولا رآني إلاّ تَبَسَّم في وجهي". * نافذة صغيرة: (وتبسمك في وجه أخيك صدقة).. رواه الترمذي، وصححه ابن حبان. nafezah@yahoo.com للتواصل مع الكاتب ارسل رسالة SMS تبدأ بالرمز (6) ثم مسافة ثم نص الرسالة إلى 88591 - Stc 635031 - Mobily 737221 - Zain

مشاركة :