أكد الأستاذ بقسم الفقه بكلية الشريعة بالجامعة الإسلامية ومستشار مدير الجامعة ورئيس الهيئة الاستشارية الدكتور عبدالسلام السحيمي أن ترك الجهاد في بعض البلدان الأخرى ليس تخلّفاً عن الواجب أو موالاة للعدو أو من النفاق وترك ما يجب، لأنه قد تتخلف بعض شروطه وقد توجد بعض موانعه، مستشهداً بصلح الحديبية. وقال: «إن مقتضى الجهاد كان موجوداً فالمشركون صدُّوا النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه عن إكمال عمرتهم وكانوا أخرجوهم من ديارهم، ومع ذلك صالح النبي صلى الله عليه وسلم المشركين بصلح الحديبية». وأوضح أن الجهاد يتعيّن في ثلاثة مواضع نص عليها أهل العلم، وأولها إذا دهم العدو بلاداً من بلاد المسلمين وجب عليهم دفعه بما يمكنهم من ذلك، وثانيها إذا استنفر الإمام قوماً لزمهم النفير، وثالثها إذا حضر القتال وكان قتالاً مشروعاً فلا يجوز له الانصراف بل عليه أن يثبت ويشارك المسلمين القتال. وأضاف خلال محاضرته التي نظمت بعنوان «الجهاد في الإسلام: مفهومه، وأنواعه، وضوابطه، وأهدافه»، في الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة أمس: «سيرة النبي عليه الصلاة والسلام وصحابته عطرة في الجهاد كما هي سيرتهم في السِّلم وفي كل أحوالهم، فلم يغدروا، ولم يظلموا، ولم يفجروا، فكان جهادهم جهاداً نافعاً اتّبعوا فيه الشرع مع أنفسهم ومع غيرهم، ولم يكونوا فتنة لغيرهم». وبيّن الدكتور السحيمي أن هناك ضوابط متعلقة بالجهاد وشروطاً لا بدّ من توافرها وهي خمسة ولا بدّ أن تكون مجتمعة وهي، إخلاص العمل لله وأن يكون مقصود المجاهد إعلاء كلمة الله، وجود القوة والقدرة التي يغلب على الظن أنها تكسر شوكة العدو، أن لا يترتب على القتال مفسدة أعظم من مفسدة تركه، أن تكون الراية المرفوعة للجهاد رايةً معلومة وليست مجهولة، وأن يكون الجهاد بإذن ولي الأمر بأدلة خاصة وعامّة. من جهته، أكد أستاذ كرسي الشيخ محمد بن إبراهيم للفتوى وضوابطها بالجامعة الدكتور سليمان الرحيلي أن قضية الجهاد في سبيل الله لا تقام إلا تحت راية وليّ الأمر أو تحت راية يُقيمها وليّ الأمر، وهذه الراية المشترطة لا بد أن تكون محققة للمقصود وهو قطع النزاع وتحقيق المصلحة. وقال: «إننا لو تتبعنا الجهاد منذ زمن النبي صلى الله عليه وسلم إلى الأزمان النيّرة في تاريخ المسلمين، نجد أنه لم يقم إلا تحت راية وليّ الأمر أو تحت راية يُقيمها وليّ الأمر». وبيّن الرحيلي أن بعض المفتونين في هذا الزمان قالوا إنه لا يوجد ولي أمر في هذا الزمان، وهؤلاء في الحقيقة مآل قولهم أن الجهاد والحدود كلها تعطل لأنها لا تُقام إلا مع وليّ الأمر، مؤكداً أن هذه دعوى للمفتونين تجعل الأمة في فوضى وهي دعوى كاذبة. وأشار إلى وجود شروط اتّفق أهل العلم على أنها لا بد أن تكون في الجهاد ولو كان جهاد دفع، ومنها القدرة وهي شرط لا يختلف باختلاف نوع الجهاد ومنها أن يكون تحت راية وليّ الأمر إلا في حال تعذّر الوصول إلى ولي الأمر والخشية على أهل البلد إذا دهمهم العدوّ. وأضاف: «الموجود اليوم ليس جهاد دفع في حقّ الذين يذهبون إلى البلدان وذلك من وجهين، الوجه الأول أن جهاد الدفع إنما هو دفع عن البلد، واليوم البلدان متعددة وليست قطراً واحداً كما كانت عندما قرر الفقهاء كلامهم في كتب الفقه قديماً، ولكل بلد عهوده ومواثيقه، فإذا اعتدى العدو على بلد فقد نقض عهده في ذلك البلد، ويبقى البلد الآخر قائماً بعهوده ومواثيقه إلا أن يرى وليّ الأمر أن ينبذ إليهم على سواء، فالذي يخرج من بلد إلى بلد الآن ليس مدافعاً وإنما ينطبق عليه جهاد الطلب، والوجه الآخر يتمثل في أن المفهوم من جهاد الدفع أن يراد منه دفع العدو عن بلاد المسلمين ثم يعود الأمر كما كان، والواقع اليوم أن الذين يقاتلون يقاتلون لإقامة دولتهم، وليس للدفاع عن المسلمين في تلك البلدان، ولذلك لا يلتفتون إلى ما يقع على المسلمين في تلك البلدان من أذى وقتل وإنما يخطط كل منهم ليُقيم دولته، ولذلك يعود بعض منهم على بعض بالقتال ويقاتل بعضهم بعضاً». الجامعة الإسلاميةالجهاد
مشاركة :