لازم الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في خطابه الأول أمام الكونغرس الأمريكي، الثلاثاء 28 فبارير/شباط، الصمت فيما يخص موضوع العلاقات مع روسيا، لكن موسكو كانت حاضرة بقوة وراء كل مواربة. ترامب يتعهد بمسح "داعش" عن وجه الأرض بتعاون الحلفاء في العالم الإسلامي ترامب يتعهد ببناء تحالفات جديدة وأصبح إصرار ترامب على تجنب الحديث عن روسيا ميزة رئيسية لخطابه تختلف عن تركيز خطاب سلفه باراك أوباما على موضوع "الخطر الروسي" في كل حديث إعلامي له تقريبا. يذكر أن أوباما في خطابه المعادي لروسيا، وصل لدرجة وضع موسكو إلى جانب تنظيم "داعش" على رأس قائمة المخاطر الدولية، وذلك في كلمة له أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة. ولهذا السبب بالذات، أصبح صمت ترامب حول روسيا محفوفا بالمعاني، لاسيما عندما تحدث عن الخطر الدولي الرئيسي، الذي مصدره، حسب اعتقاده، كوريا الشمالية، وكذلك عندما تحدث عن محاربة الإرهاب وعن ضرورة البحث عن أصدقاء وشركاء جدد في العالم. ومن اللافت أيضا أن خطاب ترامب جاء بعد فضيحة إقالة مستشاره للأمن القومي مايكل فلين، الذي كان من أبرز أنصار فكرة التقارب الروسي الأمريكي، وكذلك بعد بروز اختلافات عدة بين موسكو وواشنطن في المحافل الدولية، ولاسيما مطالبة الأخيرة بإعادة القرم لأوكرانيا، وطرح مشروع قرار خاص بفرض عقوبات جديدة ضد القيادة السورية في مجلس الأمن واستخدام روسيا لحق الفيتو ضد هذا القرار. وفي الوقت نفسه، يؤكد الكرملين دائما أن العلاقات كاملة النطاق بين الإدارتين الروسية والأمريكية لم تستأنف بعد، نظرا لعدم اكتمال تشكيل فرق العمل المعنية بمختلف المسائل الدولية في إدارة ترامب. وتؤكد موسكو أنها مازالت متفائلة في آفاق إيجاد سبل لتحسين العلاقات مع واشنطن. وفي إشارة أخرى إلى وجود أسس لهذا التفاؤل، جاءت تصريحات الخبير الأمريكي بول فاليلي، الذي يقدم استشارات لإدارة دونالد ترامب في مجال السياسة الخارجية، إذ توقع توصل موسكو وواشنطن إلى توافق حول تسوية الأزمة السورية في غضون 3 أشهر. وقال فاليلي ، خلال مشاركته في مؤتمر في موسكو، الثلاثاء: "أشتغل حاليا على إعداد مفاجأة لكم جميعا. لكن لا يمكنني أن أكشف لكم عن هذه المفاجأة. عليكم انتظار 90 يوما، لتعرفوا ماذا سيحصل بين الولايات المتحدة وروسيا". وفي معرض تعليقه على صياغة النهج الخارجي لإدارة ترامب، قال فاليلي إن هذه العملية تجري بشكل دقيق ومدروس للغاية. وأوضح رأيه، قائلا: "عليكم أن تتحلوا بالصبر فيما يخص مجال السياسة الخارجية، وفي المجال الأمن. ستكون هناك قريبا أفكار جديدة". لكن ردود الأفعال على خطاب ترامب أظهرت مرة أخرى أن مثل هذه الأفكار الجديدة قد يواجه معارضة داخلية شرسة. وكان الديمقراطيون في طليعة منتقدي خطاب ترامب أمام الكونغرس، ولاسيما بسبب تجاهله "للخطر الروسي". وعلى سبيل الثمال، قال ستيفن بشير، الحاكم السابق لولاية كنتاكي، تعليقا على خطاب ترامب: "الرئيس، يتجاهل أن روسيا ليست صديقا لنا، بل تهدد أمننا القومي". واعتبر أن سياسات ترامب تضر بعلاقات الولايات المتحدة مع شركائها التقليديين. بدوره، حذر تشاك شومر، زعيم الأقلية الديمقراطية في مجلس الشيوخ الأمريكي، ترامب من أنه سيواجه مشاكل كثيرة للغاية حتى نهاية ولايته الرئاسية، وذلك بسبب سياسته اليمينية الشعوبية وعدم وفائه بوعوده الانتخابية. لكن تجاهل ترامب موضوع روسيا في خطابه له تفسير بسيط آخر، وهو تركيز الرئيس في خطابه على المواضيع الداخلية. وتجدر الإشارة إلى أن هذا التركيز هو السبب الرئيسي الذي يدفع موسكو إلى التفاؤل بشأن آفاق العلاقات الروسية الأمريكية الثنائية. وكان دميتري بيسكوف، الناطق الصحفي باسم الرئيس الروسي، قد أوضح مرارا أن تركيز الرئيسين، دونالد ترامب وفلاديمير بوتين، على تحقيق المصالح القومية لبلديهما من شأنه أن يوفر قاعدة متينة للتفاهم، وكذلك لتعزيز العلاقات، باعتبار أن سياسات أوباما وانشغاله بقضايا دولية كثيرة بعيدة عن الحدود الأمريكية كان أمرا ضارا بالمصالح القومية الأمريكية قبل كل شيء. المصدر: وكالات اوكسانا شفانديوك
مشاركة :