استخدمت روسيا والصين، مساء أمس، حق النقض (الفيتو) ضد قرار في مجلس الامن، أيدته القوى الغربية، يفرض عقوبات على النظام السوري بتهمة اللجوء الى السلاح الكيماوي. ونال القرار الذي صاغته بريطانيا وفرنسا والولايات المتحدة، تأييد تسع دول مقابل ثلاث عارضته هي روسيا والصين وبوليفيا، في حين امتنعت كازاخستان واثيوبيا ومصر عن التصويت. وينص القرار على معاقبة 11 سورياً و10 كيانات مرتبطة بهجمات كيماوية في 2014 و2015. وهذه هي المرة السابعة، منذ العام 2011، التي تستخدم فيها روسيا «الفيتو» لمنع فرض عقوبات على النظام السوري. وكان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين استبق جلسة الأمن بالتأكيد على أن موسكو تعارض فرض اية عقوبات جديدة على النظام السوري لأنها ستقوض جهود السلام الرامية إلى انهاء الحرب. في سياق متصل، اعتبر نائب وزير الخارجية الروسي سيرغي ريابكوف أن الإدارة الأميركية تدرك أن رئيس النظام بشار الأسد ليس عقبة أمام التسوية السياسية، مؤكدة أن العلاقات بين البلدين «وصلت إلى أدنى مستوى منذ الحرب الباردة». وخلال اجتماع حول طاولة مستديرة في شأن العلاقات الروسية - الأميركية في مجلس الدوما الروسي، أمس، قال ريابكوف إن «الإدارة الأميركية الجديدة، على ما يبدو، تفهم الوضع. ومن الواضح أن المشكلة الرئيسية في سورية لا تتمثل في الأسد، بل في الإرهاب الدولي، الذي أقام وكراً له هناك»، مشيرا إلى أهمية تأكيدات إدارة دونالد ترامب على مكافحة الإرهابيين حتى النصر. وأضاف إن «العلاقات بين روسيا والولايات المتحدة تدهورت إلى أدنى مستوياتها منذ انتهاء الحرب الباردة»، مشيرا إلى أن الإدارة الأميركية السابقة «دمرت بالكامل تقريبا أرضية التعاون بين البلدين التي تم ترسيخها على مدى سنوات عدة». وإذ أكد أنه لا يوجد بديل لتحسين العلاقات مع الولايات المتحدة معرباً عن تفاؤله بتوجهات الادارة الجديدة، اعتبر ريابكوف أن العقوبات الأميركية ضد موسكو «تعوق التعاون بين البلدين، بما في ذلك في سورية». في غضون ذلك، نفى الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أن تكون بلاده تخطط للحفاظ على وجودها العسكري في سورية، مؤكدا أن الجيش التركي سينسحب من الأراضي السورية بعد انتهاء عملية «درع الفرات». وأوضح في مؤتمر صحافي عقده في مطاب اسطنبول، أمس، قبيل سفره إلى باكستان، أن قوات المعارضة السورية المدعومة من قبل الجيش التركي، بعد انتهاء عمليات تطهير منطقة مدينة الباب بريف حلب من تنظيم «داعش» الإرهابي، ستتوجه إلى منبج (الخاضعة لسيطرة الأكراد)، وفق خطة متفق عليها مسبقاً. الرئيس التركي الذي استبعد أي تعاون مع «قوات سورية الديموقراطية» (قسد) التي تضم «وحدات حماية الشعب الكردية»، جدد إصراره على انسحاب «الوحدات» إلى شرق الفرات، مؤكداً أن تركيا مستعدة للمشاركة في عملية تحرير مدينة الرقة من أيدي «داعش»، شرط التوصل إلى تفاهم في هذا الشأن مع روسيا والتحالف الدولي بقيادة واشنطن. وفي جنيف، تواصلت المحادثات لليوم السادس على التوالي، حيث بدأ الوفد الروسي، أمس، لقاءات مع مختلف الوفود المشاركة، سيما وفدي النظام السوري والهيئة العليا للمفاوضات المعارضة. وقال نائب وزير الخارجية الروسي غينادي غاتيلوف، بعد لقائه وفد النظام برئاسة بشار الجعفري، ان الأخير لا يعارض الورقة التي قدمها المبعوث الأممي ستيفان دي ميستورا في شأن عملية الانتقال السياسي، «إلا أنه يدعو لبحث مكافحة الإرهاب في مؤتمر جنيف». وأكد أن روسيا تؤيد توجه النظام السوري، قائلاً إن «الارهاب أولوية. ومحاربة الارهاب أولوية ويجب ان يكون على جدول الاعمال الى جانب مواضيع اخرى تم اقتراحها ويتضمنها القرار 2254». وأفادت مصادر مطلعة أن غاتيلوف سيلتقي اليوم الاربعاء وفود المعارضة السورية الثلاثة وهي الهيئة العليا للمفاوضات و«منصتي القاهرة وموسكو». ورداً على الورقة التي قدمها دي ميستورا الجمعة الفائت إلى النظام والمعارضة، وارتكزت على 3 أسس هي تشكيل هيئة الحكم الانتقالي ووضع دستور جديد وإجراء انتخابات بإشراف الأمم المتحدة، أفادت مصادر لقناة «العربية» الفضائية أن وفد المعارضة، الذي التقى المبعوث الأممي مساء أول من أمس، أشار إلى «عدم إمكانية وضع دستور للبلاد من دون وجود جمعية تأسيسية منتخبة»، وأكد أن «أي دستور لسورية لن يقر من دون حصول استفتاء شعبي عليه». في سياق متصل، أعلن زعيم «جبهة فتح الشام» («النصرة» سابقاً) أبو محمد الجولاني، في شريط فيديو، ليل أول من أمس، أن تحالف «هيئة تحرير الشام» (الذي يضم «جبهة فتح الشام» وجماعات متطرفة أخرى) هو من نفذ الهجمات الانتحارية التي استهدفت موقعين أمنيين للنظام في مدينة حمص السبت الماضي. وأكد أن الهجمات ماهي «إلا حلقة من سلسلة تأتي تباعاً»، معتبراً أن النظام «لا تنفع معه إلا لغة القوة والدماء». كما هاجم قادة المعارضة السورية المشاركين بمحادثات السلام في جنيف، قائلاً «لعل هذا العمل درس لبعض السياسيين المنهزمين في جنيف ومن قبلها أستانة، درس يمسح شيئاً من العار الذي ألحقه هؤلاء الغادرون بأهل الشام، وقد آن لهؤلاء الغادرين أن يتركوا الحرب لأهلها وأن يتنحوا جانباً». واتهم قادة المعارضة السياسية بأنهم «يدفعون شيئاً لا يملكوه ويهبون النظام نصراً من دون أن ينتصر». ميدانياً، أعلنت المعارضة أنها قتلت 35 عنصراً من قوات النظام وأسرت آخرين أثناء تصديها لهجوم على مواقعها في بساتين برزة شمال شرق دمشق، فيما صعدت قوات النظام قصفها على تلك المناطق متسببة في دمار كبير.
مشاركة :