خادم الحرمين الشريفين في إندونيسيا - جاسر عبدالعزيز الجاسر

  • 3/2/2017
  • 00:00
  • 6
  • 0
  • 0
news-picture

استقبلت إندونيسيا خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز استقبال الأشقاء المحبين الذي يتناسب مع الوله الذي يكنه الإندونيسيون لأهل المملكة العربية السعودية، والذي يزور جاكارتا وجاوة وحتى بالي يشاهد الشوق في عيونهم عندما يلتقون بأي سعودي، وقد سبق لي وزرت إندونيسيا وتجولت في أكثر من مدينة، وقد زرتها كصحفي مرات عدة، وأكثر من ذلك قدمت إلى إندونيسيا رياضياً حيث قدت العديد من المباريات الدولية كحكم، وقد استفدت من زياراتي المتعددة لإندونيسيا البلد الذي يحوي أكبر عدد من المسلمين، إذ يتعدى عددهم المئتي مليون إنسان، والذي يلفت الانتباه أن (قراء القرآن) بالذات في مساجد جاكرتا وبعضهم من يجلسون على ممرات الجسور يتلون القرآن وبطريقة مشابهة ومحاكاة للقارئ المصري الشهير عبدالباسط عبدالصمد، وقد وقفت بخشوع استمع لأحد القراء الإندونيسيين ولفترة حتى انتهى من القراءة، وأردت التحدث معه وطبعاً باللغة العربية، فالشيخ القارئ كان يتلو آيات القرآن بلغة عربية سليمة ومن دون أي لكنة أعجمية، ولكني فوجئت بأنه لا يتحدث العربية، وهنا استعنت برفيقي الإندونيسي الذي يساعدني في الترجمة عن سر ذلك، فقال القارئ (إنها معجزة القرآن)، وأشار إلى عشرات القراء الذين ينتشرون على ممرات الجسر الرئيس قرب فندق سعيد بأنهم جميعاً يجيدون تلاوة القرآن الكريم دون أن يستطيعوا التحدث باللغة العربية. وعن التفسير العلمي لذلك ذكر لي شيخ إندونيسي ينحدر من أصل حضرمي بأن القراء الإندونيسيين يحفظون القرآن الكريم من خلال ارتيادهم خلوات مدارس القرآن المنتشرة في بلادهم، ويأخذون القراءة من شيوخ توارثوها عن آبائهم وجميعهم من الحضارم الذين لهم الفضل بعد الله في نقل رسالة الإسلام إلى إندونيسيا، والبداية كانت في جزيرة جاوا، ولا يزال العديد منهم من الأسر المهمة ومنهم من تسلم مناصب رسمية كعائلة العطاس التي وصل أحد أبنائها إلى قيادة وزارة الخارجية، ولهم حضور كبير أيضاً في سنغافورة مثل عائلة السقاف المنتشرة في هذه الدولة والذين يسيطرون على التجارة، إضافة إلى عائلتي الجفري والكاف. وجود هذه العوائل التي قدمت شخصيات سياسية ودينية وثقافية واقتصادية كان يجب أن تكون لها امتدادات وحضور قوي يعزز العلاقات مع البلدان العربية وبالذات الجزيرة العربية التي قدم منها أجدادهم، وإلا أنه للأسف الشديد العلاقات مع إندونيسيا ليست بالمستوى المأمول والذي يجب أن تكون عليه العلاقات بين الدول الإسلامية المحورية العربية، وهذا ما ترك المجال والفرصة لبعض الجماعات والأنظمة الطائفية والسياسية التي لا تسعى لخير المسلمين والعرب والإندونيسيين إلى بناء نفوذ قوي في إندونيسيا بعد أن استغلوا تقاعس الدول العربية والإندونيسيين معاً في تطوير علاقاتهم. الآن وبعد قدوم الملك سلمان بن عبدالعزيز إلى إندونيسيا كأول عاهل سعودي يزور هذا البلد المهم الذي يحوي مخزوناً كبيراً من المسلمين وبوجود قيادة إندونيسية متفتحة ورئيس جمهورية متحمس لتوثيق العلاقات وتعميقها مع الدول العربية وبالذات مع المملكة العربية السعودية، نأمل كسعوديين وكإندونيسيين معاً أن تتطور العلاقات بين البلدين للأفضل، وأن ترتقي إلى المستوى الذي يتناسب مع أهم دولة تشكل للإندونيسيين إلهاماً روحياً، والتي تحتصن الكعبة المشرفة والمدينة المنورة، مع الدولة الأكثر عدداً للمسلمين في العالم والذين يتمسكون بالعقيدة الإسلامية بصورة لا تخطئها عيون من يزور إندونيسيا.

مشاركة :