استبعدت تركيا أي حل وسط مع الولايات المتحدة بشأن اشتراك مسلحين أكراد في هجوم في سوريا، مما يمثل عقبة أمام خطة واشنطن للاستعانة بأقوى حلفائها على الأرض في مواجهة حاسمة مع تنظيم «داعش». وجعل الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، من هزيمة «داعش»، أحد الأهداف الرئيسية لرئاسته، وتلقت إدارته الجديدة يوم الإثنين مسودة خطة من وزارة الدفاع الأمريكية لتصعيد الحملة على التنظيم. ومن المتوقع أن تكون معركة الرقة التي يتوقع أن تبدأ في وقت ما العام الحالي المعركة الأخيرة لسحق «الخلافة»، التي أعلنها تنظيم «داعش»، مع استمرار حملة عسكرية تشنها الحكومة العراقية بدعم أمريكي للسيطرة على الموصل منذ أكتوبر/ تشرين الأول. وتعتبر الرقة معقل التنظيم المتشدد في سوريا، مثلما تمثل الموصل معقله في العراق. لكن يبدو أن تشكيل قوة برية موحدة للسيطرة على الرقة تعتبر مهمة معقدة في سوريا، حيث تدعم الولايات المتحدة وتركيا وروسيا وإيران ودول عربية قوات محلية مختلفة في الحرب الأهلية متعددة الأطراف الدائرة منذ عام 2011. وتعارض كل القوى الأجنبية، تنظيم «داعش»، لكن الجماعات التي تدعمها هذه القوى في سوريا تتقاتل فيما بينها. وتصر تركيا صاحبة ثاني أكبر جيش في حلف شمال الأطلسي على ضرورة أن تحول واشنطن دعمها في هجوم الرقة المرتقب من وحدات حماية الشعب الكردية السورية إلى مسلحين بالمعارضة السورية دربتهم أنقرة وقادتهم في معارك ضد «داعش»، على مدى العام الماضي. وبالنسبة للإدارة الأمريكية، التي تشعر بالقلق تجاه حجم وكفاءة تدريب القوات التي تدعمها تركيا، فإن القرار يضع رغبة ترامب في تحقيق انتصارات سريعة في ميدان المعركة في مواجهة الحاجة للحفاظ على التحالف الاستراتيجي مع تركيا. وتعتبر أنقرة، وحدات حماية الشعب الكردية، امتدادا لحزب العمال الكردستاني المحظور الذي حمل السلاح في جنوب شرق تركيا منذ عام 1984، وتعتبره الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي منظمة إرهابية. وقال مسؤول أمني تركي بارز لـ«رويترز» بعد إبلاغه بمضمون اجتماعات عقدت في الآونة الأخيرة بين مسؤولين أتراك وأمريكيين مكلفين بوضع الاستراتيجيات، «جنودنا لن يقاتلوا جنبا لجنب مع أشخاص يطلقون علينا النار وقتلوا جنودنا ويحاولون قتلنا… هذه الرسالة وصلت للأمريكيين». وأعاد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، التأكيد على هذه النقطة يوم الثلاثاء قائلا، إن تركيا «لا يمكن أن تقبل» أي تحالف مع وحدات حماية الشعب الكردية. وقال رئيس الوزراء التركي بن علي يلدريم لحزب العدالة والتنمية الحاكم، إن «العمل جنبا إلى جنب مع أية جماعة إرهابية»، أمر غير وارد. ورحب أردوغان، الذي شهدت علاقته بالرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما، توترا متزايدا، بانتخاب ترامب باعتباره فرصة لبداية جديدة. لكن يبدو أن الدولتين الحليفتين في حلف شمال الأطلسي على طريق الصدام بشأن الاستراتيجية في سوريا. وقال اللفتنانت جنرال ستيفن تاونسند، قائد التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة ضد «داعش» في العراق وسوريا في إفادة صحفية للبنتاجون يوم الثلاثاء، إن خطة واشنطن لا تزال تشمل دورا للأكراد. وأضاف قائلا، «سيكون هناك أكراد في هجوم الرقة بالتأكيد… العدد وحجمهم وكم وحدة من الأكراد ستشارك.. لا أستطيع قول ذلك الآن». وأضاف، أنه لم ير أدلة تربط حلفاء واشنطن الأكراد بهجمات وقعت في تركيا. ولم يذكر وحدات حماية الشعب على وجه التحديد التي تقاتل في إطار تحالف قوات سوريا الديمقراطية الذي تدعمه الولايات المتحدة ويشمل أيضا قوات عربية. ويقول مسؤولون أتراك، إن الصلات بين وحدات حماية الشعب وحزب العمال الكردستاني مؤكدة وليست محل جدل، وإن تقدم وحدات حماية الشعب سيؤجج الشعور المناهض للأكراد في الأجزاء التي تقطنها أغلبية عربية في سوريا مثل الرقة، ويهدد وحدة الأراضي السورية.عدة بدائل .. دخلت تركيا سوريا في أغسطس/ آب الماضي، دعما لقوة من الجيش السوري الحر تتألف من ثلاثة آلاف مقاتل في عملية أطلقت عليها «درع الفرات». وسيطرت على جرابلس على نهر الفرات وطردت مسلحي «داعش» من شريط حدودي بطول 100 كيلومتر تقريبا، ثم تقدمت جنوبا نحو الباب، وهي مدينة استراتيجية تم تأمينها الآن تقريبا بعد ثلاثة أشهر من القتال ضد «داعش». وكان هدف تركيا أيضا منع وحدات حماية الشعب من عبور الفرات غربا وربط ثلاثة مناطق كردية تسيطر عليها في شمال سوريا، بما يمنعها من إنشاء منطقة حكم ذاتي مماثلة لإقليم كردستان العراق. وتخشى تركيا أن يشجع ذلك الأقلية الكردية كبيرة العدد على أراضيها على محاولة اقتطاع جزء مماثل داخل تركيا. وإحدى الخطط التي قدمتها أنقرة لواشنطن تتضمن الدفع بقوات قوامها نحو عشرة آلاف مقاتل من الجيش السوري الحر بقيادة تركية جنوبا نحو الرقة انطلاقا من مدينة تل أبيض الحدودية التي تسيطر عليها وحدات حماية الشعب. وسيقلص ذلك من مكاسب وحدات حماية الشعب ويفصل منطقتين من مناطق السيطرة الكردية. ولم توافق واشنطن على تلك الخطة حتى الآن. وقال مسؤول تركي مطلع على المحادثات، «قلنا لهم هناك الكثير من البدائل فيما يخص الرقة ولم يعترضوا.. وقالوا ’نتفهم حساسياتكم ولا نعترف بطموحات وحدات حماية الشعب للسيطرة على أراض’». وأضاف المسؤول، أن تركيا ومقاتلي المعارضة الذين تدعمهم، «جاهزون في أي وقت لبدء عملية الرقة بعد تطهير مدينة الباب». وقال مسؤول تركي كبير آخر يشعر بالغضب حيال استعداد الولايات المتحدة للعمل مع عدو لدولة حليفة لها في حلف شمال الأطلسي، إن البعض في واشنطن يقولون، إنهم استثمروا الكثير بالفعل في وحدات حماية الشعب بما لا يسمح بالانسحاب الآن. لكنه قال، إن التخطيط العسكري لا يزال جاريا، وإن الجنرالات الأمريكيين «أخذوا كل رد الفعل التركي معهم إلى واشنطن».سيطرة محلية .. تقول تركيا، إن لديها سبعة آلاف مقاتل آخرين من المعارضة السورية مستعدون للقتال مع القوة المؤلفة من ثلاثة آلاف مقاتل التي تحارب في عملية «درع الفرات»، وإنها ترحب بمشاركة المقاتلين العرب من تحالف قوات سوريا الديمقراطية. وقال المسؤول التركي الأول عن النقاشات مع نظرائهم الأمريكيين، «قلنا لهم لدينا ما يكفي من القوات.. ما يكفي من الجيش السوري الحر. يمكن لجنرالاتكم أن يروهم بأعينهم… كل ما هو مطلوب عسكريا تم شرحه بشكل ملموس. وتم إبلاغهم بالأعداد والاستراتيجية والخريطة». وأحد الحلول الوسط المحتملة قد يكون مشاركة قوات تضم وحدات حماية الشعب في الهجوم على الرقة على أن تنسحب هذه القوات من المدينة سريعا لتتركها للسيطرة المحلية بما فيها قوات ذات أغلبية عربية تدعمها تركيا. وقال تاونسند، «في الحقيقة لست متأكدا إن كان من المهم التركيز على تشكيل القوات التي تذهب لتحريرها… المهم في ذهني هو مكونات القوات التي ستبقى هناك وتحكم وتؤمن الرقة بعد تحريرها من داعش». وانهار بسرعة اتفاق مماثل في منبج التي تقع على بعد 120 كيلومترا شمال غربي الرقة. فقد ساعدت وحدات حماية الشعب على انتزاع المدينة من يد «داعش» في العام الماضي، في حملة دعمتها الولايات المتحدة تحت راية قوات سوريا الديمقراطية في إطار تفاهم مع تركيا بأنها سوف تنسحب بعدها. وتقول تركيا، إن وحدات حماية الشعب بقيت في المدينة. وقال متحدث باسم القوات المحلية في المدينة، إن الجيش التركي ومقاتلي المعارضة الذين يدعمهم هاجموا قرى قريبة تسيطر عليها وحدات حماية الشعب أمس الأربعاء. ويخشى مسؤولون أتراك من أن علاقاتهم التي تزداد دفئا مع روسيا، أحد الداعمين الأساسيين للرئيس السوري بشار الأسد، يمكن أيضا أن تعقد من جهودهم لتعميق التحالفات مع الولايات المتحدة على أرض المعركة. وكانت عملية «درع الفرات»، قد حظيت في مرحلة ما بدعم جوي روسي من أجل السيطرة على الباب. وتوسطت تركيا وروسيا في إعلان وقف إطلاق نار هش ومحادثات عقدت في الآونة الأخيرة بين الحكومة السورية والمعارضة في قازاخستان والتي استبعدت منها الولايات المتحدة. لكن مسؤولا تركيا بارزا قال، إن التعاون مع روسيا كان انعكاسا «للحقائق على الأرض»، أكثر منه خيارا استراتيجيا، ويعود جزئيا للافتقار للدعم الأمريكي للمعارضة السورية. وقال المسؤول، «لو لم يتخل أوباما عن المعارضة السورية معنويا وسياسيا وعسكريا فربما لم يكن هناك وجود عسكري روسي».أخبار ذات صلةروسيا تتهم المعارضة السورية بتخريب محادثات السلامبروكسل تهدد بفرض عقوبات على الدول الرافضة لاستقبال اللاجئينفيديو| قصف تركي على قرية سورية غربي منبجشارك هذا الموضوع:اضغط للمشاركة على تويتر (فتح في نافذة جديدة)انقر للمشاركة على فيسبوك (فتح في نافذة جديدة)اضغط للمشاركة على Google+ (فتح في نافذة جديدة)
مشاركة :