تساءل رئيس مجلس إدارة مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية الأمير تركي الفيصل عن موعد انتهاء هيمنة «فاحش» على وسائل الإعلام الحديثة، معتبرا الفضاء الإلكتروني كان المكان المناسب لهم لاصطياد ضعاف النفوس وتوجيههم للشر، مؤكدا أن الشواهد على هذا والإثباتات عديدة. وبين الأمير تركي الفيصل في كلمته التي ألقاها في منتدى الطفولة والإعلام المعاصر بجامعة الأميرة نورة بنت عبدالرحمن أمس، أن هذا التحدي هو تحدٍ عام، والشكوى من هذه التأثيرات السلبية شكوى كونية، ودعوات التحكم في المحتوى الإعلامي الموجه إلى فئة الأطفال دعوات متكررة، حتى في المجتمعات التي تؤمن بالحرية المطلقة للإعلام، ومع ذلك لا تزال هذه القضية محل انشغال الكثيرين للبحث عن سبل ناجعة لتلافي هذه السلبيات. مسؤولية وهيمنة شدد على أن السلطات الوطنية في كل دولة المسؤول الأول عن إيجاد مرجعياتها القانونية والأخلاقية الخاصة، التي تجنب هذه الشريحة المهمة السلبيات المرافقة للإعلام المعاصر، وعليها أيضا أن تعمل على صوغ عهد دولي يصون الأطفال من فوضى الرسالة الإعلامية، ويستجيب لمخاوف المجتمعات على مستقبل تنشئة أبنائهم وبناتهم. ونقل الفيصل عن بعض الآراء العلمية التي تؤكد بأن وسائل الإعلام أصبحت القوة المهيمنة في حياة كثير من الصغار، وأن لها تأثيرات سلبية كبيرة عليهم، منها ترسيخ نزعة الفردانية، وتعزيز نزعة العنف، وإيجاد عالم افتراضي لا يمثل الواقع، وكذلك انحراف السلوك، والتفكك الأسري، وغياب الحميمية في العلاقات العائلية، وتحدي قيم العائلة والمجتمع والدين، وتسهيل استغلال الأطفال. المحتوى الإعلامي أكد الفيصل في كلمته استحواذ قضية تأثير ما يقدم في التلفزيون على الأطفال والنشء على خلاف تأثير الصحافة التقليدية والراديو، على حيز مهم في البحث العلمي عن تأثير هذا التطور التقني في هذه الفئة، حيث كان القلق واسعا من تأثير ما يقدم من خلال شاشة هذه الوسيلة في الأطفال والمراهقين والشباب عامة من الدعايات ومشاهد العنف، وتأثير ذلك في القيم والمفاهيم الراسخة في المجتمعات. وأضاف الفيصل «لقد كانت الحكومات قادرة على سن القوانين الوطنية التي تحمي هؤلاء المعرضين لتأثيرها السلبي، أو يخشى عليها منها، وكانت قادرة أيضا على فرض الالتزام بشروط تحمي الطفل والفرد والمجتمع من هذه التأثيرات وتسمح بالتحكم فيما يقدم من خلالها». تعليم المرأة سلاحها استذكر الأمير تركي الفيصل والدته، ليقول في كلمته «قري عيناً يا أماه يرحمك الله، تحققت أحلامك، وتحقق شعارك (تعليم المرأة هو سلاحها)»، مبينا أن ما سعت إليه وكافحت من أجله قد تحقق ليصبح تعليم البنات مساويا لتعليم البنين، وخير دليل ما تقوم به جامعة الأميرة نورة، وجامعتها، يرحمها الله، جامعة عفت للبنات في جدة. وقال الفيصل مخاطبا والدته «لقد كنتِ الرئيسة الفخرية لمجلس إدارة كلية التربية للبنات في الرياض سنة 1390، ورعيت حفل تخرج أول دفعة فيها سنة 1394، وكان حدثا تاريخيا، لأن تلك الكلية هي أصل هذه الجامعة وهذا الصرح الذي يقف فيه ابنك اليوم بفخر مخاطبا من سعيت إلى أن يحظين بمثل هذه الجامعة». قلق جديد لا يقارن بالقديم أوضح الفيصل أن القلق الذي ساور جيل التلفزيون تجاه تأثيراته في الأطفال والنشء والشباب لا يقارن بالقلق الذي تعيشه مجتمعات اليوم، بسبب الثورة التكنولوجية التي شهدها العالم خلال العقود الثلاثة الماضية في مجال تقنية المعلومات ووسائل الاتصال، وفي طبيعة الرسالة الإعلامية وطبيعة وسائلها في عالم معولم لا تحكمه قواعد كونية واحدة، مبينا أن رسملة الإعلام أدت إلى تحويل رغبات الإنسان وغرائزه إلى سلع خاضعة للعرض والطلب، حيث نجح هذا في الإعلام الحديث، باستخدام أحدث الأساليب النفسية والتسويقية والترويجية، ليس في اختراق الآفاق فحسب، وإنما في اختراق العقول والقلوب، فطوع الإنسان لما يريده أن يكون.
مشاركة :