الفن التشكيلي في قطر من الجسرة إلى العالم حاملاً هوية الأرض والمجتمع

  • 3/3/2017
  • 00:00
  • 6
  • 0
  • 0
news-picture

يستمر الحديث عن الثقافة والفنون والتراث في قطر، وإذا كنا قد ألمحنا باختصار في الصفحة الماضية إلى المتاحف المتعددة الكنوز والتنوع الذي يجمع الماضي بالحاضر ننطلق اليوم إلى عالم الفن التشكيلي القطري الذي يجد الاهتمام من أعلى هرم الدولة بمتابعة من د. حمد الكواري وزير الثقافة الذي يتابع كل تفاصيل الثقافة والإبداع. فأصبح الزائر يرى في كل موقع في الدوحة روح ورائحة الجمال وأهل الإبداع والذائقة الراقية، ونبدأ مشوارنا التشكيلي (بسوق واقف)، حيث يحتل (مركز سوق واقف للفنون) موقعًا مميزًا لا يمكن للزائر أن يمر بهذا السوق إلا ويدلف إلى داخله ليعيش جمالاً على جمال، فمن حيوية السوق وفعالياته وزحامه الأجمل بين أهل قطر وضيوفهم، إلى هدوء محفوف بالفن والإبداع من نحت ورسم وخط عربي وبقية فروع الفنون البصرية تجعل الزائر يضيف للزمن ما يحقق له المتعة بهذا المشهد الحيوي الباعث لاستحضار حالات التجلي. استقبال ممزوج بالفن والعطاء دلفت إلى مركز سوق واقف للفنون الذي تديره الفنانة روضة المنصور مستكشفًا وباحثًا عن أبعاد المسمى وصلته بما يحتضنه من مشاهد، فكان اللقاء مع مجموعة من الشباب المخلص للمركز بوجودهم وتفانيهم في مقدمتهم نائب مدير المركز الفنان أحمد السمري ومنصور الشيباني وأحمد نوح وآخرون الذين احتفوا بي كزائر دون علمهم في بداية الأمر بعملي وعلاقتي بالفنون التشكيلية والصحافة، وهذا طبع أهل الدوحة كرم وحسن ضيافة، دار حديث جميل في مجلس صمم على النمط الشعبي التراثي في قطر، حديث عن المركز ومهامه وعن أنشطته أصبح بها معلم حضاري إبداعي تعتز به ثقافة وفنون قطر، لقد كان المركز في حالة من الاستنفار الإبداعي، ففي وسطه ورشة للفنون التشكيلية يقوم فيه مجموعة من الشباب بالرسم تحيط به ورش أخرى في غرف معدة للتدريب تحتضن مجموعة من التشكيليات وأخرى للخط العربي ومعرض لم شمل مجموعة من لوحات للفنان علي الملا. وجاليري للنحت برزت فيه أعمال مكتملة وأخرى في طور التنفيذ يقوم عليها متدربون من الشباب على يد متخصص في النحت. كتارا والوجبات الفنية الحي الثقافي في كتارا الذي تقوم عليه المؤسسة العامة للحي بكل تفاصيله يحتاج إلى مقال خاص فهي عالم مختلف وحالة من التنوع الذي لا يمل أو يكتفي الزائر إليها بيوم أو أسبوع، بل بأكثر من ذلك كونها بيئة إبداعية جاذبة، تجولت فيها وشعرت بالدفء الذي خفف برودة الأجواء الشتوية القارسة، ففي كل صالة أو منشأة فنية معرض أو ورشة ومن بينها مركز الفنون البصرية ومعرض النهضة العظيمة للفنانة ماريا فيرونيكا الذي تقيمه المؤسسة العامة للحي الثقافي وقاعات أخرى تعج بالزوار وصولاً إلى معرض ياسر وتد في جمعية التشكيليين. سيرة عطرة ومسيرة متميزة يعد نادي الجسرة في سوق واقف بالدوحة، البداية والبذرة الأولى للفن التشكيلي كما تشير مقالات الكتاب وموثقي مسيرة الفن التشكيلي القطري، برز في بادية التأسيس أعلام الفن في قطر جاسم الزيني ويوسف أحمد وحسن الملا وعلي حسن وسلمان المالك ومحمد الجيدة وغيرهم. جمعت ثلاثة منهم هواية الرسم في مراحل الطفولة فأكملوها بتأسيس أول «جماعة فنيّة» في قطر (الأصدقاء الثلاثة)، ليتواصل الطموح بتأسيس «الجمعية القطرية للفنون التشكيلية»، ومما ذكر عن مسيرة التشكيليين القطريين الإشارة إلى الفنان جاسم زيني الذي كان عائدًا من بغداد بعد إنهاء دراسته في محال الفن في عام 1968، وتعيينه مساعد مفتش للتربية الفنيّة؛ ثم العمل في «متحف قطر الوطني». كما كان له دور أساس في تأسيس «الجمعية القطرية للفنون التشكيلية».. وكانت حياة الفنّ، حينها، تقتصر، حسب الزيني، على معارض قليلة تنتظم في «فندق الخليج»، أو في «متحف قطر الوطني»، أو في مقرّ «الجمعية»، أو في ناديَي «الجسرة» و»الغرافة»، من دون أي صالة عرض خاصة. البيئة مصدر إلهام الفنانين تعد مفردات البيئة المحليّة منطلقًا ومصدرًا للالهام في لوحات روّاد الفن التشكيلي القطري كما هي في بقية لوحات الفنانين في أقطار العالم العربي فكان توجه الفنانين القطريين الحر على تجسيد خصوصيتهم، رغم تعدد الاتجاهات والأساليب واكتساب الخبرات من مدارس الفَنّ التشكيلي في الوطن العربي والعالم من خلال برامج الابتعاث الدراسي أو الاطّلاع الواعي ليستمر هذا التطور على أجيال الفن في مختلف مراحلة إلى يومنا هذا حيث ظهرت أسماء شابة. مرحلة العمل المؤسسي للفن القطري تعد الجمعية القطرية رافدًا مهمًا في نهر االفنون القطرية التي حصلت على ترخيصها القانوني في عام 1974 بقيادة الفنانين يوسف أحمد، محمد علي الكواري، سلطان السليطي (من مواليد عام 1945)، سلطان الغانم (من مواليد عام 1949)، حسن الملا، وفيقة سلطان، عيسى الغانم (من مواليد العام 1954)، يوسف الشريف (من مواليد عام 1958)، أحمد السبيعي، محمد علي عبد الله، عبدالله دسمال، سلمان المالك، محمد جاسم الجيدة، ماجد المسلماني، علي شريف، سيف الكواري وفرج دهام. وبهذا أصبح لالفن القطري عملاً مؤسسيًا يبنى على برامج وخطط وضعت الفنانين القطريين في مساحتهم المستحقة في ساحة الفن العربي العالمي. والواقع أن زيارة الدوحة خصوصًا إذا وضع الزائر في برنامجه الاطلاع على جديد إبداعات الفنانين القطريين سيجد أن الوقت أسرع من أن يطلع على كل ما تحتويه الدوحة من المواقع والصالات والمراكز التي تجد الاهتمام من المؤسسات الرسمية التي أنشئت خدمة لهذا الفن.

مشاركة :