مهرجان تطوان للسينما المتوسطية يطرح سؤال الحدود والوجود

  • 3/3/2017
  • 00:00
  • 2
  • 0
  • 0
news-picture

مهرجان تطوان للسينما المتوسطية يطرح سؤال الحدود والوجود يناقش مهرجان تطوان الدولي للسينما المتوسطية قضية الحدود في السينما والحياة، ضمن البرنامج الثقافي للدورة الـ23 من المهرجان المغربي، التي تقام في الفترة من 25 مارس الجاري وإلى الأول من أبريل القادم، وتنعقد هذه الندوة الدولية بحضور خبراء السينما المتوسطية، وهم يمثلون سبع دول متوسطية، ويتمثلون مقاربات متقاطعة ومتنوعة لقضايا الحدود والهجرة في السينما، وحدود العلاقة بين السينما والأدب.العرب مخلص إبراهيم [نُشر في 2017/03/03، العدد: 10560، ص(16)]حراقة مرزاق علواش: مغامرة الهجرة السرية تعالج الندوة الكبرى لمهرجان تطوان الدولي للسينما المتوسطية (شمال المغرب) في دورته الثالثة والعشرين والتي تنعقد في الفترة الممتدة بين 25 مارس و1 أبريل، أربعة محاور أساسية، في مقدمتها محور “الحدود والهجرة السرية”، من خلال استحضار وجهة نظر السينمائيين العرب، إضافة إلى محور يرصد “صورة المهاجر في سينما الاتحاد الأوروبي”، عبر نماذج من إسبانيا وفرنسا وإيطاليا. أما المحور الثالث فيقارب سؤال “الحدود والنزاعات”، بينما ينشغل المحور الرابع والأخير بقضية “الحدود في السينما الفلسطينية”، وقد أعد أصدقاء السينما بتطوان ورقة حول موضوع “تمثل الحدود في السينما المتوسطية”، شددت على أن تحديات الحدود ظلت تشكل محور العديد من الروايات والملاحم والأفلام، عبر تاريخ المتوسط وذاكرته الحية، والحال أنه، ومنذ قرن فقط، “كان بإمكان عموم الناس أن ينتقلوا من بلد إلى آخر دونما حاجة إلى تأشيرات وإلى دعوات ممهورة بتوقيعات مسؤولين صارمين”. ونبه أصدقاء السينما أيضا إلى تنامي المآسي التي تقع على هذه الحدود، بعدما “برزت حدود جديدة وخطوط عازلة وجدران معززة بأسلاك”، تسيّج الدول المطلة على الفضاء المتوسطي، وهكذا، تحول المتوسط، الذي كان فضاء مبادلات وتعايش، إلى “مقبرة للآلاف من العرب والمغاربيين والأفارقة الآتين من بعيد، والفارين من جحيم بلدانهم”. فكيف يتعامل السينمائيون مع الحدود، عبر مكونات سينمائية، مثل الصوت والصورة والشخصيات والفضاءات؟ وكيف تقترب السينما المتوسطية، وبطرائق مختلفة، من الإشكالات المتصلة بالمجالات المحددة وبالحدود؟ ولماذا لا يكون لهذه الأعمال السينمائية وقع على المسؤولين؟ ثم ما هي أنواع الحدود التي يتكرر حضورها في السينما المتوسطية؟ وبقدر ما سيحرص المشاركون في الندوة الدولية على تقديم إجابات على هذه الأسئلة الجديدة، بقدر ما سيطرحون أسئلة جديدة، ستسعى إلى الاقتراب من هذه الحدود، واختراقها. الحدود والمتوسط في فلسطين المتوسطية، تتخذ الحدود سؤالا وجوديا، وهي تستأثر باهتمام الروائيين والشعراء كما السينمائيين، كحال الكاتبة والروائية الفلسطينية ليانة بدر، التي ستشارك في ندوة تطوان، حيث ترى أن الحدود قد تكون معنى روتينيا لمن يعيش حياة اعتيادية، لكنها تتحول في الزمن الفلسطيني إلى مغزى لصراع متواصل حول الهوية وأبعادها وتجلياتها. وتنطلق ليانة بدر من تجربة أفلامها الوثائقية، والشخصيات التي حاورتها، في صراعها مع الزمن، وهي تصر على تحدي العنف الذي لا تستطيع له دفعا، على حد قولها.فرانسوا جوست: لا تنفك الحدود الفاصلة بين الواقع ووسائل تمثيله تنمحي يوما بعد يوم أما الناقد المصري أمير العمري، فسيحاضر في الندوة عن “السينما المتوسطية وقضية الهجرة”، متوقفا عند طريقة معالجة عدد من السينمائيين المتوسطيين لموضوع الهجرة في أفلامهم، مثل الإيطالي جياني إيميليو في “لاميركا”، والفرنسي ميشيل هازانافيشيوس في فيلم “البحث”، والإيطالي جيانفرانكو روزي في فيلمه “نار في البحر”، ومرزاق علواش في فيلم “حراقة”، على أن تتناول المداخلة طريقة وأسلوب كل مخرج في التعامل مع القضية على المستوى السينمائي. ويقترب الروائي والشاعر اللبناني رشيد الضعيف من موضوع الحدود، انطلاقا من قضية “مسقط الرأس والسينما”، منطلقا من خلاصة استمدها من تجربة حياتية أكدت له أن “مسقط الرأس متعدد”، وأنه ليس جغرافيا وحسب، ذلك أن “مسقط رأس الإنسان قد يكون ثقافيا أيضا”. الناقدة الصحافية الإيطالية بياتريس فيورينتينو تقربنا من سؤال الحدود على الضفة الأوروبية من المتوسط، في الفترة الراهنة والساخنة، في ظل ما تسميه “الأزمة الخانقة التي تعصف بها رياح الشعبوية والعنصرية، وتنتصب فيها جدران عازلة وحدود جديدة”، وفي هذه السياقات تخبرنا الباحثة أنه “يتعين على السينما أن تلعب دورا أساسيا، كوسيلة إعلامية يمكن أن تسند إليها ولو جزئيا مسؤولية نشر الوعي بالمخاطر المحدقة”. وتقول فيورينتينو “في مقابل عملية نفي أي ملامح شخصية إنسانية وشخصية عن المهاجر التي تقوم بها وسائل الإعلام الأخرى، وعلى رأسها التلفزيون، لا توجد أي وسيلة أخرى أصلح من السينما للتمثيل المادي الفيزيقي للمهاجر، بما هو جسد ملموس، من أجل التعرف المباشر إلى هذا الشخص الذي اضطرته الظروف إلى المخاطرة بحياته في البحر، بحثا عن تلبية حاجياته المعيشية الأساسية”. وتضيف الناقدة الإيطالية “أما التمثيل التعميمي، فيتم توظيفه واستغلاله من قبل وسائل الإعلام بمباركة من السياسيين الذين من مصلحتهم أن يحولوا الأنظار عن المأساة الفردية التي تتخفى في ثنايا ظاهرة الهجرة”. ويقترح المفكر والكاتب المغربي محمد الناجي في ورقته تأمل موضوع “اللغة الحدودية في السينما”، انطلاقا من تجربة السينما المغربية، التي ترتبط، بشكل أو بآخر، بعلاقة مباشرة أو غير مباشرة بالحدود، حيث تسكن الحدود الذاكرة، سواء أكانت حدودا واقعية أم خيالية، موصولة بالحنين، أو بالأمل، أو بالاستيهام. ويسعى المفكر المغربي إلى التوقف عند هذه الحدود المتراتبة التي تسكن الصور، وإلى مساءلة علاقتها بالمناظر الطبيعية وبالتاريخ وبالمستقبل. بين السينما والأدب من ضمن المشاركين في هذه الندوة ناقدان فرنسيان اختارا مناقشة قضية الحدود ما بين السينما والأدب، وهكذا، سوف يتساءل الناقد الفرنسي فرانسوا جوست، والأستاذ بجامعة السوربون الجديدة، عن الحدود بين الواقع والتخييل، حيث لا تنفك الحدود الفاصلة بين الواقع ووسائل تمثيله تنمحي يوما بعد يوم، على حد قوله، فإذا كان بالإمكان في الماضي معرفة إن كانت هذه الصورة أو تلك خضعت للتلاعب والتحوير، فهذا الأمر أصبح شبه مستحيل اليوم. مداخلة جوست تنطلق من قناعة مفادها أنه يجب أولا البدء برسم الحدود بين ما هو “صحيح” وما هو “مزيّف”، انطلاقا من التساؤل حول الدور الذي تلعبه الصورة في هذه العملية؟ كما يتعين حسب الناقد تحديد اللحظة التي يمكن انطلاقا منها الحديث عن حضور التخييل في السينما. ويؤكد فرانسوا جوست لـ”العرب” أنه سيسعى في مداخلته إلى التدليل على أن ثمة حيزا يقع بين الواقع والتخييل، وهو التظاهر الذي يمكن من تجاوز الرؤية المبسطة لمسألة التعارض بين هذين الطرفين. أما جان كليدر، أستاذ الأدب المقارن بجامعة رين الفرنسية، فسوف يقارب الحدود الفاصلة أو المتداخلة ما بين الأدب والسينما انطلاقا من موقفين متعارضين، إذ هناك من جهة أولى “توجس السينما المعروف تجاه كل أشكال الأدب”، في مقابل مشاعر التعالي في ثقافة النخب التي لا تنظر بعين الرضا إلى أي محاولات لإلحاق أو تحرر أو استقلالية للسينما، بينما يرى جان كليدر، الذي أصدر، مؤخرا، كتابا بعنوان “سينما الأدب” أن المبادلات بين هذين الفنين تميزت دائما بالغنى والكثافة، وهو ما سيشدد عليه الباحث في ندوة تطوان، من خلال تحليل هذه الحركة من التبادل البناء انطلاقا من فترة شكلت منعطفا سواء في تاريخ الأدب في فرنسا، مع ظهور الرواية الجديدة في بعدها التجريبي، أو في تاريخ السينما، مع النهضة النقدية وأعمال الموجة الجديدة.

مشاركة :