الخدمة المنزلية مهنة عصية على الروبوتات

  • 3/3/2017
  • 00:00
  • 2
  • 0
  • 0
news-picture

إيما جاكوبس | اعتاد جيمس هانت الطبخ باستخدام كبد البط والجزر العضوي المقطوف باليد في هبريدس. ولكن من أجل زبون خاص متطلب، فإن الطاهي يحوّل مهاراته في الطهي إلى ابتكار نظام غذائي بحسب الطلب، مثل النظام الغذائي الذي ابتكره لامرأة تتبع نظام «النباتات الخضراء الباردة» الصارم. «عليك أن تكون موهوباً بما فيه الكفاية لمعرفة ما يجب القيام به مع المكونات لإخراج أفضل ما فيها»، يقول وقد بدا محتاراً بعض الشيء كشخص التقى عدداً لا بأس به ممن لا يعجبهم العجب. هذه هي غرابة وخصوصية حياة الطاهي الخاص الذي يعمل لدى العائلات الثرية في منازلهم وفللهم التي يقضون فيها عطلاتهم. «إذا كانوا يرغبون بتناول الكمأ، فعليك أن تذهب لشرائه. وإذا كانوا يريدون منك أن تطعم الكلب، فعليك إطعام الكلب. في يوم تقوم بطهي أفضل أنواع لحوم البقر، وفي اليوم التالي تقوم بطحن الدجاج والأرز من أجل عشاء الكلبة لولو». كيف يشعر وهو طاه أمضى عشرات السنوات في تعلم حرفته في المطاعم الراقية حيال إعداد وجبة لحيوان أليف؟ «أنت تعمل عند الأسرة والكلب هو جزء من الأسرة، تماماً مثل أبناء العمومة أو العمات». ويتوقع الخبراء والاقتصاديون أن تحل الأتمتة والروبوتات محل العديد من الوظائف المهنية في القانون والأعمال المصرفية. ولكن على الأغلب أن مجموعة من وظائف الخدمة المنزلية والطهاة الحصريين الخصوصيين – مثل هانت الأيرلندي الأصل – الذين يعملون في خدمة الأثرياء جداً أن يظهروا مرونة كبيرة أمام هذا الاتجاه. فهم يوفرون خدمة متخصصة وشخصية وفق الطلب، ترتكز على الإطراء وتقديم الطعام وفق الأهواء والمزاجات الغريبة، ومن الصعب بالتالي تخيل أن تقوم روبوتات بهذه المهام التي تنطوي على لمسات خاصة وشخصية. ذهبت صحيفة فايننشال تايمز وراء الكواليس لاكتشاف كيف يرى الطهاة العاملون لدى زبون خاص والمدرسون الخصوصيون بدوام كامل ومديرو المنزل والمربيات أدوارهم وحياتهم في المنازل الخاصة. ما وجدته الصحيفة كان مختلفاً جداً عن مستقبل الخدمة في المنازل الذي تنبأ به جي بي بريستلي في عام 1927. إذ تنبأ الكاتب والمعلّق الاجتماعي أن تصبح الخدمة في المنازل «أمر عفا عليه الزمن مثل الحصان»، وسوف تتلاشى مع تلاشي الانقسامات الجامدة في الطبقات الاجتماعية. ولكن جاكلين تاونسند وهي مستشارة بارزة في أكسكلوسيف هاوسهولد ستاف، وهي وكالة راقية للتوظيف، تقول «سيصدم الناس عندما يعلمون كم هو كثير عدد الأسر في لندن التي لديها عمالة منزلية خاصة.. إنه عالم صغير مغلق». ومع ذلك، تشير البيانات إلى انخفاض منذ عصر بريستلي. إذ أظهر تعداد عام 1911 أن 1.5 مليون شخص يعملون في الخدمة المنزلية الخاصة في إنكلترا وويلز. وبحلول عام 2016، وفقا لمكتب الإحصاء الوطني، بلغ الرقم في المملكة المتحدة 97 ألف، على الرغم من أن الرقم يشمل من يعملون لحسابهم الخاص. واتضح أن الخدمة المنزلية ليست وظيفة عفا عليها الزمن. خارج عاملي الخدمة المنزلية الخاصة، هناك تطبيقات مثل Task Rabbit تتيح للعملاء شراء خدمات التنظيف بالساعة بمجرد تمرير الشاشة. هم يمثلون التجسيد الأخير لوكالات الخدمات المنزلية، التي تلبي احتياجات الطبقات المتوسطة. لكن هذا التقرير يركز على مجموعة متخصصة من المهنيين ذوي المهارات العالية والمتعلمين والمتنقلين، الذين يتنافسون على الوظائف العليا ذات الرواتب الكبيرة. الطاه الشهير المطلوب بشدة يمكن أن يكسب ما يصل إلى 70 ألف استرليني في السنة. في حين يصل أجر مدير المنزل إلى 120 ألف استرليني. بعض الزبائن الأثرياء يرغبون في الجمع بين الأدوار. ويمكن أن يتوقعوا من مدير المنزل أن يكون أيضا مساعداً شخصياً، والقيام بمهام مثل ترتيب خزائن الملابس وتدوين اليوميات. وهناك قلق من وكالات التوظيف من تأثير بريكست على قدرة موظفي الخدمات المنزلية على التحرك في جميع أنحاء العالم، لكنها أكثر ارتياحا نسبيا حول قدرة بريطانيا على جذب الأثرياء. وتصر على أن العديد من الزبائن الأجانب يحبون التعامل مع الوكالات البريطانية. فالهوية البريطانية، على ما يبدو، لا تزال قابلة للتسويق للغاية وتلامس حنينا عالميا معينا. بالنسبة لموظفي الخدمة المنزلية أنفسهم، يعتبر الوضع معقداً. ناثانيل ماك كالا، مدير «سيمبلي ليرنينغ توتيشن»، وهي وكالة تعمل على وصل المدرسين الخصوصيين بالعملاء، يعكس تجربته الخاصة في الإقامة لدى العائلات التي يدرس أبناءها. ويقول: أنت موظف، لذا عليك أن تكون ذكيا جدا في طريقة تقديمك لنفسك لأصدقاء العائلة، أو لباقي أفراد الأسرة الآخرين، لأنك بالتأكيد ليس ضيفا. لكن وضعه داخل الأسرة كان يتبدل باستمرار. ويقول إنه في مساء أحد الأيام يجد نفسه يجلس مع الوالدين وضيوفهما يشربون مشروبات رائعة، ويتناولون وجبة جميلة، ويتبادلون أحاديث مثيرة للاهتمام. وفي اليوم التالي، يجد نفسه يجلس على طاولة صغيرة مع أربعة أطفال ومربية، «يجري حديثا مملا»، ويتجسس على الوالدين، وهما يشربان شرابا فاخرا. بعد فترة بدأ يشعر بالعزلة والشوق ليكون مع أصدقائه. وإذا لم يغمرك الشعور بالوحدة فإن الشوق إلى العائلة سيفعل. توقف مارك ماكلين، المدرس الخصوصي الذي يتقاضى ما يصل إلى ألف جنيه إسترليني في الساعة مقابل الحصول على خدماته، عن العمل في المنازل الخاصة. ولكنه يتذكر رحلة واحدة مع إحدى الأسر إلى جزيرة رائعة الجمال تتميز بالشواطئ الرملية البيضاء. «كان الأم والأب يتجادلان مع بعضهما طوال الوقت، ويستخدمانني كنوع من سلاح.. لقد كان الوضع كالجحيم!» في نهاية المطاف، اشترى تذكرة وعاد إلى بلده. عندما تكون الأسرة هي مكان عمل، فإن معاملة الموظفين يمكن أن تكون متقلبة. بالوما إيرفينغ، العضوة المنتدبة في لايرفينغ سكوت، وهي شركة استشارية متخصصة في مجال الموظفين الذين يعملون حصرياً في منازل خاصة ومقرها لندن، تقول «يمكن أن تكون بيئة صعبة للغاية. تعيش في منزل شخص ما بين أربعة جدران وتكون معرضاً لنوبات الغضب والهدوء والمطالب التي لا تنتهي. إنها مهمة صعبة جداً». الأجور يمكن أن تفوق نظيرتها في العالم التجاري، بحسب بالوما. كما يمكن الحصول أيضاً على الرضا الوظيفي. فكما تقول «الناس الذين يؤدون هذه الوظائف فخورون بما يقومون به. إنهم ليسوا مجبرين على القيام بها. إنه خيارهم. سيكون الأمر مدمراً أن يشعروا بأن الآخرين ينظرون بدونية إليهم». بول بروك تايلور، رئيس طهاة يعمل لدى أيرل كارنارفون في قلعة هايكلير، المنزل الواقع في جنوب إنكلترا، حيث تم تصوير المسلسل التلفزيوني الشهير داونتن آبي، يقول إنه في الوقت الذي يمكن أن يفتقد حميمية مطبخ المطعم، إلا أنه يقدر العمل لدى عائلة. عندما عانى بروك تايلور من جلطة أصيب بها أثناء العمل في عام 2010، كان ممتناً للمسة الشخصية في التعامل معه. «أنا غير مقتنع بأن أي شركة يمكن أن تراني وتشعر بي أثناء إصابتي بالسكتة الدماغية. أعتقد أنها ستلقي بي في كومة من الخردة»، كما يقول: «فائدة العمل لدى عائلة هي أنك تحصل على علاقة شخصية. والسلبي هو أنك تحصل على علاقة شخصية أيضاً». على الرغم من ذلك، فإن هانت يحرص على أن يشير إلى أن هناك خطاً لا يجب تجاوزه. فكما يقول «الوضع هو أنه لا يزال رئيسك في العمل. إنه ليس أفضل أصدقائك.. أنت موجود في النزل لتؤدي عملك وتخدمهم». ترجمة وإعداد إيمان عطية

مشاركة :