هل الشهادات التي تقال وتعلن، حول مجموعات المقاومة المسلحة والمدنية مكتملة؟ أم أن هناك أشكالاً من المقاومة غير معروفة حتى الآن، ولم يعلن أصحابها عنها أو لم يسلط الضوء الإعلامي عليها؟بصفتي أحد الذين بقوا في الكويت أثناء الغزو والاحتلال عام 1990، أعرف أن هناك حكايات بطولية لا يعرفها الكثير من الناس، فالمقاومة لم تكن بالسلاح فقط، بل شهدت الكويت المحتلة أكبر عصيان مدني في تاريخها، عجز المحتلون عن القضاء عليه، هذا العصيان المدني بدأ منذ اليوم الأول للغزو، واستمر إلى نهاية الاحتلال، وقام به الصغير والكبير والرجل والمرأة والطفل.ومن خلال متابعتي لحكايات المقاومة وأبطالها بعد التحرير، أرى أن هناك الكثير من الادعاء والمبالغة تشوبها، من خلال استغلال غياب الإعلام وغياب مَنْ خرج من الكويت، فهناك أسماء معروفة يتوقع أن تكون من فصائل المقاومة، لم تفعل ما فعله رجل بسيط أو ربة منزل أو طفل بريء، والمشكلة أن البعض كرر هذه الادعاءات بحسن نية فانتشرت.كان الجميع يقاوم وهذا ما لمسته بنفسي، فالنشر والكتابة كانا من الأشكال الرئيسية في المقاومة، وكان إخفاء الشبان والشابات المقاومين عن عيون العدو، من أكبر المجازفات التي خاضتها الأسر والأفراد، وكان كبار السن الذين ينقلون أخبار تحركات الغزو، عملاً استخباراتياً بطولياً حفظ حياة الشباب، وكان طبخ النساء للآخرين عملاً بطولياً، وكذلك من عالج المصابين من أفراد المقاومة، ومن أوصل المياه إلى البيوت المحتاجة، ومن نظف الشوارع من النفايات العفنة والمتراكمة، ومن ربى الدواجن و وزع بيضها على الجيران، ومن وزع منشورات المقاومة، ومن كتب على الجدران شعارات تندد بالاحتلال، ومن قذف الجنود بالحجارة، ومن وفّر الدواء للمرضى، ومن حرس الأحياء ليلاً، ومن احتفظ بعلم الكويت ولم يتخلص منه رغم أن النتيجة إعدام، ومن حافظ على الممتلكات العامة وغيرها الكثير، فهناك آلاف من أشكال المقاومة، تناغمت مع بعضها وتكاملت، وشكلت لوحة مقاومة كبيرة كلوحة بيكاسو الشهيرة «غرينيكا».وفي رأيي أن أروع المقاومين، هم من عملوا على استمرار التيار الكهربائي والمياه في المحطات، ومن تطوع للعمل في المؤسسات الحيوية، مثل المستشفيات ومحطات الوقود والمخابز والجمعيات التعاونية، ومن فتحوا مدارس في بيوتهم، ومن سافر إلى بغداد لإرسال برقيات لطمأنة الأسر في الخارج على أبنائهم في الداخل.إن البطولات وأشكال المقاومة أثناء الاحتلال لا تحصى، حتى وإن بدت للبعض صغيرة، إلا أن كل عمل يفيد الصامدين كان مقاومة، إضافة إلى أن هناك مقاومة مسلحة، لم يعرفها إلا القليل من المتابعين، لأنها عملت ضمن ظروف وأصول العمل السري المقاوم، والتزموا الحذر السري والتنظيمي ولم يتحدثوا ويتباهوا بعد التحرير.وهنا لا استثني الأعمال البطولية في الخارج، فكل الشعب الكويتي كان مقاوماً.osbohatw@gmail.com
مشاركة :