مسرح وهيب هوب فوق جبل تونسي للقضاء على التطرفعلى سفح جبل سمامة غرب تونس وغير بعيد عن معاقل الإسلاميين المتشددين، حول عدنان الفيلالي قطعة أرض إلى مسرح في الهواء الطلق ضمن مشروعه الثقافي “مسرح الجبل” الذي يهدف إلى مكافحة التطرف والفكر “الظلامي”.العرب [نُشر في 2017/03/04، العدد: 10561، ص(24)]مسرح مفتوح لمحبي الحياة تونس - يتوسط عدنان الفيلالي مجموعة من الأطفال ومجموعة من سكان جبل سمامة الواقع في ولاية القصرين التونسية الحدودية مع الجزائر، حيث ينصت الجميع إلى كلماته على مدارج منحوتة في الصخر ومنصة عرض محفورة في التراب. ويقدم عدنان، البالغ من العمر 42 عاما وهو مدرس للغة الفرنسية ومنشط ثقافي في المناطق الريفية، مشروعه الثقافي “مسرح الجبل” الذي يطمح من خلاله إلى “خلق تقاليد مسرحية في جبل سمامة أكثر مناطق تونس تضررا من عمليات الإرهابيين” بهدف “القضاء على التطرف عبر الثقافة”. ورغم البرد القارس، حضر المئات من طلاب المدارس وسكان جبل سمامة وجبال أخرى متاخمة له حفل افتتاح “مسرح الجبل”، حيث صدحت أنغام الموسيقى والشعر والرقص فوق الجبل، ليستمر الحفل أربع ساعات وتراوحت فقراته بين العزف والغناء البدوي والشعر ورقص “الهيب هوب”. وقال عدنان إنه “يستهدف في مشروعه خصوصا الأطفال مستقبل البلاد”. ويضيف “نريد أن نعلم الأطفال أن الجبل مكان إبداع وفن وشعر وجمال وليس مكانا لاحتضان ثقافة الموت”. ويؤكد الفيلالي أن المسلحين المتشددين ينتشرون “على بعد 200 متر بأسلحتهم”، قائلا “نرفض هذا التعايش الكارثي، الجبل في نظرنا ساحة حياة”. وبدأت فكرة هذا المشروع تراود الفيلالي منذ عامين وقد اصطدم قبل تحقيقها بمصاعب عدة أبرزها غياب التمويل. وهو يطمح اليوم مع رفاقه إلى نقل هذه الأنشطة إلى جبال أخرى في ولاية القصرين مثل السلوم والشعانبي أعلى جبال تونس. وتتحصن في الشعانبي “كتيبة عقبة بن نافع” التابعة لـ”تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي”.وكانت وزارة الدفاع حولت منذ أبريل 2014 جبل الشعانبي إلى “منطقة عمليات عسكرية مغلقة”، وجبالا متاخمة له مثل سمامة والسلوم إلى “منطقة عسكرية”. وتعتقد مالية (32 عاما) التي حضرت حفل افتتاح “مسرح الجبل”، وهي إحدى ضحايا الألغام التي زرعها المتشددون في جبل سمامة، أن “الثقافة هي السلاح الرئيسي في الحرب ضد الظلامية والظلم والإرهاب”. وتتذكر هذه السيدة بمرارة كبيرة كيف انفجر في مايو من العام 2016 لغم عندما كانت تجمع نبتة إكليل الجبل مع ابنة عمها وصديقة لهما. وأسفرت الحادثة عن وفاة رفيقتيها على الفور وإصابتها هي في إحدى عينيها. وتروي “استيقظت في المستشفى معصوبة العينين. لم يستطع الأطباء أن ينقذوا سوى عين واحدة”. وجمع الإكليل نشاط معتاد للنساء في جبل سمامة وجبال أخرى في ولاية القصرين التي تعاني كغيرها من ولايات تونس الداخلية من تهميش اقتصادي مستمر منذ عقود. وفي يناير 2016، انطلقت من القصرين أكبر موجة احتجاجات اجتماعية في تونس منذ الإطاحة ببن علي مطلع 2011. وقد حذر الكثير من أهالي القصرين حينها من تحول الشباب العاطل واليائس إلى وقود لدعاية التنظيمات الجهادية. واضطر سكان مناطق جبلية في القصرين انفجرت فيها ألغام أو شهدت مواجهات بين المتشددين وقوات الأمن والجيش، إلى المغادرة إلى مناطق أخرى. وروت مالية في أغنية قدمتها على المسرح قصتها. وتقول وهي ترتدي نظارات سوداء “لن أغادر جبل سمامة، هنا ولدت وعلى الرغم من كل ما حصل لي، لست خائفة، سنواصل الحرب بالكلمات وليس بالأسلحة”.
مشاركة :