القاهرة: محمد عبده حسنين قررت محكمة جنايات القاهرة أمس تأجيل محاكمة الرئيس المصري السابق محمد مرسي و35 من قيادات جماعة الإخوان، في قضية اتهامهم بارتكاب جرائم التخابر مع منظمات أجنبية بغية ارتكاب أعمال إرهابية، وذلك إلى جلسة 28 أبريل (نيسان) الحالي، لسماع باقي شهود الإثبات، مع حظر النشر بأي وسيلة إعلامية اعتبارا من الجلسة المقبلة. وقالت مصادر قضائية إن الهدف من قرار حظر النشر «الحفاظ على الأمن القومي للدولة». في غضون ذلك، شدد وزير الدفاع الفريق أول صدقي صبحي أمس على أن «الحفاظ على الأمن القومي هو المهمة الرئيسة للجيش». تزامنا مع تصريح لوزير الداخلية اللواء محمد إبراهيم قال فيه إن «الجيش المصري يرصد بدقة كل التحركات التي تجري على الحدود»، ردا على ما أشيع عن تحركات لما يسمى «الجيش المصري الحر» على حدود مصر الغربية والجنوبية. وراجت أخيرا أحاديث حول تجمع لعناصر في المنطقة المتاخمة للحدود الغربية لمصر داخل ليبيا، قدرت بنحو 800 شخص، يقومون بتدريبات شبه عسكرية. إلا أن مصادر أمنية قللت من شأن تلك الأنباء، مؤكدة يقظة الجيش المصري، وقدرته التامة على مواجهة أي بادرة اضطراب. وتشهد مصر أعمال عنف ومظاهرات مستمرة من جانب أنصار الإخوان المسلمين، عقب عزل مرسي مطلع يوليو (تموز) الماضي، وردت السلطات بإعلان الإخوان رسميا وقضائيا «جماعة إرهابية» منذ عدة أشهر. وهاجم مجهولون مسلحون أمس كمينا أمنيا بحي «مدينة نصر» (شرق القاهرة) بعد أن فتحوا النيران من أسلحتهم النارية على أفراده، إلا أن الضباط تبادلوا إطلاق الرصاص معهم وتمكنوا من ضبط أحدهم. ويحاكم مرسي ومعه المئات من قيادات وأنصار جماعة الإخوان في عدة قضايا تتعلق بارتكاب أعمال عنف وإشاعة الفوضى والتحريض على القتل وإهانة القضاة والتخابر واقتحام السجون. وفي جلستها المنعقدة أمس برئاسة المستشار شعبان الشامي، قررت محكمة جنايات القاهرة تأجيل محاكمة مرسي و35 متهما آخرين من قيادات الإخوان، إلى جلسة 28 أبريل، في قضية اتهامهم بارتكاب جرائم التخابر مع منظمات أجنبية وإفشاء أسرار الأمن القومي، والتنسيق مع تنظيمات جهادية بغية الإعداد لعمليات إرهابية داخل الأراضي المصرية. وتضمن قرار التأجيل أن يجري استكمال الاستماع إلى أقوال شهود الإثبات، ومشاهدة الاسطوانات المدمجة المقدمة من النيابة بجلسة اليوم، كما أمرت المحكمة بحظر النشر في القضية اعتبارا من الجلسة المقبلة، في كافة وسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمقروءة. وتضم القضية 20 متهما محبوسا بصفة احتياطية على ذمة القضية، يتقدمهم مرسي والمرشد العام محمد بديع وعدد من نوابه وأعضاء مكتب إرشاد التنظيم وكبار مستشاري الرئيس المعزول، علاوة على 16 متهما آخرين هاربين أمرت النيابة بسرعة إلقاء القبض عليهم وتقديمهم للمحاكمة محبوسين احتياطيا. وكانت تحقيقات نيابة أمن الدولة قالت إن «التنظيم الدولي للإخوان قام بتنفيذ أعمال عنف إرهابية بغية إشاعة الفوضى العارمة بها، وأعد مخططا إرهابيا كان من ضمن بنوده تحالف قيادات الإخوان مع بعض المنظمات الأجنبية، وهي حركة حماس الفلسطينية، وحزب الله اللبناني وثيق الصلة بالحرس الثوري الإيراني، وتنظيمات أخرى تعتنق الأفكار التكفيرية المتطرفة، وتقوم بتهريب السلاح من جهة الحدود الغربية». وقررت المحكمة أمس حضور اللجنة الفنية لأداء اليمين القانونية إيذانا ببدء عملها، وكذا تقديم لجنة غرفة صناعة السينما لتقريرها في شأن الأحراز المصورة بالقضية، مع تمكين الدفاع من الاطلاع على ما قدم بالجلسة بمعرفة النيابة من تقارير واسطوانات ونسخها، كما أمرت بعرض المتهمين خليل أسامة العقيد وإبراهيم الدراوي، على مصلحة الطب الشرعي لبيان ما بهما من إصابات وسببها وتاريخ حدوثها والأداة المستخدمة فيها. وخلال الجلسة استمعت المحكمة لاثنين من الشهود، هما الضابط وأمين الشرطة اللذان قاما بضبط أحد المتهمين وبحوزته سلاح ناري غير مرخص وتليفون جوال يحتوي مجموعة من الصور الفوتوغرافية ومقاطع مصورة تظهره حاملا أسلحة نارية وقذائف صاروخية «آر بي جي» وتسلله عبر الأنفاق السرية الرابطة بين مصر وقطاع غزة. كما شهدت الجلسة مفاجأة بطلب هيئة الدفاع ضم القضية (التخابر) إلى قضية اقتحام السجون إبان ثورة يناير (قضية وادي النطرون)، مبررين هذا الطلب بأنه يأتي «نظرا لارتباط القضيتين ارتباطا لا يقبل التجزئة»، بحسب ما قرره الدفاع. وقال محمد الدماطي عضو هيئة الدفاع إن «قضيتي التخابر ووادي النطرون، تتضمنان وقائع مشتركة لا تقبل التجزئة ووقعت في تواريخ وأمكنة وظروف واحدة»، مضيفا أن «وقائع قضية التخابر ولدت بصعوبة وجرى انتزاعها من أوراق قضية وادي النطرون»، واصفا القضية بأنها «سياسية». وطالب الدفاع المحكمة بالسماح لهم بلقاء المتهمين على انفراد، باعتبار أنهم «لم يتمكنوا حتى الآن من مناقشة أبعاد القضية مع المتهمين ودراستها معهم، وأن كافة اللقاءات السابقة لم تزد عن بضع دقائق، وكانت تجري وسط حضور كبير من ضباط وأفراد الشرطة، على نحو يخل بحق المتهم في أن يختلي بمحاميه لمناقشة وقائع القضية بحرية دون قيود». وعقب رئيس المحكمة مؤكدا أن قانون السجون يتيح لوزير الداخلية الحق في الاعتراض على زيارة بعض المتهمين «لدواع أمنية». من جهة أخرى، أكد وزير الدفاع أن المهمة الرئيسة للقوات المسلحة هي الحفاظ على الأمن القومي الذي يكمن في قوات مسلحة قوية قادرة على التضحية والعطاء بكل تفان وإخلاص من أجل الوطن واستقراره. ووجه صبحي، خلال لقائه عددا من قادة وضباط الجيش الثاني الميداني أمس، تحية لـ«رجاله الذين يضحون بأرواحهم كل يوم من أجل القضاء على البؤر الإرهابية في سيناء، وكذلك شهداء القوات المسلحة والشرطة المدنية الذين بذلوا دماءهم الطاهرة لعودة الأمن والاستقرار لهذا الجزء الغالي من أرض مصر». وأشاد وزير الدفاع بالجهد الذي يبذله رجال القوات المسلحة في التدريب بما يتناسب مع المهام والواجبات المكلفين بها، ودورهم الوطني في تأمين الجبهة الداخلية بالتعاون مع عناصر الشرطة المدنية لاستعادة الأمن والاستقرار وحماية المنشآت في كافة المحافظات، وتأمين المجري الملاحي لقناة السويس باعتبارها أحد الشرايين الرئيسة للأمن القومي. في السياق نفسه، قام وزير الداخلية بجولة مفاجئة أمس إلى محافظة الفيوم لتفقد الحالة الأمنية بها، وأكد اللواء إبراهيم ضرورة تكثيف الوجود الأمني ومواجهة كافة صور الخروج على القانون، وتفعيل دور نقاط التفتيش الحدودية والأكمنة الثابتة والمتحركة على كافة المحاور. وحول ما يتردد عن تشكيل جماعات متطرفة لما يسمي «الجيش المصري الحر» على الحدود الغربية والجنوبية لمصر، قال الوزير إن «الجيش المصري يرصد بدقة كل التحركات التي تجري على الحدود، ومن جانبنا نواصل الإجراءات الوقائية لحماية الجبهة الداخلية». وتابع أن «استراتيجية الوزارة تعتمد على الضربات الاستباقية، وتمكنا خلال الفترة الماضية من كسر العمود الفقري للإرهاب من خلال ضبط عدد من الخلايا الإرهابية التي تورطت في أحداث عنف واستهداف منشآت ورجال الشرطة، كما أحبطنا مخططات أحداث أخرى كان مخططا لها وضبطنا عناصرها». وقال إبراهيم إن أجهزة الأمن بالتنسيق مع القوات المسلحة قادرة على تأمين انتخابات الرئاسة المقبلة، وامتحانات نهاية العام بالمدارس والجامعات. وأضاف أن «قوات التأمين سوف توجد خارج الجامعات ولن تخلها استجابة لرغبات الطلاب والاتحادات الطلابية الذين جرى لقاؤهم خلال الفترة الماضية»، موضحا أن «القوات لن تتدخل إلا في حالة استدعائها عند وقوع شغب أو محاولات تخريب».
مشاركة :