تثير حملة الاعتقالات التي يشنها عناصر وكالة الهجرة والجمارك الأميركية ضد المهاجرين غير الشرعيين في أماكن كانت تعد "آمنة" بالنسبة إليهم مثل المحاكم والكنائس الذعر بينهم والغضب في أوساط الناشطين. منذ وصوله إلى البيت الأبيض مناديا بـ "أميركا اولا"، جعل الرئيس دونالد ترامب من سياسة الهجرة حجر الأساس لأجندته حيث منح عناصر وكالة الهجرة والجمارك (آيس) صلاحيات واسعة لاعتقال وترحيل المهاجرين غير الشرعيين. فعليا لم تبدأ بعد عمليات الترحيل على نطاق واسع في عهد ترامب حيث لا تزال أعداد المرحلين مشابهة لتلك التي كانت في عهد سلفه باراك اوباما. إلا أن سلطات الهجرة تستهدف الآن الأماكن التي كانت تعد ملاذا وأسقطوا القواعد التي كانت تحثهم على التركيز فقط على المجرمين الخطيرين. وكانت النتيجة استهداف جميع المهاجرين بالطريقة ذاتها. من بين المستهدفين بهذه الاعتقالات دانيلا فارغاس (22 عاما)، وهي من فئة المهاجرين الذين أتوا أطفالا إلى الولايات المتحدة حيث حصلوا على إقامات مؤقتة بفضل برنامج "داكا" الذي أنشأه أوباما عام 2012 ويعرفون ب"الحالمين" (دريمرز). وعندما قدم عناصر "آيس" إلى منزلها لاعتقال والدها وأخيها، وكلاهما مهاجرين غير مسجلين، افلتت فارغاس من الاحتجاز عبر الاختباء في خزانة في المنزل. إلا أنهم تمكنوا من اعتقال هذه الشابة القادمة من الأرجنتين الأربعاء بعدما تحدثت في مؤتمر صحافي ضد الترحيلات في ولاية ميسيسيبي الجنوبية. مثير للقلق وفي تعليقه على عملية اعتقالها، كتب السناتور الديموقراطي ريكارد دوربن في صفحته بموقع تويتر أنه "من المثير للقلق أن +آيس+ لحقوا بها على ما يبدو إلى مؤتمر صحافي عن الهجرة". وينطبق برنامج "داكا" حاليا على حوالى 750 ألف شخص. ويتيح المرسوم الذي وقعه اوباما في 2012 للاشخاص الذين قدموا الى الولايات المتحدة اطفالا ونشأوا كأميركيين أن يظلوا في البلاد ويعملوا فيها. الا ان فارغاس تركت مهلة وضعها المؤقت تنقضي وكانت تعمل على جمع المال لدفع رسوم تجديد إقامتها عندما اعتقلها عناصر الهجرة. ووفقا لمحاميي فارغاس، سيتم ترحيلها دون جلسة في المحكمة أمام قاضي هجرة. واعتبرت يتزيري توفار الموظفة لدى منظمة غير حكومية مؤيدة للهجرة وتقيم ايضا بوض مؤقت أن "+آيس+ لا يخجلون". وأضافت أن "هذه الوكالة المارقة اعتقلت حالمة اخرى (...) على ما يبدو بسبب ممارستها لحقوقها وفقا للتعديل الأول" في إشارة إلى حق حرية التعبير في الدستور الأميركي. وكان ترامب أدلى بتصريحات متناقضة حيال برنامج "داكا" منذ وصوله إلى السلطة في 20 كانون الثاني/يناير. فخلال حملته الانتخابية، أصر على أنه لن يمنح "الحالمين" "عفوا غير قانوني" إلا أنه في منتصف الشهر الماضي قال إنه سيتعامل معهم "بقلب كبير". إلا أن توفار اشارت إلى أنه "بإمكان ترامب محاولة تشويش الناس كما يشاء عبر قوله أشياء لطيفة عن +الحالمين+، ولكن الواقع هو أن الوكالة التي يشرف عليها تستهدف الآن المهاجرين الشباب وتنتزعهم من عائلاتهم". وتطالب منظمتها "ميك ذي رود نيويورك" بـ"الإفراج الفوري" عن فارغاس. وأوضحت المحامية باتريسيا ايس التي تترأس مجموعة محلية تدافع عن حقوق المهاجرين لوكالة فرانس برس أن الحكومة تعتبر أن فارغاس لا يحق لها جلسة أمام القاضي كونها "تجاوزت فترة الإقامة ضمن برنامج يلغي الحاجة إلى تأشيرة". ولم تتلق وكالة فرانس برس ردا من سلطات الهجرة الأميركية عند طلبها التعليق على المسألة. "شيكاً على بياض" بعد مرسوم ترامب حول الهجرة الذي علقه القضاء، بدأت سلطات الهجرة بترحيل مهاجرين غير شرعيين يشتبه بارتكابهم جرائم حتى وإن لم توجه إليهم التهم رسميا، وهو ما بدا جليا عندما اعتقل أشخاص وجدوا ملاذا خلال يوم شتاء بارد داخل كنيسة في أليكساندريا بولاية فيرجينيا. واحتجزت السلطات كذلك امرأة توجهت إلى المحكمة في إل باسو بتكساس للتقدم بشكوى بشأن العنف المنزلي. ومؤخرا كذلك، صعد عناصر "آيس" على متن طائرة كانت هبطت للتو في مطار "جون كينيدي" الدولي في نيويورك حيث قاموا بالتأكد من الأوراق الثبوتية لكل راكب. وأشار سيزار فارغاس، مؤسس تحالف عمل "دريم" الذي يؤيد إصلاح الهجرة إلى أنه "هناك بالفعل تعاط أكثر قسوة من قبل عناصر الهجرة الذين يشعرون بأنهم لن يحاسبوا اذا استهدفوا +أماكن حساسة+ كالكنائس والمدارس وغيرها". وأضاف أن "ترامب منح هؤلاء العناصر شيكا على بياض للقيام بما يرونه مناسبا وحرية مطلقة للتصرف. يبدو أن لا مشكلة لديه باستهداف المجرمين العنيفين والأمهات" على حد سواء. وأكثر ما يخشاه أولئك المهاجرون في الولايات المتحدة البالغ عددهم 11 مليون هو أن تكفيك العائلات. أما جينيت فيزغيرا، وهي امرأة أخرى تهرب من عناصر "آيس" الذين يسعون لترحيلها، فلجأت إلى كنسية في دينفير بولاية كولورادو مع أطفالها الثلاثة. وقالت فيزغيرا (47 عاما) لوكالة فرانس برس "أنا جاهرة للتضحية بكل شيء لأبقى مع أطفالي". واعتقل كذلك خلال الأسابيع القليلة الماضية دانيل راميريز مدينا، وهو "حالم" مكسيكي يبلغ من العمر 23 عاما يعيش في سياتل. والقى عناصر "آيس" القبض على راميريز الذي قدم إلى الولايات المتحدة عندما كان في السابعة من عمره، رغم صلاحية تصريح "داكا" الذي كان يملكه. وادعى المسؤولون الذين اقتحموا منزله لأخذ والده أن راميريز اعترف بانتمائه إلى عصابة، وهي تهمة ينفيها المهاجر الذي لا سوابق جنائية لديه.
مشاركة :