فاطمة حسين.. عاشقة الصحافة عادت إلى بيتها

  • 3/4/2017
  • 00:00
  • 2
  • 0
  • 0
news-picture

حمزة عليان | أول سيدة تتولى رئاسة جمعية الصحافيين، على المستوى العربي، هي الزميلة فاطمة حسين، لتدخل الجمعية الكويتية كـ«وجه نقابي» في قائمة الأوائل، وتسجل في تاريخ الصحافة العربية نفسها بكونها امرأة دخلت بلاط صاحبة  الجلالة متوجة بهذا السبق، بعد رحلة طويلة وغنية في مهنة المتاعب، ولهذا كانت «وجهاً في الأحداث». – جاءت بالتزكية في انتخابات جمعية الصحافيين الشهر الماضي، لتخلف الأستاذ أحمد يوسف بهبهاني بالرئاسة، وتقود الجسم الصحافي والمهني، وللمرة الأولى في تاريخها، في خطوة اعتبرها كثير من المراقبين بأنها اعتراف واقعي لدور المرأة بالصحافة وتجسيد فعلي للمساواة بين الجنسين. – امرأة متميزة جداً في المشهد الكويتي، وبالعباءة التي ارتدتها ذات يوم، وكانت تسمى «عباءة الكتف»، والتي توضع على الرأس، وهي صاحبة الدور في إحراقها مع زميلاتها في ساحة المدرسة التي انتسبت إليها في الخمسينات وتحدثت عنها في «أوراقي» وتنزع عن الحادثة مدلولها التاريخي، كما تروي بذلك الزميلة سعدية مفرح،  والذين كنّ يستلهمنه ويتحول إلى مجرد طرفة من دون أن تنتهي بتغيير حقيقي، وأن العباءة المقصودة لم تكن عباءة، بل مجرد «بوشية»، أي الملاءة الحريرية التي كانت النساء الكويتيات آنذاك يستخدمنها في تغطية الوجه. – انتمت إلى جيل الخمسينات وما قبله، تفتحت عيناها على مرحلة ما قبل النفط، والبلاد تتخلص من آثار الحرب العالمية الثانية، وفي ظل نشوء نواد ثقافية، وثانوية الشويخ كمركز إشعاع تنويري، حيث كوكبة من المفكرين والمعلمين الكبار والحديث عن الأفكار التقدمية والقومية العربية ومجلات الهلال ورواياتها، لتصبح الفتاة في مرحلة النضح الفكري الذي ظهر في «ثورة العباءة». – الذين كتبوا عن سيرة فاطمة حسين، وضعوها في جانب كبير منها، سيرة للكويت وعلى مدى أكثر من نصف قرن شاهدت تحولات عميقة وتغيير في نمط العيش ونوعية الأعمال. – تدعي، وبتواضع شديد، أنها امرأة لم يأخذ العمر يوماً مساحة أكبر من حجمه ومعناه في حياتها، فبعد سنين ثلاث من يوم مولدها، انتقلت إلى بيت جديد، صار يتمدد شيئاً فشيئاً، ليضم «حوش البودي» وهو ملتصق بهم، ويصبح سكناً لشقيقها محمد وعائلته وبيت الخطيب ثم بيت الخضر، وكأنها تسكن حقلاً من دون خضرة ولا ترعة. – في كتاب «أوراقي» سرد للمرحلة المصرية من تاريخ حياتها، عندما ذهبت للدراسة في جامعة القاهرة ضمن أول بعثة دراسية لبنات في الكويت، فكانت صورتها بالصحافة المصرية من ضمن سبع فتيات مع الرجال لأول مرة. فاختارت ان تدرس الصحافة، وتمارس الحياة كما هي في فضاء القاهرة بالخمسينات، وهناك تبدأ علاقتها بابن عمها الذي تزوجته فيما بعد، وتنضم لحركة القوميين العرب. – اكتشفت انها تقع في حب المدن مثلما تقع المرأة في حب الرجل، «إلا ان المدن تسمح لك بالشراكة، والنساء والرجال يرفضونها»، لكنها احبت القاهرة وبومباي ونيويورك،، وعادت دوماً إلى حبها الأول، وهو الكويت.. هكذا هي أم حسام، تبدأ في الوطن وتبقى معه لا تغادره. – بقيت الكتابة والعمل الصحافي، مرافقة لكل مراحل حياتها المهنية، سواء في وزارة الخارجية او الاذاعة والتلفزيون، أو في المواقع التي تنقلت فيها بـ«الوطن» و«سمرة»، فعشقها الأول والأخير كان الصحافة، ولهذا استدعاها لتكون حارسة لبيت الصحافيين بما لها من باع وخبرة في هذه المهنة. – رفضت مسمى برامج نسائية أو برامج للمرأة، وقدمت برامج للأسرة، لايصال رسالتها للاثنين معاً، للرجل والمرأة لكونهما يشكلان نواة المجتمع، وكل اعمالها في وزارة الاعلام كانت تطوعاً أو بمكافأة، وعملها في التلفزيون لمدة 15 عاما كان بمكافأة، بدأت بــ10 دنانير وصلت إلى 50 دينارا، فالمال كان آخر همها، المهم ماذا اعطت للناس، على ما تقوله للزميلة دانيا شومان في صحيفة الانباء. – لديها شعور براحة الضمير، وهي تقترب من الثمانين، فقد أعطت للكويت ما تستحق ومازالت تكمل مشوار حياتها وفق قناعات وثقافات مارستها وبحرية كاملة، جعلت منها نموذجا لبنات جيلها. – ابتعدت عن الدخول في معترك العمل السياسي، وآثرت البقاء في محيطها الثقافي والإعلامي والتوعوي، في الدبلوماسية والوزارة والمواقع القيادية. – مثلما رأت نتائج التعليم في كويت الخمسينات، تحث عليه الآن، فلا فائدة من تعليم إن لم يغير في حياة الإنسان، وعندما شاركت بورشة عمل بوصفها رئيسة لجمعية الصحافيين، خاطبت المشاركين بأن التدريب بالنسبة إليهم، أهم من التعليم، لإيمانها ان الصحافة ممارسة قبل ان تكون دراسة ومنهجا. – قالت رأيها في الصحافة الكويتية وفي اكثر من مناسبة، فهناك كمَّ هائل من الكتّاب مقارنة بالصحافيين، والكاتب شيء أساسي، لكنه ليس رئيسياً. والمتابع يريد الحس الصحافي، وغالبا ما يعطي القراء والاخبار اهتماما اكثر من زوايا الكتاب، والصحف تستقطب الكاتب بسبب اسمه، وهي تتعاطى مع المعلومة والفكرة بعيداً عمن يكتب واصله وانتمائه ودينه. السيرة الذاتية نورد السيرة الذاتية لصاحبة الوجه في الأحداث كما دونتها بنفسها. •  أنا فاطمة حسين العيسى القناعي. • بدأت النطق في الكويت حيث ولدت عام 1937. • وبدأت الفكر في القاهرة، حيث تعلمت في قسم الصحافة كلية الآداب 1956 – 1960. • وبدأت العمل في نيويورك في أول رسالة إذاعية تحت عنوان«يوميات سيدة كويتية في نيويورك» 1961. • لم تستقر قدماي في اذاعة الكويت رسمياً أكثر من سنة ونصف السنة، اعددت وقدمت فيها البرنامج اليومي ركن المرأة الإذاعي الصباحي، ولكنني قدمت لها الكثير فيما بعد كضيفة ومضيفة. • في وزارة الخارجية هربت إلى عالم السياسة الذي أحب.. نصبوا الأسلاك الشائكة حولي، قدمت استقالتي وتفيأت بظل التلفزيون واسترحت هناك في «دنيا الأسرة» 1963 – 1977 وحين منحت نفسي تقاعداً نقل النشاط من لساني إلى قلمي. • أخذت مكاني كعضو في المجلس الاستشاري للإعلام 1985. • تسلمت إدارة تحرير جريدة الوطن عام 1991، ورئاسة تحرير مجلة سمرة 1992. • أصبحت عضو مجلس إدارة جمعية الصحافيين منذ عام 1997. • دخلت الحياة، وسوف أخرج منها من دون احتراف، لأني عاشقة كبرى لحريتي. أول تظاهرة وأول نشرة شاركت بتنظيم وقيادة أول تظاهرة نسائية كويتية أثناء الاحتلال العراقي، وأصدرت في منزلها نشرة يومية سرية تحمل اسم «نساء وأطفال الكويت» وبمجموع 24 عدداً، أولها كان بتاريخ 1990/8/9. أسلحة حملتها في شخصيتها تروي وبجرأة غير عادية، أهم ملامح شخصيتها بالقول: «ما كنت نبتة برية غريبة.. لقد أنجبت الكويت كثيرات قبلي ومعي وبعدي، تشترك كثيرات منهن معي في المنبت والمسار، في الفكر والتوجه، في الواقع وفي الحلم، ولكن ربما كان الاستعداد للتضحية، الذي يوجد عند الإنسان بدرجات متفاوتة، هو الحاجز الذي يفصل بيني وبينهن، لقد حاربت كل واحدة منهن، وما زالت. بذكاء يفوق ذكائي، وذلك باختيار السلاح المناسب في الوقت المناسب، ولكني تمنطقت بالأسلحة الخمسة معاً، ومنذ بداية تعاملي مع (الآخر)، سواء ذلك مع الزوج الذي اختارني شريكة لحياته، مع العائلة التي احتضنتني قبله وهيأت لي ظروف التربية والتعليم، مع المهنة التي امتهنتها، مع النظام السياسي الذي يحكم المؤسسات الحكومية والأهلية التي تعاملت معها، وما زلت أحمل ذات الأسلحة أمام أحفادي وأمام المتغيرات السياسية في مجتمعي، فخورة بذلك فخراً لا حدود له، لأن هذه الأسلحة قد أصبحت جزءاً لا يتجزأ من شخصيتي». تأثير الوالد سألتها الزميلة ماجدة سليمان مرة في حديث لها مع «الأنباء» عن صورة والدها وتأثيره في حياتها، أجابت: الدور كان قصيراً جداً لكنه مؤثر، أنا ما شفت والدي، والدي كان عايش بالهند يجي كل سنتين لفترة قصيرة، تقريباً شهرين، لأنه كان مسؤولاً عن مكتب العائلة في الهند، ففي فترات تواجده معنا تعلمت منه الالتزام، التفكير في الشيء قبل قوله، علمنا الدقة وأهمية الانتباه وتقديس الكتاب المقدس، كما يحضرني هنا حادثة عجيبة الشكل، علمتني من هو والدي، عندما كنت في ثانوي وكتبت رسالة لاذاعة القاهرة أطلب من المرحوم صالح جودت ان يكتب لي قصيدة في المعادي، فأنا غاوية شعر، وعندما استلم والدي الرسالة، وناداني، لم يفتح الرسالة، قال لي أتعرفين شخصاً اسمه صالح جودت؟ أنا حسيت ان الأرض ترتج تحت أقدامي، قلت نعم يا أبي، هذا شاعر معروف، سمعته على اذاعة القاهرة وأُعجبت بالقصيدة، فطلبت ان يكتبوها لي وكان أبي محباً للشعر، فاعطاني الرسالة ولم يقل شيئاً.    أقدم نقابتين عربيتين للصحافة عرف العالم العربي عدداً من نقابات وجمعيات الصحافيين، ومن أقدمها نقابة الصحافيين المصريين عام 1912 التي أعلنت بقانون ملكي عام ،1941 وبمجلس مكون من 12 عضواً، ستة منهم يمثلون أصحاب الصحف، وستة من المحررين، و120 عضواً. وكذلك نقابة الصحافة اللبنانية عام 1911 أثناء العهد العثماني، أما نقابة الصحافة الأولى فقد ولدت عام 1919 في منزل خليل سركيس، واكتسبت شرعيتها عام 1942 برئاسة جبران تويني، ونشأ في لبنان نقابتان، واحدة للمحررين، وأخرى لأصحاب الصحف.   سابع رئيس لجمعية الصحافيين الكويتية عرفت جمعية الصحافيين منذ اشهارها عام 1964  سبعة رؤساء، آخرهم السيدة فاطمة حسين، اما المؤسسون فهم غنيمة فهد المرزوق، عبدالعزيز المساعيد، خالد العيسى، غانم يوسف الشاهين، يوسف صالح العليان، باقر علي خريبط، سليمان الحداد، جاسم المبارك، عبدالعزيز الفليج، ويوسف عبد العزيز المساعيد. يتكون مجلس الادارة من سبعة أعضاء يجري انتخابهم كل عامين. والرؤساء بالتوالي هم السادة: عبدالعزيز المساعيد (1964 مرة واحدة) عبدالعزيز الفليج (1966 مرة واحدة) سامي المنيس (1970 مرتين) يوسف المساعيد (1967) يوسف العليان (1978 خمس مرات) احمد يوسف بهبهاني (1986 ثماني مرات)، فاطمة حسين (2017).

مشاركة :