حسن الظن بالله ثم بالناس

  • 3/5/2017
  • 00:00
  • 47
  • 0
  • 0
news-picture

حسن الظن بالله ثم بالناس عند التاجر عبدالله بن خالد الخضير: إن ديننا الإسلامي الحنيف يدعونا إلى التحلي بالأخلاق الكريمة، ومن جملة تلك الأخلاق حسن الظن بالله ثم بالناس، وقد جاء في الحديث القدسي الذي رواه النبي صلى الله عليه وسلم عن رب العزة سبحانه وتعالى: «أَنَا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِي بِي فَلْيَظُنَّ بِي مَا شَاء» (مسند أحمد، برقم 16722). كما وجهنا شرعنا الحنيف إلى حسن الظن بالناس، فالأصل في المؤمن أن يحسن ظنه بالله ثم بالناس فينقلب عليه ذلك بالخير والأجر العظيم. وهذا ما تسوقه هذه القصة الواقعية التي تتجسد فيها أسمى معاني حسن الظن بالله ثم بالناس، وفيها أن الحال قد ضاقت بسليمان، ولم يكن سليمان من أهل الكويت، ولكنه ممن يتردد عليها، يجلب إليها ما يستورد من العراق ومن بلدان الخليج، ويخرج منها ببضائع يصدرها إلى الشمال والجنوب، وخسر سليمان في تجارته ولم يجد مخرجاً من تلك الخسارة، وخاف على مستقبله ومستقبل عياله، ففكر في وسيلة للخروج من تلك الأزمة. وقد عرف الناس رجلاً أميناً كان مستودع أماناتهم يقال له عبدالله بن خالد، وجاء سليمان إلى عبدالله بن خالد قائلاً له: تذكر يا أخي أني منذ سنتين أودعتك 50 ليرة عثمانية ذهبية، والآن أنا في حاجة إليها فأعد إلي وديعتي حفظ الله عليك صحتك. ونظر عبدالله إلى وجه الرجل فلم يعرفه ولم يذكر أنه رأى هذا الوجه من قبل، ودخل عبدالله داره وأتى بخمسين قطعة ذهبية عثمانية سلمها إلى الرجل. ذهب سليمان بما تسلم فتاجر وسافر وعاد وكرر السفر وربح كثيراً، وبعد عام جاء إلى مجلس عبدالله بن خالد، وبعد أن غص المجلس بمن فيه من رجال، وقف سليمان وفي يده خمسون قطعة ذهبية قائلاً: يا عبدالله بن خالد، أتيتك في العام الماضي مدعياً بأني أودعت عندك ذهباً، ولم تسألني عن موعد الإيداع ولا عن شهود ولا بينة، وإنما سلمت لي المبلغ من غير أن تقول كيف ومتى، والحق أني لم أكن صادقاً في ما أدعيت، لكني كنت تاجراً فخسرت، ونويت أن أعمل وأن أرد إليك ما أخذت منك واطلع الله على صدق نيتي فأنعم علي بخير وفير وربح كثير، وها أنا وقد حال الحول أعيد المبلغ إليك معتذراً وشاكراً، وهذا مالك في يدي خمسون قطعة ذهبية عثمانية، أرجو أن تقبلها وأن تغفر لي كذبي، وأن تقبل مني عذري وشكري. قال عبدالله بن خالد لجلسائه، جاءني هذا الرجل في العام الماضي وحكى قصته وأنه علم بأنه تاجر على أبواب الإفلاس، وأنه خشي على مستقبله وعياله، وقد أعطاه المبلغ وهو ينوي في نفسه أنه لله لينقذه به، وقد وفقه الله تعالى. ثم التفت إلى سليمان وقال له: إن المبلغ الذي عندك والذي تسلمته مني العام الماضي كان لله، وليس لي أو لك فاذهب مباركاً لك فيه إن شاء الله. وهكذا ضرب لنا عبدالله بن خالد – رحمه الله – مثالاً حياً يحتذى في حسن الظن بالله والإحسان إلى الناس، واتضحت لنا أصالة آبائنا الكرام من التجار الأوائل الذين تربوا على هذه القيم الأصيلة.د. عبدالمحسن الجارالله الخرافيajkharafi@yahoo.comwww.ajkharafi.com

مشاركة :