التدين الوظيفي يقع فيه خلل وتناقض بين الجوانح والجوارح، قد يدخلان المتدين من دون أن يشعر في خندق النفاق والتعارض الصارخ بين قوله وفعله، وبين ما يعتقده وما يسلكه من سلوك وما يؤمن به قلبه. ويتحول تدريجياً من مكلفٍ خاضعٍ بوجوده لله، إلى موظف حول الدين لمجموعة وظائف متناقضة لا تحدث أثراً حقيقياً في مستواه الفردي، ولا مستواه الاجتماعي، ولا يكون له دور جلي في مشروع الأمة ونهضتها. يصبح متديناً جافاً، لا يحدث الدين فيه أي تطور على مستواه العقلي والفكري والفردي، وبالتالي لا أثر أيضاً اجتماعياً.. وهذا نتيجة التفكيك بين أعضاء المنظومة الدينية. ومن مظاهر التدين الوظيفي: – الجفاف العاطفي، ولا وجود للحب في شبكة العلاقات الفردية والاجتماعية. – خلل في الهوية، وبالتالي في الشعور بالانتماء، وظهور التناقض يدفعان كثيرين إلى التخلي عن الدين بسبب المتدينين، لعدم الفصل بين حقيقة الدين وسلوك المتدين وفهمه. – سيطرة الفهم الفقهي للدين كقانون جافٍ على وعي المتدين. – خلل في المرجعيات المعرفية، وبالتالي خلل في المعايير التقييمية، وانقلاب منظومة المفاهيم وتبدلها. – خلل في منظومة القيم وتراجع هذه المنظومة تراجعاً يدخل المجتمع في فوضى وفتنة تتجلى في عدم استقراره اجتماعياً وسياسياً. – خلل في بنية العلاقات الأسرية يؤدي إلى ازدياد نسبة التفكك وبالتالي الطلاق. – خلل في المشاريع النهضوية، يتمثل في الخلل البنيوي للرؤية وعدم الديمومة والاستمرارية، وكثرة الانشقاقات في جسد المجتمع والانقسامات. – تحول التكليف إلى وظيفة يخضع المكلف لمفهوم مغلوط للطاعة، وبالتالي تكثر لذلك عملية الترميز والتقديس. – تعطيل القدرة العقلية على التشخيص والحُكْم والتخطيط، بما يحول خطة تربية الأجيال من تربية قادة إلى تربية جنود. يحتاج العلاج إلى إعادة صناعة وعي وفهم جديدين للمنظومة الدينية وبنيتها الداخلية المتشابكة وظيفياً وعلائقياً، وهو ما يتطلب تضافر جهود المؤسسات الدينية مع النخب ومع المنابر، لتكثيف الجهود في هذا الصدد، وهذا موضوع بحد ذاته ذو شجون، وأحدث في راهننا نتيجة التداعيات السياسية في المنطقة هزة وجودية على مستوى الإنسان والعالم. فبات هناك تداخل واضح بين الدين والتدين، وبين النص وفهم النص، وبين حقيقة الدين وممارسة المتدينين، أربك ساحات كثيرة على المستوى العقدي، وأدخلنا في متاهة الإلحاد التي باتت تنشر غالباً في وسط المتدينين. لكن لماذا حدث هذا؟! ومن المسؤول غالبا عنه؟! إيمان شمس الدينechamseddin@gmail.com
مشاركة :