التحولات الجارية في مجتمعنا خلال العامين الأخيرين هي تحولات جوهرية في عدد من المجالات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية ولم يسبق لها أن حدثت بنفس الطريقة والآلية بل والسرعة التي تحدث بها اليوم ،كما لم يسبق أن ظهر تأثيرها بالشكل الذي هي عليه اليوم ،ومن الواضح أن جزءاً من هذه التحولات هو جزء إلزامي ومفروض غير أن التفاعل معه والتجاوب مع طرحه يظن البعض بأنه اختياري وليس إلزامياً وهذا ما يساهم في حدوث خلل وتكوين فجوة حضارية واجتماعية يزيد اتساعها مع الوقت.هناك العديد من التقارير التي تؤكد وجود مثل هذه التحولات في المجتمعات ومنها التقارير السنوية الصادرة عن هيئات التنمية الاجتماعية الدولية وغيرها من الدراسات الكثيرة والتي تصدر سنوياً لتعكس الحالة الحقيقية للمجتمعات في العالم والمتأثرة بالتحولات والتي يأتي في مقدمتها العولمة وسيل المعلومات المنهمر من الوسائل الإلكترونية وتطور أجهزة الاتصال واقتصاد المعرفة وتأثير وسائل الإعلام الحديثة ،وقد أدت هذه التحولات وغيرها إلى تأثير في العديد من النظم السياسية والاقتصادية والاجتماعية كما لعبت دوراً بارزاً في تغيير بعض الأدوار لبعض الجهات داخل المنظمات بل إن بعض هذه التحولات عصفت بدول كاملة وحضارات وثقافات بقيت قائمة لعشرات السنين .تختلف التحولات الثقافية والاجتماعية عن التحولات الاقتصادية والسياسية ،إذ إن الأولى تحتاج إلى وعي مسبق وإدراك ووقت وهذا يفسر أسباب وجود صراعات وحروب طائفية وتخلف وضعف في مستوى التنمية لدى بعض المجتمعات بالرغم من أن لديها مؤسسات اقتصادية وسياسية حديثة تم اقتباس أفكارها من دول متقدمة، ولذلك فإن أي تحول يجري القيام به لابد أن يصاحبه بالتوازي تحول في السلوك الاجتماعي والثقافي وأنظمة جديدة وضوابط وقوانين تعمل جنباً لجنب مع جميع تلك التحولات المختلفة لتحقق تلك التحولات أهدافها الطموحة .نحن نمر بتحديات كبرى وتحولات حقيقية عشنا معها عشرات السنين منها عدم الاعتماد على النفط كمورد أساسي للدخل والبحث عن مصادر دخل أخرى جديدة، ومنها عدم الاعتماد على العمالة الوافدة والسعي نحو توطين الوظائف، ومنها تغيير بعض العادات لترشيد استهلاك بعض الخدمات الرئيسية كالماء والكهرباء والوقود ، وتوجه الدولة لتصبح كياناً مشرعاً وواضعاً للأنظمة والقوانين بدلاً من التنفيذ وإدخال القطاع الخاص كشريك استراتيجي للدولة من خلال الخصخصة ، ومنها تغيير بعض الأنماط الاجتماعية وفتح آفاق ومجالات الترفيه بشكل أوسع .كل تلك التحولات يتم العمل حالياً على تحقيقها وبشكل سريع خلال السنوات القادمة، وهي التي بقيت متأخرة لعشرات السنوات وهذا يتطلب الحذر من الاندفاع والتهور في الاستعجال لتحقيق الأهداف لأن التحولات يصاحبها تغييرات جذرية عادة ما تحتاج إلى وقت ليتأقلم معها الناس.
مشاركة :