أن تكون فلسطينيا وبيتك على أراض فلسطينية فلن يكون ذلك كافيا لحماية منزلك من الهدم بحجج واهية مختلفة أبرزها البناء بدون ترخيص أو أن أحد أفراد منزلك أو أقاربك بل أحد أفراد الشارع الذي فيه بنايتك تم توصيفه بالإرهاب، سواء نفذ أو شارك أو حتى تم الاشتباه به.
"لم نسمع قط عن قانون لهدم المنازل في أي دولة من دول العالم إلا في إسرائيل"، هكذا قال الدكتور حنا عيسى أستاذ القانون في جامعة بير زيت لمراسل وكالة أنباء الشرق الأوسط في رام الله، مشيرا إلى أنه لا توجد نصوص قانونية دولية بذلك، "ولكن إسرائيل تبتكر هذا القانون ليطبق على الفلسطينيين وحدهم".
وكانت محكمة العدل العليا الإسرائيلية قد رفضت التماسا تقدمت به عائلة الشهيد الفتى محمد أبو خضير يطالب بهدم منازل "الإرهابيين اليهود" الذين اختطفوا وأحرقوا ابنهم حيا في يوليو عام 2014.
وقال عيسى إن القانون الدولي لا يسمح بهدم البيوت ولا يوجد نص قانوني بهدم منزل حتى ولو كان صاحبه إرهابيا لأن القانون ينص على ملاحقته ومعاقبته بحسب الأصول القانونية الدولية سواء كان باتفاقية جنيف أو بنظام المحكمة الجنائية الدولية.. أما أن يقوم أي شخص بهدم منزل لا يروق له صاحبه فهذا لا يجوز.. وبالتالي ما تقوم به إسرائيل من هدم بيوتنا يعد أمرا غير قانوني وغير عادل ويجب أن تكف عما تقوم به، لافتا إلى أن ما تفعله يأتي لهدف واحد هو تفريغ الأرض من سكانها لإحلال مستوطنين مكانهم، ودائما القوى هو من بيده قرار التغيير على أرض الواقع.
وكان والد الشهيد أبو خضير، قد قدم التماسا للمحكمة العليا الاسرائيلية بعد محاكمة المستوطنين الثلاثة الذين نفذوا هذه العملية الإرهابية يطالب فيها بهدم منازلهم، وكان رد إسرائيل أمام المحكمة برفض هدم منازلهم كون قوة الردع موجودة تجاه اليهود وفقا لما قاله وزير الدفاع الإسرائيلي، على خلاف "الإرهاب" الذي يمارسه الفلسطينيون في الضفة الغربية والقدس والذي يتطلب حسب زعم إسرائيل هدم منازل عائلاتهم، رافضة "أي إسرائيل" المقارنة في ردها بين ما وصفته "الإرهاب" الفلسطيني والإرهاب اليهودي.
وبحسب ما نشرته المواقع العبرية، فإن الرد الرسمي للسلطات أمام المحكمة العليا الإسرائيلية أكد أنها سوف تبحث موضوع هدم منازل عائلات الإرهابيين اليهود، في حال "ازدادت هذه العمليات".
والفتى محمد أبو خضير (14 عاما) من حي شعفاط بالقدس، تم اختطافه وتعذيبه وحرقه وهو على قيد الحياة على أيدي مستوطنين في 2 يوليو 2014، وعثر على جثته في أحراش دير ياسين.
وعلق الدكتور حنا عيسى على فكرة تطبيق قانون الهدم على الفلسطينيين وحدهم قائلا "في إسرائيل يتم اعتبار اليهود غير إرهابيين وبالتالي فهم لا يقعون في بيئة إرهابية وعليه فلا يتم هدم بيوتهم، خصوصا أن الذي طلب هدم بيت المستوطن الارهابي أبو الشهيد محمد خضير، حيث قام المستوطن بقتله وحرقه، وبالتالي فإسرائيل لا تريد أن تتحمل المسئولية، أما الفلسطيني فيتم هدم بيته رغم أنه هو صاحب الأرض الأصلية بخلاف اليهودي الذي جاء من دول العالم المختلفة ليصبح مواطنا له امتيازات وهو ما يعد إجحافا وانعداما للعدالة ونقضا ليس فقط للقانون الدولي ولكن حتى القانون الإسرائيلي الجنائي بالداخل، فمثل هذا الفعل يجب أن يجازى وتوقع عليه عقوبة مناسبة للجرم".
في السياق ذاته، يقول الناشط نبيه كحيل ان الموضوع يرتبط بأبعاد عنصرية وتطرف وعدم نزاهة القضاء الإسرائيلي في القضايا التي تخص الفلسطينيين وخاصة الذين يحملون هوية شخصية من سكان مدينة القدس ويخضعون لحكم الاحتلال الإسرائيلي الذي يدعي الديمقراطية ولكن على أرض الواقع يمارس عنصريته ضد المواطنين العرب وهذا ليس مستغربا على محتل متوقع منه الانحياز إلى الجلاد وليس إلى الضحية.
واستطرد كحيل:"الشهيد محمد أبو خضير استشهد على يد مجموعة من الإرهابيين المتطرفين ولم يحرك العالم ساكنا وقام أهل الضحية بإجراءات تحويل القضية إلى المحاكم الإسرائيلية في محاولة لكشف زيف ديمقراطيهم المزعومة".. مشيرا إلى أن هذا الحكم ليس الأول ولن يكون الأخير بحق الفلسطينيين.
وكانت الصحافة العبرية قد سلطت الضوء على التوسع في عمليات هدم المنازل العربية في الضفة الغربية وداخل إسرائيل، التي بلغت نحو ألف منزل خلال عام 2016. كما قام الاحتلال بهدم (35) بيتاَ ومنشأة في كل من الضفة الغربية والقدس خلال شهر فبراير الماضي، شملت 12 بيتًا ومسكنا، بالإضافة إلى 23 منشأة تجارية وزراعية وحيوانية، منها 17 بيتًا ومنشأة في محافظة القدس وحدها، وذلك وفقا لما رصده التقرير الشهري الصادر أمس، عن مركز عبدالله الحوراني للدراسات والتوثيق التابع لمنظمة التحرير الفلسطينية.
وذكر التقرير أن عمليات الهدم تركزت في منطقة بيت حنينا شمال القدس حيث تم هدم مبنى كبير مكون (من 15 شقة) بالإضافة إلى ثلاثة مبان أخرى، كما أخطرت سلطات الاحتلال أصحاب الأراضي التي هدمت بيوتهم في حي العقبة ببلدة بيت حنينا بإخلائها تمهيدا للسيطرة عليها بهدف بناء مدرسة تابعة لبلدية الاحتلال، وتقدر مساحتها 15 دونمًا (الدونم ألف متر).
وأشار التقرير إلى أن المواطن صالح شويكي تم إجباره على هدم بيته الكائن ببلدة سلوان بيده، بقرار من بلدية الاحتلال تفاديا لدفع تكاليف أجرة الهدم البالغة 80 ألف شيكل، كذلك هدمت عائلة قراعين مخزنا بشكل ذاتي ببلدة سلوان يبلغ مساحته 16م مربع تجنبا لدفع غرامة.
وأضاف: ان سلطات الاحتلال وزعت 149 إخطارا بالهدم معظمها في مدينة القدس ومحافظة طوباس، فيما تم توزيع إخطارين باقتلاع 61 شجرة زيتون وهدم 70 مترا من السلاسل الحجرية في محافظة سلفيت، كما أخلت سلطات الاحتلال الإسرائيلية سكان خربة طانا وعددهم 25 عائلة تحت ذريعة التدريبات العسكرية.
مشاركة :