رسالة إلى من يهمه الأمر

  • 3/6/2017
  • 00:00
  • 6
  • 0
  • 0
news-picture

مقدمة تقديرنا أن الوضع النهائي للقضية الفلسطينية وإنهاء الصراع العربي - الإسرائيلي كما تخطط له إسرائيل يقترب أكثر من تدشين مشروع علني يتبناه السيسي، ويبيع فيه أراضي من شمال شرق سيناء مقابل حزمة من المساعدات المالية للخروج من أزمته الطاحنة داخلياً، ولأن الوقت فرصة، والحالة المصرية والعربية نادرة الحدود لمثل هذا المستوى من التدني والعمالة، فإن إسرائيل تتعمد إخراج كل خفايا اللقاءات والاتفاقيات السرية إلى العلن؛ لتحمل النظام المصري على الموافقة والمسارعة بالتنفيذ، وقد شهدت الرؤية الإسرائيلية لإنهاء الصراع تطوراً من حل الدولتين على أساس احتلال 67 إلى دولة واحدة إسرائيلية في أراضي الـ48، وجزء كبير من الضفة ودولة فلسطينية في غزة وسيناء ودول خالصة من حيث التركيب السكاني، وهو ما عبر عنه ليبرمان في حديثه المتلفز بتبادل الأرض والسكان. ملامح السيناريو ملامح ذلك منذ عام 1951 وهناك فكرة تحكم التفكير الإسرائيلي وحولها تتمحور كل تخيلاته لحل الصراع العربي - الإسرائيلي وهي فكرة اقتطاع أرض من شبه جزيرة سيناء ومنحها للفلسطينيين، مرة بطرح تبادل أراضٍ ثلاثي 1:1:1 (مصري - إسرائيلي - فلسطيني) ومره اقتراح فقط لتمدد غزة. واجتهد الإسرائيليون في طرح أفكار ومشروعات كلها تصب في خانة واحدة سيناء، وكأنها تكرار لفكرة أرض بلا شعب لشعب أخذ أرضه اليهود، ومنها مشروع حاييم ياحيل، الذي قدمه بعد حرب 1956، ودعا فيه إلى إعادة توطين الفلسطينيين في سيناء، ثم قدم يجال ألون مشروعاً بعد عام ١٩٦٧ ويقوم علي إنكار مسؤولية إسرائيل عن المشكلة ودورها واتهام البلاد العربية بأنها السبب وراء ديمومة المشكلة. ودعا ألون في مشروعه إلى توطين اللاجئين الفلسطينيين في سيناء، سواء قَبِل المصريون أو لم يقبلوا. ثم قدم البروفيسور يتسحاق عيتسيون ودافيد تترسكي مشروعاً كاملاً حول فكرة إقامة دولة فلسطينية في قطاع غزة وشمال سيناء وبمقومات حياة، وركزا على الفائدة العائدة على مصر، جراء تنفيذ هذا المشروع والمكانة الدولية التي ستتبوأها ولـمَّحا إلى أن مصر تحت الضغط ستقبل (اليوم نقبل بدون ضغط ونقدّم مقترحات)، وأعاد الجنرال آيلند 2009 الطرح مجدداً طارحاً فكرة تبادل الأراضي وحدد 600 كم مربع من سيناء مقابل تنازل الفلسطينيين عن 12% من الضفة الغربية، والتي أقيمت عليها المستوطنات وهي المطلوبة لإسرائيل الآن وتضمن طوقاً استيطانياً حول القدس الشريف مقابل تنازل إسرائيل عن 250 كم مربعاً من صحراء النقب. وفِي الكواليس السرية أصدر مبارك في عام ٢٠٠٢ قرار رئيس الجمهورية رقم ٣٣٥ بشأن الموافقة على الاتفاق الأوروبي المتوسطي لتأسيس شراكة بين مصر من جانب والجماعات الأوروبية ودولها الأعضاء من جانب آخر والملاحق والبروتوكولات والإعلانات المشتركة والمنفردة والخطاب المتبادل المرفق به، التي تتيح توطين مواطني دولة ثالثة بالأراضي المصرية دون الإفصاح عن جنسية الدولة الثالثة، هكذا لهو خفي وعبث بمستقبل شعب لا يهتم بأكثر من رغيف عيش لا يجده إلا بعد الانتظار في طابور طويل؛ ليدرك قيمته ويشعر بمعنى الحرمان منه. وجاء تصريح عمر سليمان في ذات السياق فقال في حديث تلفزيوني عام 2011: "إذا استمرت الأوضاع على ما هي عليه من الانفلات الأمني فإن شمال شرق سيناء لن يكون تحت السيادة المصرية. وكذلك آن بترسون، السفيرة الأميركية السابقة في القاهرة، قالت في تصريح مماثل: "ستمر مصر بأزمة اقتصادية، ولن يستطيع الجيش السيطرة على سيناء، ساعتها ستضطر إسرائيل للتدخل مباشرة أو يتدخل المجتمع الدولي"، وليس ببعيد أن نشرت جريدة التحرير تقريراً كانت خلاصته أن حل مشكلة سد النهضة تكمن في التدخل الإسرائيلي والضغط على إثيوبيا وهذا مقابل التنازل عن قطعة أرض لصالح حل المشكلة الفلسطينية في سيناء وتطوع التقرير ليحدد المساحة بـ50*50 وهي مساحة بسيطة 2500 كم مربع من أصل 61000 كم مربع مساحة سيناء الكاملة. أيضا كتب أبو شمالة مقالاً طويلاً متحدثاً فيه عن مملكة سيناء العربية، أيضاً تحول ولاية سيناء (المخترقة بكل تأكيد وجزء من العمليات باسمها مخابراتي بشكل واضح) تجاه قذائفها فجأة إلى إيلات؛ لترد إسرائيل أنها لن تقف مكتوفة الأيدي تجاه العبث بأمن بلادها، وأنها قد تتدخل بشكل مباشر في سيناء. الأربعاء الموافق 15 فبراير/شباط 2017 كتب وزير إسرائيلي بلا حقيبة (أيوب قرا) في حكومة نتنياهو على حسابه بموقع التواصل الاجتماعي "تويتر" ترجمتها بالعربية: "سوف يتبنى ترامب ونتنياهو مقترح الرئيس المصري السيسي بإقامة دولة فلسطينية في غزة وسيناء بدلاً من الضفة الغربية، وبذلك يمهد الطريق لسلام شامل مع الائتلاف السني". وبعده بيوم تكشف صحيفة هآرتس الصهيونية عن لقاء تم بين السيسي ونتنياهو في العقبة الأردنية أغلب الظن أنه تم تقديم المقترح المصري بالتنازل عن الأرض خلاله. في يوم الخميس الموافق 16 فبراير/شباط صرح الرئيس الأميركي دونالد ترامب، في مؤتمر صحفي بينه وبين نتنياهو: "ستكون هناك عملية سلام كبيرة تضمن قطعة أكبر من الأرض وتتضمن إشراك حلفاء عرب فيها"، أي بعد يوم من تغريدة الوزير الإسرائيلي التي كانت تشير لذات المضمون. ثم يؤكد ليبرمان، في حديث متلفز، المعنى الجديد بوضوح ليس المطلوب تبادل أراض وفقط بل تبادل الناس والأرض، ووفقاً لليبرمان فإن حل الدولتين يجعل هناك دولة فلسطينية خالصة ودولة إسرائيلية بها 20% من الفلسطينيين، حسب تصريحه، إذن الحل ترحيل الجميع لتكون دولة اليهود خالصة، ودولة الفلسطينيين خالصة في غزة وسيناء، وتذهب الضفة الغربية إلى الأردن، ثم تغريدة موثقة للجنرال إسرائيلي آرييه الداد يؤكد ذات محتوى تغريدة أيوب قرا ويؤكد فيها عرض السيسي التنازل عن جزء من شمال شرق سيناء. ثم تبدأ خطة تهجير النصارى والحرص على أن تصاحبها ضجة إعلامية وتصريحات وزارية ومتابعة ونقل تفصيلي للأخبار وإثارة ضجة حول تهجير 80 عائلة، في حين يتم التغافل عن ترحيل أكثر من ثلاثة آلاف أسرة من رفح والشيخ زويد، والجيش يهاجم ويطارد قتلة الأقباط، هكذا بيان المتحدث العسكري. والأحداث في مجملها لا نراها إلا في إطار تأكيد فكرة التهجير، وأنه لا أحد فوق الاستهداف وأن القوات لن توفر حماية لأحد حتى ولو كان أكثر أنصار السيسي أهمية لديه، إذاً المخطط الإسرائيلي بدا واضحاً، بل ولقي موافقة عربية. رد السيسي جاء على لسان المتحدث باسم رئاسة الجمهورية، الذي لم يستطع إنكار اللقاء مع نتنياهو ولا مقترح التنازل، وإنما دار في فلك جزئيات من قِبل "حريصون على السلام ولن نفرط في الأرض"! خاتمة ما لا يخفى على أحد واتضحت ملامحه الآن هو كمية الإصرار والمعدل العالي من التوافق على فكرة التنازل عن الأرض وزيادة وتيرة الإجراءات أكثر مما هو متوقع يوحي بأن وقت التنفيذ قد اقترب، وأن وقت اتخاذ الإجراءات النهائية والإعلان عنها قد حل، إسرائيل تتعمد فضح كل ما هو سري بينها وبين السيسي؛ لأنه يتلكأ وغير مطمئن للشارع ويريد وقتاً أطول، لكن الواضح أنه ليست لديه إمكانية رفض الطلب الإسرائيلي، أو أنه قدم ضمانات على تنفيذه! مقترحات عملية تظهر عجز الحالة الثورية والسياسية المصرية عّن ممارسة ضغط حقيقي على النظام، لكن تظل حالة المجتمع المأزوم اقتصادياً وفي أساسيات وضروريات حياته سلاحاً ذا حدين، مرة يُنظر إليه على أنه في ظل حاجته لن يهب للدفاع عن أي شيء، وأُخرى يُنظر إلى أن إضافة أسباب جديدة لمعاناته الاقتصادية تتعلق بالشرف والأرض قد تعجل من هبته، ويلاحظ أيضاً تحسب النظام وخوفه من الضجة الإعلامية التي حدثت؛ لذلك يجب أن تستمر هذه الحملة على كل أنواع الميديا، وأن نبذل ما نستطيع حتى تصل الحقيقة إلى كل مصري. المصادر: ملحوظة: التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

مشاركة :