قطعت «قوات سورية الديموقراطية»، وهي تحالف فصائل عربية وكردية، الإثنين وبدعم من التحالف الدولي بقيادة واشنطن طريق الإمداد الرئيسي لتنظيم «داعش» بين الرقة أبرز معاقله في شمال سورية ودير الزور شرقاً، في إطار عملية عسكرية مستمرة منذ أشهر. ويقاتل «داعش» أطرافاً عدة على جبهات مختلفة في شمال سورية. وبالإضافة إلى «قوات سورية الديموقراطية»، تخوض القوات الحكومية السورية منذ منتصف كانون الثاني (يناير) معارك شرسة ضد التنظيم في ريف حلب الشرقي. وأفاد «مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان» رامي عبدالرحمن لوكالة «فرانس برس»: «تمكنت قوات سورية الديموقراطية من قطع طريق الإمداد الرئيسي للتنظيم (داعش) بين مدينة الرقة ومحافظة دير الزور الواقعة تحت سيطرته شرقاً بغطاء جوي من التحالف الدولي». وأوضح أن هناك طرقاً فرعية أخرى يمكن التنظيم استخدامها إلا أنها مرصودة من طائرات التحالف. وأكد قيادي في «قوات سورية الديموقراطية» لوكالة «فرانس برس»: «تم قطع الطريق الاستراتيجي لداعش والذي يصل بين الرقة ودير الزور صباح اليوم (أمس)». وأضاف: «هذا انتصار استراتيجي لقواتنا من شأنه زيادة الحصار» على التنظيم الذي يسيطر منذ العام 2014 على الرقة وعلى كامل محافظة دير الزور النفطية باستثناء أجزاء من مركز المحافظة والمطار العسكري القريب منها. واعلن «داعش» في حزيران (يونيو) من العام ذاته قيام «الخلافة» على مناطق سيطرته في سورية والعراق المجاaور. ومنذ تشرين الثاني (نوفمبر)، بدأت «قوات قوات سورية الديموقراطية» هجوماً واسعاً في محافظة الرقة بغطاء جوي من التحالف الدولي، وتمكنت من إحراز تقدم نحو مدينة الرقة من ثلاث جهات الشمالية والغربية والشرقية. وتبعد أقرب نقطة تتواجد فيها على بعد ثمانية كيلومترات شمال شرقي الرقة. ومع اقتراب المعارك أكثر وأكثر من معقله في سورية، يشدد «داعش» من قواعده الصارمة في مدينة الرقة. وقال «أبو محمد» الناشط في حملة «الرقة تذبح بصمت» التي تنشط سراً في المدينة منذ نيسان (أبريل) 2014 وتوثّق انتهاكات وممارسات التنظيم، إن «هناك حالة استنفار في المدينة»، مشيراً إلى الزيادة الكبيرة في عدد الحواجز الأمنية والاعتقالات الواسعة. وأوضح: «أكثرية الأشخاص الذين يعتقلونهم يتم إعدامهم، كما يعتقلون أي شخص يقول إن الوضع سيئ». ويغذّي التنظيم المتطرف منذ سيطرته على الرقة الشعور بالرعب بين الناس من خلال الإعدامات الوحشية والعقوبات التي يطبقها على كل من يخالف أحكامه أو يعارضه. وفرض التنظيم خلال الفترة الأخيرة «الزي الأفغاني» على سكان الرقة، بحسب «المرصد السوري» وحملة «الرقة تذبح بصمت». وبحسب رامي عبدالرحمن، مدير «المرصد»، فإن الهدف من «الزي الأفغاني» وهو عبارة عن جلباب قصير وبنطال واسع قصير هو «ألا يتمكن المخبرون من التفريق بين مقاتل ومدني أثناء إعطاء الإحداثيات لطائرات التحالف» أو في حال تقدم خصوم التنظيم أكثر باتجاه المدينة. وأوضح «أبو محمد»، من جهته، أن مصير من لا يلتزم بالزي الجديد الذي فرضه التنظيم منذ حوالى أسبوعين «السجن والغرامة المالية». ويتوافد إلى مدينة الرقة حالياً أفراد عائلات مرتبطة بـ «داعش» وكذلك مدنيون يفرون من المعارك العنيفة بين الجيش السوري والتنظيم في ريف حلب الشرقي. وأفاد «المرصد» بأن «الآلاف من عوائل المدنيين حاولوا الوصول إلى داخل الحدود الإدارية لمحافظة الرقة، ترافقهم نحو 120 عائلة لمقاتلين وقياديين في صفوف التنظيم». وأوضح أن التنظيم «سمح فقط لعائلات المقاتلين بالعبور عبر منحهم ورقة عليها «عائلة مجاهد في الدولة الإسلامية» ثم نقلهم إثر ذلك عبر قوارب إلى شرق الفرات» حيث مدينة الرقة. ودفعت المعارك على أكثر من جبهة في ريف حلب الشرقي عشرات الآلاف من المدنيين إلى الفرار نحو مناطق سيطرة «قوات سورية الديموقراطية» في مدينة منبج وريفها. وتمكنت القوات التركية وفصائل سورية معارضة قريبة منها في إطار حملة «درع الفرات»، من السيطرة قبل نحو أسبوعين على مدينة الباب، التي كانت تعد آخر أبرز معقل لـ «داعش» في حلب. وبدأت القوات النظامية السورية بدعم روسي هجوماً في ريف حلب الشرقي منذ منتصف كانون الثاني (يناير) وتمكنت من انتزاع اكثر من 110 قرية وبلدة من أيدي «داعش»، وفق «المرصد السوري». ويهدف الجيش السوري من خلال هجومه إلى توسيع مناطق سيطرته في ريف حلب الشرقي وصولاً إلى بلدة الخفسة شمالاً حيث توجد محطة رئيسية لضخ المياه تغذي بشكل رئيسي مدينة حلب التي تعاني منذ أكثر من خمسين يوماً من انقطاع المياه جراء تحكم «داعش» بالمضخة. وقصفت الطائرات السورية والروسية الإثنين مواقع التنظيم دعماً لهجوم قوات النظام التي باتت على بعد تسعة كيلومترات من الخفسة وستة كيلومترات من محطة المياه، وفق «المرصد». ونقل مراسل «فرانس برس» قرب منبج مشاهدته لاستمرار حركة النازحين إلى مدينة منبج على متن سيارات وحافلات تقل نساء وأطفالاً وما تمكنوا من إحضاره من حاجياتهم. ويقف بعضهم إلى جانب سياراتهم في طوابير طويلة بانتظار السماح لهم بالمرور على حواجز «مجلس منبج العسكري» المنضوي في صفوف «قوات سورية الديموقراطية».
مشاركة :