حتى «حفلات التخرج» !

  • 4/24/2014
  • 00:00
  • 19
  • 0
  • 0
news-picture

النسخة: الورقية - سعودي تحت عــنوان «التعـليم» تحظر حفلات التخرج في مدارس البنات وتصفــها بـ «مخالفة شرعية»، يقــول خبر نشرته «الحياة» في 12 نيــسان (أبريل) الماضــي إن إدارة التــربية والتــعليم في شــرق الدمــام فاجأت جميع مدارس البنات التابعة لها بتعميم صادر عن قسم التوعية الإسلامية يحذرها من إقامة حفلات تخرج للطالبات، بصيغ معــينة، متــوعدة كل من يسهم فيها بالعــقاب، واصــفة ما يحدث فيها بـ «مخالفات شرعية» وخروج عن الأنظمة التعليمية مثل الملابس المفتوحة والشفافة والقصيرة، والرقص والموسيقى وعباءات وقبعات التخرج! الملابس المفتوحة والشفافة «فهمناها»، لكن حتى عباءات وقبعات التخرج فيها مخالفات شرعية؟ وما الذي يمكن أن يخالف الشرع والأنظمة التعليمية في حفلة تخرج تتم داخل مدارس أو بالأحرى «قلاع» نسائية مغلقة؟ ولقد سبق أن منعت «التربية» عام 2012، كما نشرت الصحف، الموسيقى في حفلات المدارس، فأي حفلة هذه بلا موسيقى، ولا قبعات وعباءات تخرج؟ أقرأ هذا الخبر، وأتذكر أيام المدرسة، وكيف كنا ننتظر حفلة «آخر السنة» بفارغ الصبر، ونستعد لها من بداية العام الدراسي. الفتيات يقسمن أنفسهن إلى فرق لتقديم العروض من مختلف أنحاء العالم تحت إشراف المعلمات ومعلمات «التربية البدنية». كانت في المدرسة فرق موسيقية تتكون من طالبات من مختلف المراحل الدراسية يعزفن على مختلف أنواع الآلات الموسيقية، ويتدربن تحت إشراف معلمات الموسيقى اللائي كن يخترن الموهوبات والمميزات ليؤدين غناء جماعياً أو منفرداً بمصاحبة الفرقة الموسيقية المكونة من زميلاتهن. الفقرات كانت متنوعة من أناشيد، ومقطوعات موسيقية، ومسرحيات، فضلاً عن عروض و «أوبريتات» وطنية وتراثية، إضافة إلى مسيرة التخرج التي كانت حلم كل طالبة وفرحة لكل أم. كل ذلك كان يتم دون الإخلال بالتعليمات والنظام العام للمدرسة ومع المحافظة على الحشمة والاحترام. كانت حفلة التخرج، المحظورة على بنات اليوم والمشروطة بكثير من التعقيدات التي تفقدها هدفها وروحها، تتوج كل جهود العام الدراسي، من طريق عمل احترافي تعده وتنفذه «أسرة دار الحنان»، ووصفته الزميلة رانية سلامة في كتابها «دار الحنان» أنه «لوحة ديناميكية نابضة بالحياة». لقد وثق الكتاب كل تفاصيل الحفلة التي كانت جزءاً من تجربة أكبر وأعمق خاضتها كل طالبة ومعلمة وإدارية التحقت بهذه الدار. فالحفلة كانت جزءاً من عملية تعليمية متكاملة اهتمت بها المدرسة لتعزيز ثقة الطالبة بنفسها وتشجيعها على مواجهة الجمهور، وأسهمت في إعداد شخصيات مميزة ومتوازنة ومسؤولة من خلال نشاطات لا منهجية متعددة. عندما أعيش هذه التفاصيل، أنا والآلاف غيري من قرابة عشرين عاماً، وعندما أقرأ خبراً كالمذكور أعلاه، أتساءل هل كانت تجربة مدرستي سابقة لعصرها في ذلك الوقت فقط، أم أنها ما زالت سابقة حتى لهذا العصر؟ أم أنها كانت تجربة فريدة من نوعها ولن تتكرر؟ أم أنها تتوافر فقط «للمحظوظات» الملتحقات بالمدارس الأهلية الكبيرة والمعروفة؟ التحريم العشوائي، طال غالب مناحي حياة المرأة وما يتعلق بها من طفولتها حتى مماتها، ووصل إلى «حفلات التخرج» المدرسية، وهو ما يفرض رأياً واحداً متشدداً، ويرسخ له مع تعدد الآراء الفقهية التي أباحت الموسيقى وحتى القبعات وعباءات التخرج. فأي فكر ما زال يسيطر على العملية التعليمية ويسطحها ويقيدها في خانة «محلك سر»؟ تسعى وزارة التربية، بحسب رؤيتها المعلنة إلى «طالب يحقق أعلى إمكاناته، ذي شخصية تكاملية، مشارك في تنمية مجتمعه، ومنتمٍ لدينه ووطنه، من خلال نظام تعليمي عالي الجودة»، لكن كيف يمكن أن تتحقق هذه الرؤية وما زلنا نصوت على الرياضة المدرسية للبنات ونمنع حفلات التخرج والموسيقى؟ التعليم لابد أن يكتشف وينمي مهارات الطالب/الطالبة، ويمكنهما من تطوير قدراتهما ومواهبهما من خلال نشاطات لا منهجية مختلفة في بيئة مُبتَكِرة ومتسامحة تمكنهما أن يكونا مختلفين وخلاقين ... فالتعليم لابد أن يهتم بالعقل والروح والجسد وليس فقط بالقراءة والكتابة والحساب.   DALIAGAZZAZ@

مشاركة :