مع سيطرة القوات العراقية في وقت متأخر من الليلة قبل الماضية على المجمع الحكومي وسط الموصل واقترابها من تحرير منطقة باب الطوب (مركز المدينة القديمة)، بدأ مسلحو تنظيم داعش الأجانب بالهروب من الموصل على شكل دفعات تحت جنح الليل سالكين طرقا صحراوية باتجاه الأراضي سوريا. وقال قائد الشرطة الاتحادية الفريق رائد شاكر جودت لـ«الشرق الأوسط»: «حررت قوات الشرطة الاتحادية وفرقة الرد السريع المجمع الحكومي بالكامل ورفعت العلم العراقي على مبنى المحافظة وسط الموصل»، مضيفاً أن القوات الأمنية استخدمت تكتيك المباغتة خلال عملية تحرير المجمع الحكومي الذي يضم مباني المحافظة ومجلس المحافظة وقيادة الشرطة. وتمكنت قوات الشرطة الاتحادية والرد السريع أمس من استعادة السيطرة على أحياء «الدواسة والدندان والنبي شيت» بالكامل، وتتمتع هذه الأحياء الثلاثة بأهمية استراتيجية لأنها تضم مراكز حكومية وثقافية ومواقع حيوية مهمة منها مباني محافظة نينوى وديوان المحافظة وقيادة شرطة المحافظة والبنك المركزي ومتحف الموصل ومديرية رعاية القاصرين وكنيسة أم المعونة ومقر محكمة التنظيم (كان «داعش» يصدر قراراته فيها بإعدام سكان الموصل وقطع أطرافهم وجلدهم ونهب أموالهم والاستحواذ على ممتلكاتهم)، إلى جانب جسر الحرية الاستراتيجي. ومنذ انطلاقة عمليات تحرير الجانب الأيمن في 19 فبراير (شباط) الماضي، تمكنت قوات الشرطة الاتحادية والرد السريع من تحرير 47 بلدة وحيا ومنطقة، ومواقع ومراكز مهمة وجسور من بينها مطار الموصل. بدوره، أوضح مدير إعلام فرقة الرد السريع المقدم عبد الأمير المحمداوي أنه «بعد أن حررنا المجمع الحكومي بالكامل في الأحياء الثلاثة بدأ قسم معالجة المتفجرات في قواتنا بتطهير هذه الأحياء والأبنية المحررة من العبوات الناسفة والمتفجرات التي زرعها إرهابيو (داعش) بكثافة، حيث ترك التنظيم خلفه مباني وطرقا مفخخة وهناك سيارات مفخخة على الطرق أيضاً». وأضاف المحمداوي: «مع دخول قواتنا إلى هذه الأحياء واختراقها لخط الصد الأول للتنظيم أول ما فعلته هو فتح طريق آمن للعوائل التي كانت تريد الخروج، فعوائل هذه المناطق لها الاختيار في البقاء في منازلها أو الخروج من الأحياء والتوجه إلى مخيمات النزوح، حيث تتولى القوات الأمنية عملية نقلها إلى المخيمات». وبين مدير إعلام الرد السريع أن أكثر من 137 مسلحا من التنظيم قتلوا خلال معارك تحرير أحياء مركز الموصل، وما زالت جثثهم تملأ أزقة وشوارع الأحياء المحررة وأبنيتها. وعما إذا كانت منطقة باب الطوب قد تحررت أم لا، أوضح المحمداوي: «باب الطوب هي الآن في حكم المنتهية عسكريا، لأنها باتت تحت مرمى نيران قوات الرد السريع». من جهته، قال قائد عمليات «قادمون يا نينوى» الفريق الركن قوات خاصة عبد الأمير رشيد يارالله في بيان أمس إن قوات جهاز مكافحة الإرهاب حررت حي تل الرمان ورفعت العلم العراقي فوق مبانيه، واقتحمت حي المعلمين والشهداء الثانية. مبينا أن قطعات الجهاز مستمرة في التقدم وتحرير الأحياء الواحدة تلو الأخرى. في غضون ذلك، أكد الجنرال الأميركي في التحالف الدولي ضد «داعش» ماثيو آيسلر، أن مسلحي «داعش» في الموصل يفتقرون إلى التنظيم ويحاول بعض الأجانب منهم الهروب من الموصل. ونقلت وكالة «رويترز» عن آيسلر قوله إن قادة العمليات والمقاتلين الأجانب ينسحبون من ساحات القتال ويتركون للمقاتلين المحليين التصدي للقوات العراقية. إلى ذلك، قال مسؤول إعلام الفرع الرابع عشر للحزب الديمقراطي الكردستاني، سعيد مموزيني لـ«الشرق الأوسط» إنه «بحسب المعلومات الواردة إلينا من داخل المناطق الخاضعة لسيطرة التنظيم في الجانب الأيمن فإن أكثر من 300 مسلح، بينهم قياديون أجانب، هربوا تحت جنح الظلام إلى مدينة الرقة السورية المعقل الرئيسي للتنظيم». وأردف مموزيني أن القوات العراقية قطعت كل الطرق الرئيسية بين الموصل والحدود السورية إلا أن التنظيم يستغل الطرق الصحراوية لتهريب مسلحيه إلى سوريا، كاشفا أن مسلحي التنظيم يدمرون المناطق التي ينسحبون منها بتفجير المباني وحرق المنازل. وأضاف مموزيني أن «داعش» قتل أكثر من 100 مدني موصلي في الجانب الأيمن من خلال القصف العشوائي الذي يشنه على الأحياء السكنية وحملات الإعدام التي ينفذها في المدنيين، موضحا أن العشرات من جثث المدنيين القتلى ما زالت تحت الأنقاض ومرمية في الشوارع.
مشاركة :