بعد جدل دام عدة أعوام بين كبار المشرعيّن الأميركيين من الفريقين الجمهوري والديمقراطي، حول برنامج الرعاية الصحية «أوباما كير»، الذي أقرّه الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما في 2010، ودخل حيز التنفيذ في 2014، عرض الجمهوريون في الكونغرس، مساء أول من أمس، تشريعاً تمت صياغته بالتعاون مع البيت الأبيض. وقال البيت الأبيض في بيان: «يمثل اليوم (الاثنين) خطوة مهمة صوب استعادة خيارات الرعاية الصحية والقدرة على تحمل التكاليف للشعب الأميركي»، مضيفاً أن ترمب يتطلع إلى العمل مع الكونغرس بشأن إيجاد بديل لـ«أوباما كير». وقوبل التشريع بانتقادات قوية من طرف الديمقراطيين، كما كان متوقعاً. ومن أبرز الاختلافات في التشريع الجديد هو أنه يلغي إلزامية التأمين التي ضمنها «أوباما كير»، غير أنه يحافظ على بند استفادة الأبناء من تأمين الآباء حتى بلوغهم سن الـ26، وبند حظر التمييز ضد المرضى بناء على تاريخهم الطبي. وندد ديمقراطيو الكونغرس بخطة الجمهوريين، قائلين إنها ستضر الأميركيين بإلزامهم بدفع أموال أكثر مقابل الرعاية الصحية بما يعود بالنفع على شركات التأمين. وكان الجمهوريون قد نددوا بـ«أوباما كير» وقالوا إنه تجاوز حكومي، فيما وصفه ترمب بأنه «كارثة» خلال مناسبات عدة، معلناً أمس عبر تغريدة له على «تويتر» أن المشروع الجديد سيرى النور قريباً بعد مراجعته ومناقشته، مضيفاً: «(أوباما كير) كارثة وسينهار سريعاً». ومن اللافت في هذا المشروع الذي أثار جدلاً كبيراً خلال الحملات الانتخابية بين المرشحين الديمقراطيين والجمهوريين، أن الرئيس الأميركي الحالي دونالد ترمب عارض في بدايته تطبيق هذا البرنامج، إلا أنه اعتبر لاحقاً أنه يحتوي على بعض الفوائد القابلة للتطبيق، ليعود بعد ذلك عما غرده منتقداً البرنامج في أكثر من مناسبة. لكنه عاد ليؤكد أن إلغاءه سيكون من أبرز أولوياته التشريعية، ليتم استبدال آخر به أكثر فعالية وأقل تكلفة. وعلى الرغم من اتفاق الجمهوريين على ضرورة تقديم قانون رعاية صحية جديد، اختلف نواب الحزب في الكونغرس على تفاصيل وتوقيت إلغاء واستبدال أوباما كير، في الوقت الذي حذّر فيه الديمقراطيون من المخاطرة المصحوبة بإلغاء قانون الرعاية الصحية، خصوصاً أنهم يرون أن الحزب الجمهوري لا يمتلك بديلاً واضحاً يحفظ التأمين الصحي لملايين الأميركيين المعتمدين على قانون الرعاية الحالي. وتحدّث مشرعون جمهوريون عن تقدم ملحوظ في محادثات بدأت، الجمعة الماضي، واستمرَّت إلى الأسبوع الحالي، بين بول رايان رئيس مجلس النواب وتوم برايس وزير الصحة وميك مولفاني رئيس ميزانية البيت الأبيض، إضافة إلى أندرو برمبرغ مستشار السياسة المحلية للرئيس ترمب وآخرين، مؤكدين أن عملية كتابة نص القانون مستمرة، وسيتم إصدارها هذا الأسبوع. بدوره، قال بول رايان رئيس مجلس النواب أول من أمس في بيان له، إن مشروع الرعاية الصحية الجديد يحظى بتقدم كبير لاستبداله بمشروع «أوباما كير»، معتبراً أن «أوباما كير» كارثة في حق الشعب الأميركي وسيسقط قريباً. وأضاف أن «المشروع الجديد سيعامل الناس سواسية في تقديم الرعاية الصحية، صغاراً أو كباراً، وسيكون الانتقال إليه سلساً وبلا تكاليف عالية». من جهته، أعلن السيناتور ميتش ماكونيل زعيم الأغلبية الجمهورية في مجلس الشيوخ أول من أمس في بيان صحافي، أنه حان الوقت لاستبدال قانون «أوباما كير»، وأن «الشعب الأميركي يستحق ما هو أفضل خلال الفترة المقبلة». وأضاف: «إن مجلس النواب واصل العمل هذا الأسبوع أيضاً للمضي قدماً لتشريع قانون جديد يحل محل (أوباما كير) في ظل الرئيس الجديد، الذي سيقدم حلولاً أكثر ذكاءً في الرعاية الصحية، بدلاً من فشل التجربة الحزبية الديمقراطية، ونحن نعلم أن المهمة التي أمامنا شاقة». وتعود تسمية البرنامج إلى الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما الذي أطلقه مقترحاً على مجلس الكونغرس في عام 2010 بتشريع قانون لإصلاح نظام الرعاية الصحية، وذلك بهدف توفير تأمين صحيّ شامل لكل مواطن أميركي بتكاليف منخفضة القيمة. وفي عام 2012 تمت الموافقة على القانون وفقاً للعملية التشريعية الأميركية، وسط معارضة جمهورية شديدة وتأييد ديمقراطي قوي خلال تلك الفترة. ومع بداية عام 2014، دخل البرنامج حيز التطبيق بعد الموافقة بأغلبية ديمقراطية في مجلس الشيوخ آنذاك، إذ غطى قانون الرعاية الصحية نحو 20 مليون أميركي لم يتمتعوا بتأمين صحي من قبل. واعتبره أوباما أحد أهم إنجازاته الرئاسية التي دعمتها وسائل الإعلام الموالية له، ولم يستطع الجمهوريون عرقلتها في تلك الفترة بعد محاولات تصل إلى 47 مرة وفقاً لوسائل الإعلام الأميركية. وتعد أهداف هذا القانون الإلزام بالضمان الصحي لأغلبية المواطنين الأميركيين، وذلك بأسعار معقولةٍ وقليلة التكلفة، خصوصاً من لا يوجد لديهم تأمين صحي مغطّى من الشركات ومؤسسات القطاع الخاص، أيضاً يعمل على منع أي شركة من شركات التأمين من أن ترفض الأشخاص الذين يعانون من أمراض طبية سابقة أو معروفة، أو منعها من رفض تغطية صحية للأطفال الذين يعانون من مشكلات صحية خطيرة. ومن حجج الجمهوريين خلال معارضتهم للبرنامج أن الصحة تعد سلعة مثل أي سلعة أخرى، ويجب أن تدخل طور السوق والعرض والطلب، رافضين بذلك إرغام المواطنين على برنامج واحد دون غيره، كما يرفضون أن يحوّل الرئيس الاقتصاد الأميركي من الرأسمالي إلى الاشتراكي، وذلك بعد أن جعلت التغطية الصحية تطول الشبان، وبقاءهم بالتغطية الصحية مع والديهم حتى سن السادسة والعشرين وحتى العلاج الوقائي تمت تغطية تكاليفه بالكامل.
مشاركة :