قصة خطة تنصيب الملك فاروق خليفة للمسلمين: يصلي إمامًا بالناس ويتوّجه شيخ الأزهر

  • 3/8/2017
  • 00:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

في 28 أبريل 1936 كان ولي العهد «فاروق» متواجدًا في المملكة البريطانية لإتمام دراسته، ومقبلًا على الدنيا التي ابتسمت له وهو بالغ 16 عامًا فقط، لكن الأمور تبدلت فجأة في هذا التاريخ بوفاة والده الملك فؤاد الأول، وكان لزامًا عليه العودة إلى أرض الوطن. ووفق نظام الوراثة الذي أقره «فؤاد» وقع اختيار البرلمان المصري على نجله «فاروق» بتنصيبه ملكًا لمصر والسودان في 6 مايو 1936، ليعود الصبي المتوج على العرش إلى بلاده على باخرة «النيل» قاطعًا دراسته بكلية «ووليتش» العسكرية في بريطانيا. ولعدم بلوغ «فاروق» سن الـ18 شكل المسؤولون مجلس وصاية على العرش، وكانت برئاسة ابن عمه الأمير محمد على شقيق الملك فؤاد، وعضوية محمد شريف صبرى باشا، وعزيز عزت باشا، وكان من المقرر أن تستمر تلك الحالة لمدة عام و9 أشهر. ولطول الفترة التي كان سيقضيها مجلس الوصاية على العرش اقترح رئيس الوزراء حينها، مصطفى باشا النحاس، أن يعود الملك الشاب إلى بريطانيا لإكمال دراسته، وأيد ذلك السفير الإنجليزي، إلا أن الملكة نازلي، والدة «فاروق»، رأت أن يكمل نجلها تعليمه في القصر الملكي. وحسب المنشور بموسوعة «تاريخ مصر» وافق «النحاس» على رأي الملكة نازلي، وتعهد أمامها بأن يحيط الملك الشاب بعنايته، وعلى الجانب الآخر كان علي باشا ماهر، رئيس الوزراء السابق حينها، يتودد إلى «فاروق»، بجانب كلٍ من أحمد حسنين باشا الذي ترأس الديوان الملكي فيما بعد، ومصطفى المراغي شيخ الأزهر. هذا الثلاثي لم يعجبه تقرب «النحاس» من «فاروق»، حينها فكروا في حيلة لتقليل مدة مجلس الوصاية، ليطلق «المراغي» فتواه بأن «عُمر الملك المسلم لابد أن يحتسب بالتقويم الهجري لا الميلادي»، وبموجبه يبلغ الشاب سن الرشد في يوليو 1937، أي اختصر 7 أشهر. وعلى الفور وافق «فاروق» على الأمر، وكذلك والدته «نازلي» التي كانت تخشى من طمع الأمير محمد علي في العرش، إلا أن الجميع فوجئ برفض الملك الشاب تتويجه داخل البرلمان وإلقاء القسم أمام النواب. وحسب المذكور بالموسوعة وصلت معلومات لـ«النحاس» بأن «فاروق» يريد أن يكون تتويجه داخل القلعة، ويبايعه الناس كخليفة للمسلمين، ويتسلم التاج من شيخ الأزهر ويحمل سيف جده محمد علي باشا، ثم يتلو المشايخ الدعاء الخاص بالخلفاء العباسيين وسلاطين آل عثمان له. وتكون تلك المراسم في يوم الخميس، حتى يصلي الملك الشاب إمامًا بالمسلمين في الجامع الأزهر في اليوم التالي، بعد أن يلقي خطبة الجمعة الشيخ «المراغي»، وهو ما أيدته الصحف حينها بشكل واسع، كما علم «النحاس» بأن «فاروق» يطمح لتنظيم حفل مهيب بحضور زعماء العالم، ليتوج أمامهم بصورة مدنية. في تلك الأثناء صرح «المراغي» أن «الله يبعث كل 100 عام للأمة الإسلامية رجل يصلح دينها ويجدد عقائدها ويوحد صفوفها، وفاروق الأول هو المختار ليكون رجل الـ100 عام القادمة». ووفق المنشور بالموسوعة استعان على ماهر باشا بمرشد جماعة الإخوان المسلمين حسن البنا وأحمد حسين رئيس حزب مصر الفتاة، حتى يقفوا وطلب منهم انهم يقفوا جنب الملك الشاب ويؤيدوا البيعة الأسلامية، كما أعلن نقيب الأشراف أن «فاروق» بنتهي نسبه إلى آل البيت الهاشمي من جهة الأم، لأنه معروف بأصوله الألبانية بسبب جده محمد علي باشا. في تلك الأثناء توجهت «نازلي» إلى «فاروق»، وروت له أن فكرة الخلافة عرضت على والده عام 1925 بعد سقوطها بإسطنبول، كما أوضحت أنه قبل وفاته قال لـ«لنحاس»: «أنت أخلص شخص عرفته في هذه البلد ومن أصدق الزعماء والسياسيين، وأنا نادم على أنيي حاربتك في يوم من الأيام»، وهو المذكور بكتاب «الإسلام وأصول الحكم». حينها كان الشعب مستبشرًا بالملك الشاب، وهو ما عكسه احتفاؤهم به عقب وصوله إلى مصر، ومن هذا المنطلق تحدث «النحاس» إلى «فاروق» في لقاء تم بناء على طلب من «نازلي». وفيه تحدث «النحاس» عن ضرورة استقرار العلاقة بين الحكومة والقصر الملكي، وطالب «فاروق» بالحفاظ على ذلك الوضع لإتمام مفاوضات الجلاء مع الإنجليز، ثم نقل حديثه للملك الشاب عن الأفاقين السياسيين ومفتاوى الشيخ المراغي المؤيدة للاحتلال. ونتيجة لهذا اللقاء تراجع «فاروق» عن فكرة الخلافة، وتوجه نواب الشعب في البرلمان المصري وألقى القسم أمامهم، وهو ما حدث في 29 يوليو 1937، وكان عمره 17 عامًا.

مشاركة :