بايون (الولايات المتحدة) - بعد ساعات من اللقاءات العامة التي شهدت تبادلا علنيا لاتهامات نارية وتصريحات غاضبة بين مسيحيين ومسلمين أعلنت سلطات بايون في ولاية نيوجيرزي الأميركية هذا الأسبوع عدم الموافقة على مشروع لبناء مركز إسلامي يضم مسجدا في المدينة. وبعد جلسة أخيرة من ست ساعات انتهت قبيل منتصف ليل الاثنين قررت لجنة التخطيط المدني رفض مشروع لتحويل منشأة صناعية مهملة في شارع سكني هادئ إلى مركز إسلامي في بايون بولاية نيوجيرزي التي تبعد 30 كيلومتر عن نيويورك. في وقت سابق من اليوم نفسه وقع الرئيس دونالد ترامب نسخة معدلة لمرسوم حظر الهجرة من ست دول ذات أكثرية مسلمة، ما ضاعف الشعور لدى مسلمي البلاد بأنهم محاصرون. ومرة تلو الأخرى عبّر سكان أغلبهم من البيض الأكبر سنا عن الشكاوى نفسها: سيثير الضجيج، أو سيؤدي إلى ازدحام الطريق. وماذا عن ركن السيارات؟ ومن سيفرض تطبيق سقف المشاركة البالغ 135 شخصا للحدث الواحد؟. وعجزت مبادرات المجموعة المسلمة لطمأنة المخاوف بتحديد سقف المشاركة وإلغاء لقاءات عائلية كانت مقررة كل شهرين وأداء صلاة الجمعة على دفعتين لضبط ازدحام السير، لكنها لم تؤد سوى إلى المزيد من الحذر والتوجس. وغالبا ما ترددت جملة "أنه ليس مناسبا للمكان ببساطة" في إشارة إلى المشروع. وطوال أشهر انعقدت سلسلة لقاءات عامة سجلت حضورا قياسيا، تخللتها الشتائم والتصريحات الغاضبة والعدائية ما أشعر البعض بالتعرض للتمييز وبعدم الترحيب. وكان التوتر جليا حتى قبل انعقاد اجتماع الاثنين في قاعة محاضرات مدرسة ثانوية، حيث انتحى الرجال المسلمون أحد جهاتها للصلاة بهدوء، فيما تلت مجموعة أخرى من السكان صلوات مسيحية بصوت مرتفع في الجهة المقابلة. الحفاظ على الهدوء ومع توافد أفراد من الحضور إلى المنصة لطرح أسئلة والإدلاء بتصريحات تعرض المتحدثون للمضايقة والمقاطعة، وهدد رئيس لجنة التخطيط مارك أوربان مرارا بطرد المشاغبين. وأخرجت الشرطة أحد السكان الذي أثار جلبة كبرى. كما هتفت امرأة "كم من طفل مات في ظل هذا الدين؟." وأضافت أخرى "تريدون المجيء إلى مجتمع صغير مترابط محب لكننا نريد جميعنا أن يبقى كذلك، هادئا ومسالما. لا نريد هذا الجامع الكبير". واتهم مؤيدو المشروع معارضيه بحيازة أفكار مسبقة، فنفى المعارضون الاتهامات بالتعصب مؤكدين أن مخاوفهم بشأن الازدحام والضجة مشروعة ولا علاقة لها بالدين. لكن أوربان الذي صوت ضد المشروع انتقد الطرفين وقال "كلاهما سيان. الأمور خرجت عن السيطرة"، موضحا أن "بعض الأمور التي شاهدتها معيبة ومهما حصل الليلة، آمل عندما نغادر المكان أن نتمكن من التوافق فهذا هو الأهم". كما أكد مسلمون نشأوا في بايون ويتولون وظائف فيها أنهم لم يشعروا بهذا القدر من التمييز سابقا مؤكدين أن الاحتجاجات أشبه باضطهاد ديني. "إساءة لا تصدق" وقال طالب جامعي يدعى حسين عيد (24 عاما) معلقا على بعض الاعتراضات "إنها مسيئة إلى حد لا يصدق"، مضيفا "هذا موقف يتخذه المرء ضد عدو أو جهة يرفض وجودها. هذا مهين". وبعد تصويت اللجنة على رفض المشروع، نفى اوربان أن يكون السبب دينيا وحث المسلمين على البحث على موقع آخر للمشروع. ووسط التشرذم الراهن للحملة المستمرة منذ عام لتحويل الموقع إلى مركز إسلامي، يتعذر على المسلمين العثور على مكان مناسب لأداء الصلاة، بعدما انتهى إيجار قبو استخدموه لهذا الغرض الشهر الماضي. قالت فهيمة اندرسون (59 عاما) التي تدير شركتها الاستشارية الخاصة "إنهم لا يأخذون جميع السكان في الاعتبار"، موضحة أنها تريد أن تصطحب ابنها البالغ عشر سنوات إلى المسجد بلا تكاليف سيارات الأجرة الباهظة للخروج من المدينة. وقالت "هذا محزن جدا لي لأننا اشترينا منزلا هنا، أردنا الاستقرار هنا"، لكن فيما أعرب المسلمون عن الصدمة والحزن رحب آخرون بقرار اللجنة. قال جون رينولدز (86 عاما) "هناك قصص كثيرة تقول إن هؤلاء الناس شرسون قاطعو رؤوس وغيرها، لست بحاجة إلى ذلك" مضيفا أنه مقيم قرب الموقع المقترح للمشروع منذ 50 عاما. كما أعرب عن تأييده لمرسوم حظر الهجرة الذي أصدره ترامب وقال "اعتقد أن أداءه رائع...هذا الرجل لا يمزح".
مشاركة :